قبل الخوض في محاولة الاجابة عن هذا التساؤل لا بأس من التأكيد على الملاحظات التالية:
1- ان دور المربي(ة) لا يظهر فقط في اخر السنة الدراسية قبل وأثناء انجاز الفروض والامتحانات الاشهادية النهائية بل ان من واجب كل فاعل تربوي أن يقوم بذالك الدور بشكل يومي وعلى مدار السنة الدراسية بما فيها العطل المدرسية.
2- ان هذا الكلام، الذي هو عبارة عن توجيهات وارشادات موجه الى كل مربية ومربي مهما كان موقعه في المنظومة التربوية والاجتماعية وكيف ما كانت علاقته بالمتعلم(ة) بمن فيهم كاتب هذه السطور الذي يعترف بتقصيره في أداء واجبه كما ينبغي تجاه ناشئتنا مهما كانت الأعذار.
3- مهما كان حال منظومتنا التربوية بكل تراكماتها ورغم كل الانتكاسات والصدمات وخيبات الآمال ومهما كانت التعثرات التي رافقت كل أو بعض المشاريع التربوية لحد الان فان ذلك لا يعني الاستسلام للتشاؤم ولليأس وعدم الانتباه و الاعتراف بما تحقق من انجازات ومكتسبات ايجابية وان نحاول الابتعاد عن تلك المقولة التي غالبا لا تكون صائبة “لاشيئ تحقق ولن يتحقق اي شيء ” ويجب أن نثق في منظومتنا التربوية بكل مؤسساتها وقبل كل ذلك أن نثق في ذواتنا وفي قدراتنا وامكانياتنا ونعمل على تنميتها وتطويرها وأن نتحمل مسؤوليتنا الوطنية و التربوية والاجتماعية والأخلاقية تجاه هذه اﻷجيال الصاعدة في تغذيتها تغذية سليمة من جميع الجوانب لكي تفتخر وتعتز بنا حينما تصير راشدة ناجحة ومندمجة في النسيج الاقتصادي والاجتماعي محققة بذلك المواطنة المنشودة كما نعتز ونفتخر نحن الان بأسلافنا.
ماذا يجب ان نفعل في هذه المرحلة من السنة الدراسية؟
انها لحظة الاعداد للحصاد التربوي، بالنجاح والانتقال الى الأسلاك والمستويات العليا أو الفشل في ذلك ولا وجود لخيار ثالث ولمنزلة أخرى بين المنزلتين ”
فما العمل اذن؟ ماذا يتعين أن نفعل كراشدات وراشدين كأمهات واباء وأسر وعائلات المتعلمات والمتعلمين وأطرهم الادارية والتربوية بالمؤسسات التعليمية والتكوينية وكل الفاعلين التربويين المتدخلين في المنظومة التعليمية. ماذا عسانا أن نفعل؟
لا يوجد أي شيء اخر من كل هذا سوى أن يتحمل كل طرف كامل المسؤولية تجاه بنات وأبناء هذا الوطن الغالي.
1- على مستوى الأسرة :
انها المؤسسة التربوية الأولى كما أكد على ذلك الميثاق الوطني للتربية والتكوين منذ 23 سنة خلت لأنها أول مؤسسة للتنشئة الاجتماعية التي يجد الطفل(ة) نفسه في حضنها وعلى هذه الأسرة بالإضافة الى توفير ضرورات الحياة ،ان تراقب وتتابع وتتبع مسيرة المتعلم(ة) في جميع مراحله العمرية وعبر مستويات وسنوات الدراسة بتنسيق وتواصل مع المؤسسات التعليمية سواء داخل الحياة المدرسية أو في محيطها وفي الفضاء الاجتماعي المفتوح والمتعدد الأشكال السوي منه اوغير السوي والذي يعج بمفارقات وتناقضات اجتماعية وثقافية وقيمية ،خاصة في هذا الزمن الرقمي المعولم الجارف.
2-على مستوى المؤسسات التعليمية :
لن يجادل أحد، الا الجاحد، بأن بلادنا تتوفر على منظومة تربوية متكاملة شكلت اطارا نظريا وخارطة طريق منذ الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ولن نختلف في كون نقل ما تم التشريع والتخطيط له عرف عدة اختلالات ان لم نقل اخفاقات لأسباب وعوامل متعددة تختلف باختلاف زاويا النظر لكل تشخيص وتحليل للواقع والحالة التي توجد عليها منظومتنا التربوية.
ورغم كل ذلك يمكن التطرق الى عامل من تلك العوامل التي ولا شك ان لها نصيب من تلك التعثرات، وهو المتعلق بالموارد البشرية العاملة في قطاع التربية والتكوين بكل مكوناته .
وبالعودة الى موضوع هذا المقال، يمكن طرح التساؤل التالي: كيف يمكن للفاعلين التربويين داخل كل مؤسسة تعليمية أن تصاحب المتعلمات والمتعلمين في هذه الفترة الحرجة والقلقة من السنة الدراسية فترة ما قبل النجاح أو الفشل (هو دائما نجاح أو فشل للجميع وليس للمعنيين المباشرين فقط ومن يتهرب من نصيبه من المسؤولية فانه ليس على صواب ولا يحتكم الى منطق العقل).
وهكذا فان جميع المدبرين والاداريين التربويين والمدرسين في كل الأسلاك والمستويات التعليمية والأقسام الدراسية -بمن فيهم كاتب هذه الكلمات- يعرفون حق المعرفة ،ما يجب القيام به ولابأس من التذكير بهذه الخطوات والتي يجب ان يعمل كل واحد منا على ان يظهر أثر عمله واشتغاله على أرض الواقع والمتمثل في أن يذهب كل متعلم(ة) الى امتحانات اخر السنة والى الاختبارات الخاصة بالالتحاق بالمعاهد والمؤسسات العليا والمهن المختارة ،ان يذهب هذا المتعلم(ة)ويجد نفسه(ها)في أتم التحضير والاستعداد الصحي والنفسي والمعرفي والمهاراتي.
فرغم كل ما قد يقال عن ضعف التحصيل الدراسي و سيادة اللامبالاة والنفور من كل ما هو مدرسي ونظامي لدى العديد من متعلمات ومتعلمي اليوم وتراجع دور الأسرة في التواصل والتنسيق مع المؤسسات التعليمية .رغم كل ذلك فانه لا يجب رفع “الراية البيضاء «والاستسلام لهذا الواقع غير الطبيعي فمن واجبنا جميعا الاهتمام بجميع التلاميذ بدون استثناء بجميع أصنافهم معرفيا وسلوكيا وان نتعامل مع كل حالة بالطريقة الملائمة بدءا بالمواكبة النفسية مع ما تتطلبه من تحفيز وتشجيع والعمل على تحسين معارفهم ومهاراتهم وتصحيح كل انحراف واعوجاج في السلوك بتنسيق وتدخل من ذوي الاختصاص .
خلاصة
ان بنات وابناء اليوم هم نساء ورجال الغد ومواطنات ومواطني المستقبل ومن واجبنا ومن حقهم علينا توجيههم واعدادهم ليصلوا الى تحقيق تلك الغايات المنشودة.