عن برلمان كوم
في تقييمها الدوري لعلاقات التعاون الأمني والعسكري مع مختلف الدول والشركاء الدوليين، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية “أن المغرب يشكل الحليف الرئيسي والأساسي للولايات المتحدة الأمريكية في مجال صون الأمن الإقليمي والجهوي”.
وقد تم التأكيد على هذا الاعتراف الأمريكي بريادة المغرب وإساهاماته في تعزيز الأمن الجهوي ضمن التقرير الذي نشره مكتب القضايا السياسية والعسكرية التابع لكتابة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجية بتاريخ 8 أبريل الجاري، والذي أكد فيه أن “التعاون الأمني مع المغرب يهدف بشكل مشترك لضمان الاستقرار والأمن والسكينة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
كما جدد تقرير الخارجية الأمريكية التأكيد مرة أخرى على أن “التعاون الأمني بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب هو تعاون عميق ومتين، ويبتغي تدعيم الاستقرار الجهوي، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز التبادل التجاري، وتطوير الإصلاحات التي ينهجها المغرب”.
اعتراف أمريكي جديد
يأتي الاعتراف الأمريكي الجديد بدور المغرب كشريك استراتيجي في المحافظة على الأمن بمنطقة “مينا”، في سياق تعاون متنامي وتنسيق متزايد بين المصالح الأمنية المغربية، وفي طليعتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ومختلف الوكالات الأمريكية للاستخبارات وتطبيق القانون.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تشيد فيها الولايات المتحدة الأمريكية بنجاعة التعاون الأمني مع المغرب، وباحترافية المؤسسات والأجهزة الأمنية المغربية، فقد سبق لوزارة الخارجية الأمريكية وللبنتاغون أن نشرا في يوليوز 2021 بلاغات صحفية يثمنون فيها التعاون الأمني مع المغرب، في أعقاب ترحيل عبد اللطيف ناصر، الذي كان يعد آخر مغاربة غوانتنامو، والمستشار السابق لزعيم تنظيم القاعدة الإرهابي.
كما سبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي FBI أن وجها معا رسائل شكر وامتنان للمدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، على إثر المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي وفرتها الأجهزة الأمنية المغربية ومكنت الجيش الأمريكي ومكتب التحقيقات الفيدرالي من توقيف جندي أمريكي يدعى “كول بريدج “، وإجهاض مشروع إرهابي خطير كان يستهدف منشآت حساسة بنيويورك.
ولا يقتصر التعاون الأمني المغربي الأمريكي على مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، بل يمتد ليشمل جميع صور الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، بما فيها الجرائم المستجدة المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة. ففي 25 يناير المنصرم قامت السلطات المغربية بتسليم نظيرتها الأمريكية الهاكر الفرنسي سيباستيان راوولت، الذي يعد المسؤول عن اختراق حسابات أكثر من 60 شركة عالمية متعددة الحنسيات، والذي يواجه عقوبات سجنية قد تصل إلى 116 سنة سجنا نافذا بحسب القانون الجنائي الأمريكي.
وفي سياق متصل، أشادت وزارة العدل الأمريكية ممثلة في مكتب التحقيقات الفيدرالي، في سنة 2023، بدور مصالح الأمن المغربية في توقيف خمسة من أخطر المجرمين المطلوبين للقضاء الأمريكي في جرائم الاعتداء الجنسي على القاصرين والمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الخاصة بالشركات العالمية.
والتعاون الأمني المغربي الأمريكي لا يقتصر فقط على التنسيق العملياتي والمساعدة التقنية، بل يشمل كذلك رزمانة كبيرة من الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين الأمنيين، فقد تبادل عبد اللطيف حموشي ومديرة أجهزة الاستخبارات الأمريكية أفريل هاينز ومدير وكالة الاستخبارات الأمريكية ويليام بورنز ومدير مكتب التحقيق الفيدرالي كريستوفر راي العديد من الزيارات واللقاءات الثنائية خلال السنوات القليلة الماضية، بمعدل ناهز ما بين ثلاث وأربع اجتماعات في السنة سواء في المغرب أو في الولايات المتحدة الأمريكية.
إشادة أمريكية تحبط المشوشين
مبدئيا يجب أن نقارب الإشادة الأمريكية بريادة الأمن المغربي في مختلف أبعادها السياسية والاقتصادية، فمثل هذه الإشادات هي التي تشكل المدخل الأساسي للدعم الأمريكي في المجال العسكري والسياسي والاقتصادي والسياحي والثقافي. فاعتراف الخارجية الأمريكية بالمغرب كوجهة آمنة، هو بمثابة تشجيع للسياح والرساميل الأمريكية لزيارة المغرب والاستثمار فيه.
والإشادة بالمغرب كقطب إقليمي في مجال صون الأمن والاستقرار الجهويين، هو اعتراف بمتانة المؤسسات الأمنية المغربية وقدرتها على المساهمة، ليس فقط في حماية الأمن القومي للمغرب، وإنما بقدرتها على تصدير الأمن إلى المحيط الإقليمي والدولي في عالم موسوم بالاضطرابات والتحديات والتهديدات الأمنية.
لكن هذه الإشادات المتتالية، ومن شركاء دوليين مختلفين، ستصيب حتما بالإحباط واليأس الكثير من “المشوشين” الذين يراهنون على استهداف الأجهزة الأمنية المغربية بالإشاعات والأخبار الزائفة. فقبل أسبوعين تقريبا، خرج بوبكر الجامعي يلوك بلسانه خطابا عدميا يزعم فيه “أن أمريكا لا يمكنها أن تتورط في الاحتفاء والإشادة بعبد اللطيف حموشي مثلما قامت بذلك فرنسا وإسبانيا”!
وقد تلقف هذا التصريح عملاء العسكر الجزائري، وأسسوا عليه بروباغندا ممنهجة تهاجم المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، قبل أن ينسف هذا التقرير الأخير للخارجية الأمريكية ادعاءاتهم المضللة، ويقوض حملاتهم الدعائية المغرضة.
ومن دون شك، سوف يزيد هذا الاعتراف الأمريكي بنجاحات الأمن المغربي في تعميق وتأجيج إحباط بوبكر الجامعي والصحفي الإسباني عبد الحق سامبريرو، ومعهما باقي مرتزقة الأنترنت من قبيل علي لمرابط وإدريس فرحان ومحمد حاجب، ممن رهنوا حياتهم الرقمية والواقعية بهدف واحد هو استهداف سمعة عبد اللطيف حموشي وخدش صورة المؤسسة الأمنية.
فكلما تزايد النجاح المغربي في المجال الأمني، وتزايدت معه الثقة الدولية في المؤسسات الأمنية الوطنية، كلما تزايد اليأس والإحباط والحسرة والعويل في صفوف المرتزقة المشوشين، ممن يتقاضون أجورا مقابل خدش نجاحات المغرب في توطيد الأمن وتوطين الاستقرار في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.