تاكسي نيوز
تنظم كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، بجامعة السلطان المولى سليمان- بني ملال ، المؤتمر الدولي الثاني المتعدد التخصصات تحت شعار :”جهة بني ملال خنيفرة : المجال الانسان التراث الثقافة”، وذلك أيام 26 -27 – 28 أبريل 2023 ، وفيما يلي بلاغ عن اللجنة المُنظمة (اضغط على الكتابة الزرقاء) لارضية العلمية للندوة الدولية المتعدد التخصصات بثلاث لغات :
الأرضية العلمية للندوة الدولية الثانية
بعد مضي ما يربو عن ثلاثة عقود من الزمن على تنظيم الملتقى العلمي الأول لمنطقة تادلا في ربيع سنة 1992 حول موضوع: “تادلا، التاريخ، المجال، الثقافة”، بانت الحاجة ماسة اليوم لتنظيم نسخة ثانية لهذا الملتقى بعد التحولات الهيكلية التي شهدتها الخريطة المجالية والترابية للجهة، وما ترتب عنها من أثر واضح على النسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمجتمع الجهوي، مع ما واكب ذلك من حركية علمية واعدة وطموحة جعلت جامعة السلطان مولاي سليمان منذ أن أبصرت النور (مطلع الموسم الجامعي 2008 ) تنفتح انفتاحا واسعا ومثمرا على محيطها السوسيو- اقتصادي وتتفاعل، من خلال مراكزها العلمية وبنياتها البحثية الوليدة آنذاك، تفاعلا منتجا وبناء مع مختلف الأسئلة والشواغل الكبرى التي ظلت تطرحها رهانات التنمية الجهوية في بعديها المادي واللامادي في شتى المجالات والقطاعات.
فمع التوسع المجالي الذي عرفته جهة تادلا إثر عمليات التقطيع الإداري والترابي المتجددة والتي أهلتها، كما هو معروف، ضرورات سياسة إعداد التراب الوطني في العقود الثلاثة الأخيرة، صارت امتدادات جهة بني ملال خنيفرة تغطي مجالات اقليمية جديدة أوسع وأغنى مما كان قائما من قبل يتكامل في بوثقتها الجبل مع الدير والسهل في وحدة جغرافية وبشرية موصولة الحلقات مندمجة المكونات. كما أصبحت، بموازاة ذلك، موارد الجهة الاقتصادية ومصادر إنتاج الثروة المادية والرمزية فيها أكثر تنوعا وثراء وتكاملا من ذي قبل. فإلى جانب الاقتصاد الفلاحي الذي شكل القطاع الإنتاجي الأهم الذي ظل يستقطب جل أنشطة السكان منذ فترة ما قبل الاستعمار إلى اليوم، نمت وازدهرت، بالتوازي مع ذلك، الصناعات الغذائية والتحويلية بصورة مضطردة وتطورت أنشطة التجارة وتوسعت آفاقها وشبكاتها مما أسهم في تنامي رؤوس الأموال وتنوع المعروض من السلع في الأسواق المحلية، كما عرف قطاع الخدمات بدوره دينامية ، ملحوظة بفعل تدفق الاستثمارات في روافد إنتاجية مختلفة تعززت معها حركية تداول الأموال وتحويلاتها بين جهة بني ملال – خنيفرة وغيرها من الجهات الأخرى من داخل المغرب وخارجه، دون أن ننسى في هذا الإطار القطاع المنجمي الذي تشكل فيه ثروة الفوسفاط أبرز وأهم مورد اقتصادي حيوي سيمثل، دون شك، في المستقبل المنظور. قيمة مضافة لتطوير وتأهيل النسيج الاقتصادي الجهوي والنهوض بأوراش التنمية المؤجلة منذ عقود بعد أن صار إقليم خريبكة جزءا لا يتجزأ من المنظومة الترابية والإدارية لجهة بني ملال – خنيفرة.
والمؤكد أن المتتبع والمتأمل لسيرورة هذه التطورات في عموم ملامحها ومساراتها ، لن يجد أي صعوبة تذكر في رصد وتلمس مظاهر التحولات التي صاحبتها على صعيد بنيات المجتمع وثقافته ونسقه القيمي حتى وإن كانت لا تزال وتيرتها تسير ببطء في غالب الأحيان منذ الاستقلال إلى اليوم، فبعد تجربة الاستيطان الزراعي ومشاريع الري الكبرى التي أقامتها الحماية الفرنسية في سهل تادلا مع ما رافق ذلك من إعادة تنظيم للإدارة المحلية ودعم نفوذ نخب محددة على حساب قوى اجتماعية جديدة في سبيل مراقبة المجال وهيكلته على أسس جديدة، دخلت العديد من المؤسسات والتنظيمات الاجتماعية والثقافية المحلية التي كانت فاعلة فيما مضى في المشهد الاجتماعي الجهوي مرحلة من الضمور والتراجع كان على رأسها في هذا السياق مؤسسة القبيلة والزاوية والأدوار والتمثلات الذهنية المرتبطة بهما زمنا بعيدا، فضلا عن العديد من الأعراف والتقاليد الجماعية التي كانت تحتكم إليها القبائل في الجبل كما في السهل لتدبير شؤون حياتها اليومية والتي مثلت، في تعبيراتها المتعددة وأبعادها الوظيفية، إرثا تاريخيا وتراثيا مشتركا وثقته الذاكرة الجماعية المحلية ورعته بدقة وتفصيل منذ عقود من الزمن.
