في صباح يوم غضبت فيه الطبيعة ، كان الجو ممطرا، وكان من المستبعد أن أذهب إلى الكلية مشيا كالمعتاد، فقررت أن أستقل الحافلة التي تؤمن الخط الرابط بين حي أولاد عياد والكلية متعددة التخصصات بامغيلة.
انتظرت وقتا طويلا تحت وابل من المطر، لتصل الحافلة الموعودة، ركبتها – ويا ليتني ما ركبتها- فتفاجأت بحافلة لا تحمل من الحافلة سوى الاسم، حافلة قررت أن لا تتآمر مع الأمطار الغزيرة وتهوى على رؤوسنا،
سائق يقوم بعدة أدوار كالسياقة والاستخلاص والمراقبة، وكراسي مكسرة مهترئة تشبه إلى حد كبير صناديق المشروبات الغازية، وسقف يشبه سقف البراريك في أحياء مدن الصفيح تتسرب منه قطرات من غيث الرحمن، وبساط يطل على أرضية إسفلتية للشارع العام الممتلئ هو بدوره ببركك مائية، ونوافذ الإغاثة التي يحلو للبعض تسميتها بهذا الاسم الرنان لا وجود لها في الأصل.
وقس على ذللك، الاكتظاظ الذي تعرفه هذه الحافلة في مثل هذه الأوقات من السنة، أما في فصل الصيف فذاك حديث ما بعده حديث، يتحول فيه هذه الجرار- كما يحلو للبعض مناداته – إلى حمام بلدي بمواصفات عصرية تفوق فيها درجة الحرارة أحيانا خمسين درجة وأكثر.
وكلنا نتذكر تللك الحادثة التي كادت أن تتحول إلى فاجعة لولا الأقذار الإلهية حينما تهاوت حافلة من نفس الحجم ولنفس الشركة في إحدى مدارات المدينة، ليتبين بعد ذللك أن الحالة الميكانيكية للحافلة من أسباب هذا الانقلاب.
لكن السؤال المطروح هو من المسؤول عن استمرار مثل هذه الحافلات -أو بالأحرى الجرارات- تحرث شوارعنا طولا عرضا بلا رقيب ولا حسيب، ولا أحدا يحرك ساكنا..
ملحوظة: كتبت هذا المقال في شتاء 2012، وها نحن الآن في ربيع 2017، ومازالت دار لقمان على حالها ومازالت الحافلة المهترئة تجوب شوارعنا.