أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، أن التأثر السريع للقطاع السياحي بالأزمات، والذي أكدته الدروس المستخلصة من جائحة كوفيد19 التي عرفها المغرب على غرار باقي دول العالم، بات يفرض وضع تصور شمولي حول نموذج مغربي مبتكر لسياحة مستدامة قادرة على مواجهة التحديات على اختلاف أشكالها، سواء الصحية منها، أو البيئية، أو الاقتصادية.
وأبرز أخنوش، في معرض رده على سؤال محوري في إطار جلسة المساءلة الشهرية حول موضوع “السياسة السياحية الوطنية أن الحكومة تعمل”في هذا الإطار على تنويع العرض السياحي وملاءمته مع المتطلبات الجديدة للسياح خاصة فيما يخص السياحة الثقافية والقروية والجبلية والإيكولوجية، مما سيمكن المغرب من استقطاب شريحة متنوعة من الزوار على مدار السنة.
وأوضح أخنوش أنه في ما يتعلق بالسياحة الثقافية، ونظرا للمكانة التي تحتلها في الاقتصاد السياحي، عملت الحكومة على تثمين الموارد الثقافية الغنية والمتنوعة وتحويلها إلى منتجات سياحية موضوعاتية من أجل تطوير عرض متكامل وجذاب، عبر وضع مخطط يهدف إلى المحافظة على الهوية الثقافية الوطنية وجعلها رافعة للتنمية المجالية، وإطلاق مشروع إنجاز “علامة تراث المغرب” للحفاظ على التراث الغير المادي، إضافة لتعزيز شبكة البنيات التحتية الثقافية بمختلف جهات المملكة عبر تأهيل وتثمين المدن العتيقة.
وسجل رئيس الحكومة أن هذا التأهيل لا ينحصر في البنيات فقط، بل يتجاوزه للتسيير والتنشيط، لضمان استدامة جاذبيتها لمختلف فئات السياح، سواء المغاربة أو الأجانب.
وفي ما يخص السياحة القروية والجبلية، أفاد أخنوش أن الحكومة عملت على تثمين هذا المنتوج السياحي من خلال تعزيز مكانته واستغلال مؤهلاته حتى يرقى إلى المستوى المطلوب للرفع من تنافسيته وتعزيز جاذبيته، مشيرا إلى أنه يتم تفعيل مجموعة من الاتفاقيات لتمويل وتنفيذ المنتوج الطبيعي مع جهات كلميم وادنون، العيون الساقية الحمراء، الداخلة واد الذهب، بني ملال خنيفرة ، فاس مكناس .
وبخصوص السياحة الإيكولوجية، عملت الحكومة، بحسب أخنوش، على وضع استراتيجية متكاملة لإبراز الثروة البيئية للمجالات الطبيعية، عبر تطوير منتوجات صديقة للبيئة تحترم مبادئ الاستدامة، لافتا إلى أن المغرب وبالنظر لموقعه الجغرافي المتميز يتوفر على 9 ملايين هكتار من التشكيلات الغابوية الغنية والمتنوعة.
وأكد أنه رغبة في تثمين المنتوج الغابوي والبيئي وصيانته مما يهدده، تم إنشاء حوالي عشرة منتزهات وطنية، إضافة إلى 154 محمية طبيعية. والتي سيتم تأهيلها في إطار استراتيجية” غابات المغرب 2020 – 2030″، التي أعطى الملك محمد السادس انطلاقتها، “مما سيساهم لا محالة في النهوض بالموروث الغابوي والتثمين السياحي للمنتزهات الوطنية العشر، وإعطاء الانطلاقة الفعلية لسياحة بيئية مزدهرة تصبو إلى جلب حوالي مليون سائح في أفق سنة 2030”.
وشدد أخنوش على أن الأهمية الكبيرة التي توليها الحكومة للقطاع السياحي،نابعة من إيمانها إيمانا منها بدور الرافعة الذي يلعبه لفائدة الاقتصاد الوطني، فضلا عن كونه يفتح آفاقا واعدة، في مجال توفير فرص الشغل. إضافة إلى باقي الأدوار التي يلعبها القطاع في الانفتاح على الآخر، ومد جسور التواصل والتعارف بين الشعوب، والتحرر من نزوعات التعصب والانغلاق.
وقال، إن التراكمات والمقومات والمؤهلات التي يملكها المغرب والتي تجعل منه وجهة سياحية رائدة إقليميا ودوليا، “وهو ما يعززه الأمن والاستقرار الذي تعرفه بلادنا تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس” يستدعي “رفع سقف طموحاتنا عاليا، لنكون في مستوى التطلعات”.
ونوه رئيس الحكومة في هذا السياق، بمختلف الفاعلين في القطاع السياحي، مثمنا الأدوار التي لعبوها تماشيا مع المجهودات الحكومية للصمود أمام تداعيات الأزمة الصحية، والحفاظ على مناصب الشغل.
وأهاب بمختلف المتدخلين، لتعزيز انخراطهم في الدينامية التي يعرفها القطاع السياحي بعد الشروع في تنزيل خارطة الطريق الاستراتيجية 2023 – 2026، لإبراز مقومات المغرب كوجهة سياحية متميزة، مع الأخذ بعين الاعتبار توسيع قاعدة العرض السياحي الوطني، واحتدام المنافسة على الصعيدين الإقليمي والدولي، والعمل على ابتكار أساليب جديدة ناجعة في مجال التسويق والترويج والتواصل، لتحقيق الاستغلال الأمثل للمؤهلات السياحية التي تزخر بها المملكة، “ما من شأنه أن يساهم في إشعاع المملكة خارجيا، وتكريس مظاهر الرخاء الاقتصادي والاجتماعي داخليا”.
كما دعا أخنوش جميع الفاعلين العموميين والاقتصاديين للمزيد من التعبئة وتضافر الجهود لإنجاح الرؤية الاستراتيجية الطموحة للقطاع، وحث المؤسسات البنكية على تقديم المزيد من الدعم للاستثمارات السياحية، لمواكبة مبادرات المستثمرين، المغاربة منهم والأجانب، في إنجاز مشاريعهم.