وإذا كانت هذه التحولات، على الأقل في حدود العتبات التي توقفنا عندها حصراء قد انعكست آثارها بشكل جدلي على الأنماط الفكرية والذهنية والسلوكية للمجتمع بعد أن تسربت إلى حياة الأفراد والجماعات كثير من مظاهر التحديث والتجديد التي هبت رياحها على المجال التادلي في ركاب الغزو الفرنسي، فإن مسار هذه التحولات ووتيرة توسعها قد ازدادت أكثر فأكثر في صلب . المجال والمجتمع ونظامه الثقافي مع المشاريع التنموية والبرامج التحديثية التي استفادت منها مدن وقرى تادلا في مغرب الاستقلال، ولذلك، واعتبارا لوجاهة هذه الحيثيات والمداخل التأطيرية، تعتبر في اللجنة المنظمة أن تنظيم هذا الملتقى سيكون، دون أدنى شك، محطة علمية متميزة ومرصدا في غاية الأهمية والدلالة، لأنه سيتيح للمشاركين في أعماله وفعالياته فرصة تأمل وتحليل حصيلة التطورات التي شهدتها جهة بني ملال – خنيفرة، مجالا ومجتمعا وثقافة، في لحظات تاريخية متباينة وفاصلة كتلك التي مرت بها على وجه الخصوص في سياق متغیرات مرحلة الحماية الفرنسية ثم لاحقا في سياق الجهود التي بذلتها الدولة الوطنية بعد الاستقلال في مجال التنمية الجهوية والمحلية إلى حدود مطلع الألفية ، ثم لأنه سيسمح ، من جهة أخرى، لمختلف التخصصات في مجال العلوم الاجتماعية للالتقاء والتناظر في حوار علمي مثمر وهادف تتنوع فيه القراءات والتحليلات وتفتني فيه المقاربات والتصورات وتتكامل فيه الخلاصات والاستنتاجات.
ولئن كنا على يقين بأن هذا الملتقى ليس سوى استمرار وتكملة للملتقى العلمي الأول حول تادلا في البدء كما في المنتهى، فإن أمالنا في نجاح أشغاله تبقى كبيرة للغاية لأن تنظيمه يأتي في ظرفية انخرط فيها المغرب في أوراش الجهوية المتقدمة التي أعطت لصناع القرار على صعيد الجهات من مسؤولين ومنتخبين وشركاء محليين صلاحيات أوسع التخطيط والتدبير واتخاذ المبادرات التي من شأنها تأهيل الجماعات الترابية وتنمية مواردها وتجويد خدمة المرفق العمومي فيها وهي ذات الغايات التي ارتكزت عليها أيضا فلسفة النموذج التنموي الجديد الذي ربط التنمية في الجهة الترابية بترسيخ قيم المواطنة والحكامة وتأهيل الرأسمال البشري ، كما يأتي هذا الملتقى، من ناحية أخرى، في سباق استكملت فيها جامعة السلطان مولاي سيلمان هيكلة مؤسساتها التربوية والعلمية والتكوينية بعد أن استقلت بذاتها منذ ما يقرب من عقدين من الزمن وصارت لها بنيات بحث متخصصة وكفوءة في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية كما أصبحت لها، في الوقت نفسه، تكوينات علمية في حقول معرفية متنوعة في سلك الماستر والدكتوراه ينصب اهتمام بعضها بشكل أساسي على قضايا التاريخ والتراث والتنمية الجهوية واستطاعت في ظرف وجيز أن تخلق تراكما علميا وبحثيا بات يحظ بتقدير خاص في الأوساط العلمية والأكاديمية الوطنية.
وللاقتراب من الأهداف والغايات العامة التي تراهن اللجنة المنظمة للوصول إليها من خلال تنظيم هذا الملتقى العلمي الدولي، تقترح المحاور التالية كإطار ناظم لاختيار
مواضيع المشاركة :
– التاريخ الجهوي: المفاهيم والمناهج والمقاربات
– تاریخ جهة بني ملال خنيفرة: المصادر و القضايا والإشكاليات
-البنيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للجهة: الأنماط والتحولات والمآلات
– الثراث وقضايا التنمية الجهوية: المداخل والإمكانات ومناهج التدبير
– التراث الديني والرأسمال الرمزي؛ التجليات والامتدادات وآليات الاستثمار
– تدبير المجال الجهوي بين الأمس واليوم: المسارات والسياسات والنتائج
-المدينة والمجال الجهوي: التخطيط والتدبير والتحديات
– التنمية وإشكالية الهشاشة والفقر في المجال الجهوي
– تطور الأوساط الطبيعية في الجهة وتدبير المخاطر البيئية
– التنوع اللسني والثقافي وأسئلة الخصوصيات الجهوية
– التحولات المجالية لجهة بني ملال – خنيفرة بين تحديات الواقع وآفاق المستقبل
– الجهوية المتقدمة وأسئلة التنمية الجهوية: الرهانات والانتظارات
– النموذج التنموي الجديد وممكنات التنمية الجهوية: الرؤى المقترحة والأفاق المنتظرة.
اضغط أسفله :