عزيز المسناوي
عاد شبح الموت من جديد، صباح أمس الثلاثاء 25 أبريل الجاري، ليرخي بظلاله على مقالع للرخام بسيدي بوعباد ضواحي كهف النسور التابعة لنفوذ إقليم خنيفرة، بعد أن اهتزت المنطقة على واقعة مصرع عاملين منجميين يبلغان من العمر حوالي 18 و 40 سنة، وينحدران من مركز كهف النسور، حيث لقي حتفهما أثناء مزاولة عملهما بقلب مقلع للرخام إثر انهيار صخري مفاجىء، وذلك في ظروف مستفهمة وفق المعطيات الأولية بشأن الحادث.
وارتباطا بالحادثة المميتة التي أصابت المنطقة بحالة من الألم والغضب، تمكن رجال الإنقاذ بصعوبة من انتشال جثة العامل المنجمي الهالك و البالغ من العمر 18 سنة، نظرا للطبيعة التكتونية للمنطقة و هشاشة التربة و تواجده بمحاذاة من جبال صعبة ووعرة الإختراق، وكذلك للكمية الهائلة من الصخور و التراب المنتشرة بالمكان، فيما لايزال البحث جاريا عن شخص آخر كان رفقته يبلغ من العمر 40 سنة.
شهد مسرح الواقعة حلول عدد من عناصر الدرك الملكي والسلطات المحلية والوقاية المدنية، حيث تم فتح تحقيق ميداني في ملابسات الحادث، كما تم نقل الجثة الشاب نحو المستشفى الجهوي ببني ملال لأجل إخضاعها للتشريح الطبي، وفق الإجراءات المعمول بها في مثل هذه الحوادث، وذلك قبل السماح بتشييع جثمان الهالك إلى مثواه الأخير.
ومعلوم، حسبما يقال دائما، أن عددا من «ضحايا لقمة العيش» قد تساقطوا، إما جرحى أو قتلى، بعدد من المناجم و المقالع المتواجدة بإقليم خنيفرة، حيث عاشت هذه المناجم و المقالع الكثير من المآسي ، ولا تزال لعنة «حوادث أغوار الموت»، تتواصل بشكل مثير للألم والجدل، وتشدد في كل مرة على تدخل الجهات المسؤولة والقضائية بشكل جاد وسريع، من أجل فتح تحقيق شامل في الأوضاع القائمة بهذه المناجم والمقالع، وفي ملابسات هذه الحوادث المميتة، لتحديد المسؤوليات وإعمال مبدأ عدم الإفلات من المساءلة والمحاسبةو العقاب، والمطالبة بالوقوف الجدي و الميداني على الظروف الإقتصادية والإجتماعية لأسر الضحايا، وكذلك لإنكباب الفوري على متابعة أوضاع العمال ومدى احترام الشركات للمقتضيات المنصوص عليها في مدونة الشغل.
وسبق للأوساط المتتبعة أن تناولت أكثر من مرة موضوع الأوضاع المأسوية و الحوادث المؤلمة و الضغوط النفسية و المعنوية التي يشتغل فيها العمال بالمقالع الذين يشتكون من انعدام الحقوق و الشروط المعنية بالصحة و السلامة وكذلك عدم التصريح بهم بالصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، كما أنهم يعانون من استمرار تشغيلهم بأجور مخجلة لا تتناسب و ظروف الإستغلال و الجشع الممنهجة ضدهم بأشكال مفضوحة من طرف بعض أرباب المقالع.