عبد الكريم جلال
نوقِشَت مساء يوم السبت 23 يوليوز 2022م، بقاعة المحاضرات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ بني ملال أطروحة دكتوراه في التاريخ والتراث الجهوي، تقدّم بها الطالب الباحث عبد السلام أمرير، في موضوع الحلي والمجتمع، وتكوّنت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة الأفاضل:
الدكتورة سعاد بلحسين رئيسة.
الدكتور محمد العاملي مشرفا.
الدكتور الزبير بوحجار عضوا ومقررا.
الدكتور بودرقا الحسين عضوا.
الدكتور عبد الله ستيتو عضوا
وبعد العرض والمناقشة والمداولة لأعضاء اللجنة التي أشادت بالعمل وبالمجهودات التي قام بها الطالب الباحث في انجاز العمل وتقديمها لمجموعة من الملاحظات لتصويب العمل واخراجه في أحسن حلة مُنِح الطالب الباحث درجة الدكتوراه في التاريخ والتراث بميزة مشرف جدا مع التوصية بالطبع.
وتناولت هذه لأطروحة موضوع: “الحلي والمجتمع في المجال الممتد من الأطلس الكبير الغربي إلى جبل باني من القرن السادس عشر الميلادي إلى بداية الحماية الفرنسية”. وقد تم التركيز فها على دور الحلي في مقاربة المجتمع بقيمه الجمالية، وخبراته التقنية، وممارساته التنظيمية، وأنشطته الاقتصادية. وللإجابة على إشكالية البحث قسم الباحث العمل إلى ثلاثة أبوب:
الباب الأول: خصصه الباحث للحديث عن الصياغة في سوس بشكل عام، وكذلك التعريف بالحرفيين، وأدوات الصياغة، وتقنيات الصياغة، والمواد التي تدخل في إنجاز الحلي.
أما الباب الثاني: فقد استعرض فيه أنواع الحلي المنتشرة في مجال الدراسة، تبعا لأجزاء الجسد التي تشكل حوامل لهذه الحلي، وهي: الرأس، وجمع فيه الحلي الجبينية وأٌقراط الأذن، ثم العنق للقلائد، والصدر للمشابك، والمعصم للأساور، والأصابع للخواتم.
– الباب الثالث: جمع فيه كل العناصر المرتبطة بوظائف الحلي، وتطرق فيه للوظيفة الاقتصادية، وعلاقة الحلي بالثروة أطروحته بالادخار، والوظيفة الاجتماعية، مع تركيزه على علاقة الحلي بالمرأة، والوظيفة السياسية، من خلال آليات تدبير الحلي داخل القبيلة، وعلاقة هذه الحلي بالسلطة والنفوذ داخل الأوساط المخزنية.
وختم الباحث أطروحته بمجموعة من الاستنتاجات مفادها أن موضوع الحلي يؤدي إلى ملامسة جوانب أساسية في تاريخ المجتمع بمجال هذه الدراسة، حيث تبين له أن القرى في الجبال، أو الواحات في تخوم الصحراء، لم تكن معزولة عن حركة التجارة العالمية. وكانت المواد التي تدخل في تركيب الحلي تُستقدم من قارات مختلفة، وتصل إلى القرى النائية عبر شبكة من الطرق والأسواق، ولم يتوقف تدفق هذه المواد منذ القرن السادس عشر على الأقل، مما يؤكد أن التجارة كانت تتجاوز كل العوائق السياسية والعسكرية والثقافية لتربط بين الشعوب التي تفرقها الجغرافيا، ويجمعها الاهتمام بالأناقة والجمال. كما أكد الباحث على أن موضوع الحلي سافر به حتى موريطانيا في الجنوب، ونحو الجزائر وتونس في اتجاه الشرق، وبفضله وقف على روابط عميقة بين الصياغة في كل هذه البلدان. وتتجلى هذه الروابط في نوعية الأدوات المستخدمة، وفي بعض تقنيات الإنجاز، وفي تصاميم الحلي، بل وحتى في المعجم بمكوناته الأمازيغية والعربية، وهذا ما يبين أن الحرفيين في هذه المناطق صاغوا خصائصهم المحلية انطلاقا من إرث تاريخي مشترك. كما استنتج الباحث من دراسته أن الحلي المدخرة لدى العائلات ساهمت في التخفيف من مجموع من الازمات التي اجتاحت المنطقة والمغرب عامة من جفاف وأوبئة وحروب. كما أثار في خاتمة الأطروحة ثلاث قضايا يرى أنها في حاجة إلى استكمال البحث، ومن شأن دراستها أن تكمل الرؤية العامة لهذه الأطروحة، والتي تتطلب المزيد من العمل الميداني مع الحرفيين، والبحث في الوثائق التاريخية والأرشيفات العائلية، مع ضرورة نشر نتائج الأبحاث الأثرية التي أنجزت في المنطقة.
وفي الأخير، دعا إلى الاهتمام بالصياغة التقليدية، على المستوى القانوني لضمان حماية القطع النفيسة والتحف النادرة من أخطار الاتجار غير المشروع، مقترحا أن العمل على نقل هذه الإرث الفني للأجيال الصاعدة من الحرفيين، من خلال الحرص على إدماج الحمولة الثقافية التقليدية للحلي ضمن برامج التكوين في مراكز الصياغة.