عزيز المسناوي
وسط أزمة الغلاء الفاحش و التدهور الخطير للقدرة الشرائية للمغاربة، تزامنا مع شهر رمضان الأبرك، عقد المكتب السياسي لحزب التقدم و الإشتراكية إجتماعا إستثنائيا زوال يوم الخميس 30 مارس الجاري، خصص لتدارس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية و السياسية، الذي قرر على إثر ذلك أن يوجه رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، توصلت جريدة تاكسي نيوز بنسخة منها، سجل فيها، بقلق بالغ، الاستخفاف الذي يطبع تعاطي الحكومة اللامبالي واللامسوؤل مع الغلاء الفاحش، الذي لا يـــطاق، لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، بما يؤدي إلى تعاظم الغضب وتصاعد الاحتقان شعبيا، وبما يهدد السلم الاجتماعي.
وعبر حزب التقدم والاشتراكية، عن استنكاره لصمت الحكومة، ووقوفها موقف المتفرج إزاء الأوضاع التي تمس كل الفئات الاجتماعية خاصة ذوي الدخل المحدود والفئات المعوزة و المستضعفة و الفئات الوسطى.
وحذر التقدم والاشتراكية، ضمن الرسالة التي تلاها الأمين العام للحزب محمد بنعبد الله، خلال ندوة صحفية بمقر الحزب بالرباط، من تواتر خيبات المغربيات والمغاربة تجاه التطمينات الشفوية وتعبيرات الارتياح التي تطلقها الحكومة ويفندها الواقع المعيش وكذا إصدارات بنك المغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمندوبية السامية للتخطيط، والتي تنبه إلى دقة الأوضاع واتساع رقعة الفقر.
وشدد بنعبد الله، على ضرورة تحمل الحكومة مسؤولياتها كاملة حيال الوضع الاجتماعي المقلق، والتخلي نهائيا عن خطاب تبرير الوضع بالتقلبات الدولية، والإختباء وراء الظروف المناخية، والتحجج المغالط بإرث الحكومات السابقة، مسجلا أنه بعد مرور سنة ونصف من عمر الحكومة دون اتخاذها إجراءات قوية وفعلية لحماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، ولمقاومة صعوبات الظرفية، هو العامل الرئيسي في المعاناة القاسية التي يعيشها المغاربة اليوم مع الغلاء التاريخي وغير المسبوق للأسعار منذ عقود.
وطالب التقدم والاشتراكية، الحكومة بـالتحرك العاجل والناجع، من خلال الإعلان عن مخطط دقيق وشامل، والذي لا يمكن أن يعتمد فقط على تعديلاتٍ في السياسة النقدية أبانت عن محدودية آثارها، ولا على ترك التضخم المفرط يستمر من غير مقاومة ولا إجراءات مضادة تحمي القدرة الشرائية للمغاربة.
وأكد نبيل بنعبد الله، خلال الإجتماع الإستثنائي للمكتب السياسي، أنه يتعين أن يمكن هذا المخطط من التصدي الجدي للتدهور المطرد للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وذلك بالنظر إلى المؤشرات والمعطيات الرسمية المقلقة، ولا سيما منها ارتفاع أثمان المواد الغذائية ب 20,1بالمائة، وتوقعات بلوغ التضخم نسبة 5.5 بالمائة هذه السنة.
ونبه الأمين العام، إلى فقدان الاقتصاد الوطني لنحو 24 ألف منصب شغل وإفلاس نحو 12400 مقاولة خلال سنة 2022، وتراجع توقعات نسبة النمو برسم سنة 2023 إلى 2.6 بالمائة فقط؛ والدخول الإضافي لملايين المغاربة ضمن عتبة الفقر والهشاشة، ليس فقط من جراء تداعيات جائحة الكوفيد، ولكن أيضاً بسبب غلاء كلفة المعيشة.
ودعا التقدم والاشتراكية، إلى استعمال مقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة التي تتيح للحكومة التسقيف المرحلي لأسعار المواد التي تشهد ارتفاعاً فاحشاً، مطالبا بإعمال مراقبة حقيقية للسوق الوطنية، ومعالجة اختلالات سلاسل التسويق، والزجر الصارم للممارسات الفاسدة لبعض كبار الوسطاء والمضاربين والمحتكرين، عوض التركيز على المراقبة الشكلية لتجار التقسيط المستضعفين.
وشدد حزب الكتاب، على إجراء تقييم فوري لدعم أرباب النقل الذي ليس له وقع إيجابي ملموس، مع دعم القدرة الشرائية للمغاربة، من خلال التوظيف الاجتماعي الأمثل للمداخيل الإضافية والاستثنائية المهمة المتأتي أغلبها من ارتفاع الموارد الضريبية، وتقديم الدعم المباشر للأسر الفقيرة، وإعمال دخل الكرامة للمسنين والزيادة في دخل الأجراء الصغار والمتقاعدين.
كما دعا في رسالته إلى ضبط سوق المحروقات، وتنقيته من تضارب المصالح، ومن كافة الممارسات والتواطؤات المنافية للشفافية والنزاهة، والتدخل لضمان انخفاض أسعار المحروقات عند الاستهلاك بما يتناسب فعليا مع انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، مع التضريب المناسب للأرباح الفاحشة التي تجنيها شركات توزيع المحروقات، وإيجاد حل عملي وبنَّاء من أجل إعادة تشغيل لاسامير.
طالب المكتب السياسي لحزب الكتاب، التسريع بإخراج النصوص التنظيمية من أجل تمكين مجلس المنافسة من القيام بدوره كاملاً في مجال مراقبة الأسعار ومحاربة المضاربات والاحتكار غير المشروع والادخار السري للسلع، داعيا إلى إعطاء الأولوية للأمن الغذائي الوطني. مع ما يستلزمُهُ ذلك من تقييمٍ سريع، موضوعي وجريء، لنتائج مخطط المغرب الأخضر، ومراجعة عميقة لمخطط الجيل الأخضر وللسياسات الفلاحية المعتمِدة الآن أكثر على الإنتاج الموجه للتصدير.
وشدد التقدم و الإشتراكية، على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة، من أجل إقرار شروط الحكامة الجيدة والتكامل والالتقائية والتعاون بين مختلف المؤسسات الوطنية، ومن أجل الإعمال الحقيقي لدولة القانون في المجال الاقتصادي، ومكافحة الريع والفساد والاحتكار غير المشروع، بغاية توفير الأجواء المناسبة لجلب الاستثمار وإحداث مناصب الشغل.
إلى ذلك، أعلن الأمين العام للحزب، أن التقدم والاشتراكية سيواصل نضاله وترافعه، من موقع المعارضة الوطنية، البناءة والمسؤولة، وبجميع الوسائل المشروعة والممكنة، من أجل دفع الحكومة إلى التحرك الناجع والقوي، لحماية القدرة الشرائية للمغاربة، وإقرار العدالة الاجتماعية والمجالية، وتقوية الاقتصاد الوطني.
وشدد نبيل بنعبد الله، على ضرورة توطيد البناء الديموقراطي وتوسيع فضاء الحقوق والحريات والمساواة، وضمان العيش الكريم لأوسع فئات شعبنا، مع أمل تعامل الحكومة الإيجابي مع مختلف التعبيرات الشعبية الاحتجاجية المشروعة والمسؤولة، معتبرا أن هذه المسارات المتوازية والمتكاملة وحدها ما يسمح بتمتين الجبهة الداخلية لكسب كافة الرهانات الداخلية والخارجية للمملكة.