تقرير بنك المغرب حول التعليم بالمغرب …هل لا زال “الهدف المنشود بعيد المنال”؟!

هيئة التحرير18 أغسطس 2022
تقرير بنك المغرب حول التعليم بالمغرب …هل لا زال “الهدف المنشود بعيد المنال”؟!
محمد بنوي : باحث في مجال التربية والمجتمع

 

تقديم :

 

قدم السيد ولي بنك المغرب يوم 30 يوليوز الماضي التقرير السنوي لهذه المؤسسة المالية الوطنية الى جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 23 لعيد العرش المجيد تضمن معطيات وخلاصات عن حالة المغرب في جميع المجالات ومن ضمن ما ورد في هذا التقرير، استنتاجات في غاية من الأهمية حول قطاع التعليم في بلادنا، فبقدر ما كان رأي البنك المركزي جريئا في تحليله لواقع منظومتنا الوطنية، بقدر ما جعل كل الغيورين على المدرسة المغربية يضعون أيديهم على قلوبهم متسائلين بنوع من الحيرة :لماذا بعد كل هذه المجهودات الرسمية والشعبية المبذولة وكل هذه الأموال الطائلة التي صرفت على الاقل خلال 22 سنة الماضية وبالتحديد منذ صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين(2000-2009) ، والبرنامج الاستعجالي (2009-2012) ،وخطة الإصلاح 2012-2015)، والرؤية الاستراتيجية 2015 2030) وما تمخض عنها من إجراءات وتدابير تمت صياغتها في قانون الإطار رقم 51/17 الذي دخل حيز التنفيذ في بداية الدخول المدرسي 2017-2018 ، حيث بدأت الوزارة الوصية في تزيل مواده وبنوده حتى جاء تقرير لجنة النموذج التنموي ودقت ناقوس الخطر من جديد باستنثاج في غاية من الجرأة بالقول :ا”التعليم بهذا الشكل الذي يوجد عليه لا يمكن له ان يحقق التنمية المنشودة على مستوى تأهيل العنصر البشري معرفيا وعلميا ؟”.

فماذا جاء في تقرير بنك المغرب الأخير ؟ وما الذي يتعين القيام به للخروج من ما عبر عنه أستاذنا المرحوم محمد عابد الجابري من هذا “المشكل المزمن ” منذ حوالي 50 سنة في مقدمة مؤلفه ” أضواء على مشكل التعليم بالمغرب “الصادر سنة 1973؟

هل هو حكم مفاجئ وصادم ام انه تحصيل حاصل؟

جاء بالحرف في التقرير ” المعطيات المتوفرة تشير الى أن الوضع مثير للقلق “فما الذي يثير ويبعث عن هذا القلق ؟ الجواب قدمه التقرير نفسه بالقول “تبين نتائج نسخة 2019 من البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات أن هدف مدرسة الإنصاف وتكافؤ الفرص في افق سنة 2030 لايزال بعبد المنال” لأن ما يلاحظ من خلال تنزيل إجراءات قانون الإطار انه لا يتم “تنفيذها استنادا الى الأهداف والآجال المسطرة “وهذا ما سيؤدي الى “عواقب على التعبئة التي من المفترض أن تصاحب هذا الورش الحاسم والتي تظل ضرورية لتحقيق اهدافه الطموحة ”
هذا باختصار أبرز ما جاء في التقرير ليجيب عن السؤال الإشكالي الذي طرحه اكثر من باحت ومختص ومهتم بالشأن التربوي الوطني بعد اقرار الرؤية الاستراتيجية وصدور قانون الإطار رقم 51/17 .هذا السؤال الإشكالي يمكن صياغته على الشكل التالي :”الى متى ستستمر عملية اصلاح التعليم ببلادنا ؟ هل سيتم القطع مع ما كان يحدث قبل اقرار الرؤية الاستراتيجية و الرغبة في اجرأتها وتنزيلها من خلال قانون 51/17 ؟ اي انه بمجرد البدء في تنفيذ مخطط او برنامج يتوقف في منتصف الطريق ويتم الانتقال الى مخطط وبرنامج اخر أو بتعبير المرحوم محمد عابد الجابري ودائما في نفس الكتاب المشار اليه سابقا ” وفي كل مرة كان اللاحق منها يلغي السابق او يعدله …ومع ذلك لم يزدد المشكل إلا تعقيدا ” ؟

لقد كان امل الجميع وبعد الرعاية والتتبع الملكي السامي ان تكون الرؤية الاستراتيجية وقانون الاطار بما يتضمنه من افكار وحلول واجراءات المدخل الحقيقي والانطلاقة الفعلية للتغيير ، وليس إصلاح وترميم فقط ‘للكيفية والطريقة التي تشتغل بها المدرسة والجامعة المغربيتين لكي يكون قطاع التربية والتكوين والتعليم فعلا هو قاطرة التنمية وآلية إنجاح النموذج التنموي المغربي لتتمكن بلادنا تدريجيا من الوصول الى المستوى الذي يوجد عليه التعليم على الصعيد العالمي .

خلاصة عامة :

 

إذا كانت بلادنا تتوفر على تراكم غني جدا على مستوى المرجعيات والتشريعات والقوانين وتتوفر أيضا على العنصر البشري النشيط الذي يشكل رأسمالا لا ماديا تفتقر اليه بلدان اخرى، فان ما ينقصنا هو الإنجاز على مستوى الواقع والممارسة .فليتحمل ،كل مدبر وممارس في الميدان مسؤوليته ،من الإدارة المركزية مرورا بالجهوية والإقليمية والمحلية ،وعلى صعيد كل مؤسسة تعليمية من الأولي الى العالي ، لكي يكون تعليمنا في مستوى تطلعات وانتظارات جميع المغربيات والمغاربة .فمثلما حققنا انجازات ومكتسبات مهمة في قضيتنا الوطنية الأولى(الوحدة الترابية ) نريد أن نحقق ونكسب نفس الرهان في قضيتنا الوطنية الثانية(التربية والتكوين والتعليم) وهذا ليس بعسير على شعب التحديات والإنجازات كالشعب المغربي .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة