مولاي محمد الوافي / خاص لتاكسي تيوز
استغرب العديد من الغربيين القرار السيادي الذي اتخذه المغرب مباشرة بعد وقوع زلزال الحوز المدمر، وطبعا استغراب هؤلاء يأتي من خلال النظرة الاستعلائية للغرب اتجاه إفريقيا، دون ان يستحضروا عمق تاريخ وحضارة هذه الدول الإفريقية وعلى راسها المغرب الكبير الذي يستمد وجوده واستمراره من رعاية المؤسسة الملكية التي واجهت في تلاحم مع الشعب عبر التاريخ كل الأزمات والكوارث، من أوبئة ومجاعات وحروب وضغوطات دولية وتدخل غربي سافر في شؤونه.
فقرار رفض المساعدات من بعض الدول الذي اتخذه جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ملك الملوك وحامي الملة والدين وأب المغاربة من طنجة إلى الكويرة، قرار صائب ومتوازن، وقرار سيادي يحفظ للدولة الشريفة هيبتها، وللشعب المغربي كرامته، خصوصا وان التاريخ يسجل المواقف، ولم يسجل يوما ان قبل المغرب ان يكون منحني الرأس. بل حتى في الحروب والاستعمار الفرنسي كان الملوك العلويون مرفوعي الرأس، قراراتهم شامخة وشجاعة حفظت كرامة الشعب المغربي الأبي، إلى ان حصل على استقلاله من الاستعمار الفرنسي الغاشم الذي يحاول فرض قراراته اليوم عبر النوافذ .
فقرار قبول المساعدات كان سيكون له سلبيات كبيرة أكثر من إيجابياته، فالدولة التي تستقبل هذه المساعدات تصبح ضعيفة وتفقد هيبتها وانجازاتها وتظهر وكأن مؤسساتها منهارة وعاجزة عن تدبير أزماتها، صحيح ان كوارث كالزلازل والفيضانات تفوق طاقة الدول، إلا ان المغرب برهن للعالم صحة قراره، خصوصا وانه عاش ملحمة كبرى بين الملك وبين الشعب الذي هب ووقف وقفة رجل واحد، ووفر المساعدات بمئات الشاحنات الثقيلة التي فاقت حمولتها بأضعاف مضاعفة من تلك الحمولة التي ستأتي بها مساعدات خارجية. فالمغرب قبل فقط بالمساعدة التقنية من الدول الصديقة مثل إسبانيا وانجلترا، والامارات وقطر… وهي مساعدات تقنية قد تقبلها حتى أكبر وأعتى الدول في العالم.
وفي هذا الصدد، كشف فولفيو بيلترامي الصحفي الإيطالي المختص في الشؤون الإفريقية أن ما يسمى بهيئات الإغاثة بالدول الغربية عادة ما تكون لها أهداف أخرى غير معلنة بتدخلها في المناطق المنكوبة، مستعرضا لنموذجين شهدها العالم في السنوات الأخيرة نموذج سريلانكا سنتي 2004 2005 أثناء اجتياحها من قبل التسونامي و زلزال هايتي سنة 2009، وكيف أن التدخل العشوائي لهيئات الإغاثة الدولية في هذين البلدين كان له تأثير سلبي على استقرارهما ما زالا يعانيان من تبعاته إلى يومنا هذا.
وقال الصحفي الايطالي ان المساعدات الدولية ممكن أن تدمر أكثر من الزلزال، والمغرب “فعل طيبا” برفضه هذه المساعدات.
فما يجب ان يعرفه بعض الغربيون ان المغرب دولة ضاربة في عمق التاريخ، ودولة ذات سيادة، ودولة أصبح لها وزن كبير بين الدول وحضور متميز سياسيا واقتصاديا لايمكن ان تفقده وتهدمه بسرعة تحت ضغوط دولية سافرة من فرنسا وشريكتها الجزائر. فالعالم الان يشاهد كيف اجتاز المغرب هذه الفاجعة، وانتشل موتاه وعالج مصابيه، وعوض المنكوبين، والخير قادم ان شاء الله