كما هو معلوم فجهة بني ملال خنيفرة تعد من بين أكثر الجهات فقرا وتهميشا على الصعيد الوطني ،بفعل سياسات عمومية فاشلة ،أدت إلى جعل مصطلح “مواطن من درجة ثانية” من بين أكثر المصطلحات المتداولة في القاموس اللغوي الشفهي داخل تراب الجهة ،مصطلح إرتبط إرتباطا وثيقا بوصف الحالة المعيشية لسكان منطقة ما ،لكن حدثا كبيرا شهدته القاعة الكبرى لولاية جهة بني ملال خنيفرة خلال يومي 24 و 25 مارس الماضيين أعطى للمصطلح أبعادا أخرى.
مجلس جهة بني ملال خنيفرة و جمعية أحمد الحنصالي تنظمان لقاء علميا حول :”الذكاء الترابي في خدمة التنمية المجالية “…كان هذا إعلانا تم تعميمه على مختلف وسائل الإعلام المحلية و الجهوية و الوطنية للحضور بكثافة لتغطية هذا الحدث الذي صرفت عليه الملايين من السنتيمات من أموال دافعي الضرائب ،حدث عرف الحديث بشكل مطول من طرف كل المتدخلين عن ضرورة نهج المقاربة التشاركية في وضع سياسة عمومية محلية تهدف الخروج بأدوات و آليات قائمة على تحديد واقع للمجال الترابي الجهوي بخصوصياته و مؤهلاته ،لكن يبدوا أن المنظمين نسوا أو تناسوا إشراك واحد من بين أهم الفاعلين المحليين المعنيين بهذا النقاش ،وهم أطر البرنامج الحكومي لتكوين المجازين ،تخصص تدبير المجال و حماية البيئة ،لما راكموه من تجربة و حمولات معرفية في هذا المجال الحيوي الذي أصبح في الآونة الأخيرة موضوعا للساعة.
إقصاء غير مبرر يحيلنا على العقليات البائدة للمنظمين الذين إعتمدوا سياسة الكيل بمكيالين في توجيه الدعوات لمن يستحق ذلك ،ولمن هو قادر على تقديم الإضافة المرجوة خلال هذا المنتدى الدولي ،إقصاء ترك علامات إستياء واضحة على جبين كل الأطر المعنية ببرنامج حكومي راهن القائمون عليه على تكوين أطر قادرة على تقلد زمام القيادة في القريب العاجل في مجال حيوي ،يعنى بكل ما يتعلق بالمجال و خصوصياته و إيجاد حلول لمشاكله ،خاصة منها المتعلقة بالبيئة التي أصبحت الآن رهان كل الشعوب ،بإعتبار المتغيرات الدولية في هذا المجال ،و التي أبرزها بشكل جلي مؤتمر علمي عالمي بحجم “كوب 22” المنظم مؤخرا بمراكش.
إقصاء يجعلنا نطرح أكثر من سؤال حول الأسباب الكامنة ورائه…هل الوقفات الإحتجاجية التي خاضها الأطر خلال الاسابيع القليلة الماضية أمام مقر جهة بني ملال خنيفرة للمطالبة ببعض الحقوق و المطالب المشروعة كان لها دور أساسي في هذا الإقصاء ؟هل هي سياسة ممنهجة من طرف المنظمين لدعوة كل من يرفع سياسة “العام زين” ؟ هل يعتبر المنظمون أن هؤلاء الأطر هم مجرد “أطر من درجة ثانية” ؟ أسئلة من بين أخرى ننتظر جوابا شافيا عنها ،على الرغم من علمنا المسبق أن كل التبريرات لن تستطيع أن تطفي نار الحسرة على إقصاء أطر علمية مكونة على أعلى مستوى…
وعلى العموم عدم حضور أطر البرنامج الحكومي لتكوين المجازين تخصص تدبير المجال و حماية البيئة هو خسارة للملتقى قبل أن يكون خسارة للأطر أنفسهم…