شكلت جلسة الأسئلة الشفوية التي التأمت الثلاثاء بمجلس المستشارين لحظة متميزة لاقترانها بالانطلاق الرسمي لعملية الترجمة الفورية لأشغال الجلسة إلى اللغة الأمازيغية بتعبيراتها الثلاثة، وذلك تفعيلا للطابع الرسمي للأمازيغية في مختلف المجالات العامة، وضمنها مجال التشريع والعمل البرلماني.
وتأتي هذه الخطوة التي يحدو فيها مجلس المستشارين حدو مجلس النواب، في إطار التواصل مع جميع الفئات المجتمعية، ترجمة للفصل الخامس من الدستور الذي ينص على أن الأمازيغية لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء.
كما تندرج في إطار ورش طموح للمجلس غايته إدماج اللغة الأمازيغية في مختلف هياكله وأشغال جلساته وأعمال لجانه وبياناته وبوابته الإلكترونية بما يسهم في تعزيز صورته ويجعله مجلسا متعددا، ويقرب خطابه من عموم المواطنين.
والأكيد أن انفتاح مجلس المستشارين على اللغة الأمازيغية باعتبارها مكونا أصيلا من مكونات الهوية المغربية المتعددة الروافد، سيعزز دائرة الاهتمام بأعماله وبأداء مكوناته فضلا عن تعزيز علاقاته مع المؤسسات الوطنية أو الدولية، ورسم ملمح مشرق عن مستوى التطور الحاصل في المنظومة المؤسساتية بالمملكة ونمط اشتغالها.
وينص القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية على “إدماج الأمازيغية في مجال التشريع والتنظيم والعمل البرلماني”، كما تنص المادة 9 منه، على أن اللغة الأمازيغية تستعمل إلى جانب اللغة العربية “في إطار أشغال الجلسات العمومية للبرلمان وأجهزته، ويجب توفير الترجمة الفورية لهذه الأشغال من اللغة الأمازيغية وإليها عند الضرورة”.
وتقضي المادة 10 من القانون التنظيمي ذاته بنقل جلسات البرلمان بمجلسيه مباشرة على القنوات التلفزية والإذاعات العمومية الأمازيغية، مصحوبة بترجمة فورية لأشغالها إلى اللغة الأمازيغية.
وفي تصريح لقناة M24 التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، إن انطلاق الترجمة الفورية إلى الأمازيغية للجلسات العامة لمجلس المستشارين التي أعطيت انطلاقتها اليوم هي ثمرة شراكة بين المجلس والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والوزارة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي واصلاح الإدارة.
وأورد ميارة أن الترجمة إلى الأمازيغية (تريفيت، تشلحيت، تمزيغت) تأتي في إطار العمل على تطبيق الدستور والقوانين المتعلقة بترسيم وترسيخ اللغة الأمازيغية في أعمال مجلس المستشارين، معتبرا أن هذه التجربة تهم في البداية الجلسات الأسبوعية والشهرية، في انتظار ترجمة محاضر اللجان التي ستنطلق بدورها حين “تتم التهيئة الموضوعية لذلك”.
من جهته، أكد الصحفي باللغة الأمازيغية، قيدوم الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، محمد مناجي، في تصريح مماثل أن مجلس المستشارين من بين المؤسسات التي انخرطت في ورش تنزيل مقتضى القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، مشيرا إلى أن كل التجهيزات التقنية التي تم توفيرها بمجلس المستشارين في مستوى جيد جدا بما يضمن إنجاح هذه التجربة من حيث ضمان الحق في الولوج إلى المعلومة البرلمانية.
وأضاف مناجي، الذي يشتغل في الترجمة الفورية إلى الأمازيغية بالمجلس،أن إطلاق هذه الخدمة المهمة من شأنه تمكين المواطنين المغاربة الناطقين باللغة الأمازيغية من متابعة الشأن البرلماني، مشيرا إلى أن المغرب من الدول الرائدة في مجال ضمان واحترام التعدد اللغوي، باعتباره معطى يميز المجتمعات والشعوب.