عين اسردُون قلْب بني ملال النَّابض… تاريخ وخُضرة وجمال تُغري الزَّائرين وتَسُرُّ النَّاظرين ( روبورتاج بالصور الجميلة )

هيئة التحرير5 يوليو 2024
عين اسردُون قلْب بني ملال النَّابض… تاريخ وخُضرة وجمال تُغري الزَّائرين وتَسُرُّ النَّاظرين ( روبورتاج بالصور الجميلة )

نوال ايت حسين// صحافية متدربة

 

تُشكل عين اسردون القلب النابض لمدينة بني ملال عاصمة جهة بني ملال خنيفرة، فماؤها يجري على الدوام، تعيش منه الحقول والبساتين والأراضي الفلاحية بجوار المدينة، وفضاؤها يبقى متنفساً جميلاً للساكنة في ظل إرتفاع درجات الحرارة خلال الصيف، كما أصبح هذا المكان مزاراً لآلاف الزوار من داخل المدينة وخارجها، لاسيما بعد تهيئتها وتزيين فضاءاتها.

عين آسردون… موقعها وتاريخها

 

تقع عين آسردون في قلب مدينة بني ملال بقدم جبال الأطلس المتوسط الشَّامخة، وفوق سهول تادلا الشَّاسعة، وبين البساتين الجميلة، والأشجار العالية. فعين اسردون قديمة وتتواجد منذ قرون مضت.

وجاء ذِكر عين اسردون وذكر حقولها منذ حوالي ألف سنة في الكتابات التاريخية الوسيطية في كتاب “المسالك والممالك” و كتاب “نزهة المشتاق” وكتاب الرحالة “شارل دو فوكو” الذي وقف على عين اسردون في سنة 1883م خلال زيارته لبني ملال، ووصفها وصفاً دقيقاً وتحدَّث عن تَفَرُّع عيونها التي تسقي حقول بني ملال، هذه الحقول التي كانت و ماتزال تُعطي منتوجات متنوعة من الفواكه والخضر، وساهمت في تَحْريك اقتصاد المدينة الذي يعتمد على الفلاحة منذ القدم إلى اليوم إلى جانب التّجارة والحِرَف والصناعات التقليدية…

فضاء جميل يسر الزائرين

يتكَوَّن المدار السياحي عين اسردون من منبع أساسي تَفِيضُ منه المياه الجارية من أسفل القدم، وشلالين جميلين يستقطبان الزوار من كل صَوْب ومكان للاستمتاع بروْنقهما والتقاط الصور أمامهما. كما تضُم العين فضاءات خضراء عديدة تتوسطها الأشجار العتيقة العالية ، بالإضافة إلى نافورة جديدة وفضاء للألعاب ومقهى وأكشاك للمأكولات، ومسجد للصلاة ومراكز أمنية وثقافية وموقف شاسع للسيارات…

وما يُمَيِّز عين اسردون هو قصرها الشامخ في أعلى الجبل، قِيلَتْ عنه حكايات يبقى أبرزها أنه كان حصناً منيعاً بنَتْهُ قبائل بني ملال لمراقبة وحماية ماء عين اسردون من الدُّخلاء ومن هجمات القبائل المجاورة في نهاية القرن 19م وبداية القرن 20 ميلادي، وهي الحكاية التي تتداولها الرواية الشفاهية بين السَّاكنة المحلية لحد اليوم.

تهيئة المدار السياحي… جهود مُشتركة لوالي الجهة ورئيس الجهة ووزارة السياحة

يتمَيَّز مدار عين اسردون بجمال الطبيعة الساحرة، والعيون الوافرة الجارية، والفضاءات الخضراء الرائعة، وشلالاتها الجميلة المُتدفقة، وما زادها جمالاً ورونقاً الإصلاح والترميم الذي خضعت إليه مؤخرا، بمجهودات جبارة من خطيب الهبيل والي جهة بني ملال خنيفرة الذي قرر أن يُحَوِّل عين اسردون من مكان كان سابقاً محطَّ انتقادات بسبب عشوائية محلاته، وغلاء أثمنة مأكولاته، وتشتت الباعة في جنباته، إلى فضاء يعرف تنظيماً بأكشاكه المتنوعة والخاصة بشتى المجالات من حِلِي وصناعة تقليدية، ومأكولات غذائية، وبمسجده وفضاءاته الخضراء، ومراكز الأمن للقوات المساعدة والسلطات المحلية والأمن الوطني، بالإضافة إلى إحداث مركز للتعريف بالتراث الثقافي لبني ملال خصوصا والجهة عموما

 

وعرَفَت عين اسردون أيضا، تَهْيِئة وفتح وإنارة مسلكين للراجِلين يربطان موقع عين أسردون بسيدي بويعقوب وتامكنونت، وإحداث فضاء الألعاب للأطفال، وإنجاز نافورة كبرى، وبناء قاعة للصلاة، وتهيئة القصر كفضاء للعروض الفنية، وإعادة تهيئة السواقي والأحواض المائية المتواجدة بالموقع.

هي مجهودات كبيرة بُذِلَت لتهيئة عين اسردون ساهم فيها أيضاً كل من مجلس جهة بني ملال خنيفرة، ووزارة السياحة، والمكتب الشريف للفوسفاط، والشركة المغربية للهندسة السياحية، وذلك في إطار اتفاقية أعلنت عنها ولاية الجهة في بلاغ سابق لها ، رُصدت لها مبلغ 34 مليون درهم،  تروم تثمين المُؤَهِّلات السياحية التي تزخر بها الجهة والنُّهوض بالسياحة الإيكولوجية والمُستدامة الجهوية وأيضا بالسياحة الثقافية.

زُوَار يُبهرهم سِحْرُ الطبيعة وجمال الفضاء

أصبحت عين اسردون قِبْلَةً للزُّوار من مُختلف المُدن المغربية، وتساهم في إنعاش السياحة بالمدينة، وباتت تُغري المواطنين لقضاء عُطَلهم فيها وللاستمتاع بجمالها الذي عبَّر العديد منهم عن إعجابهم به، و بسحر هذه الطبيعة التي حَبَا الله بها مدينة بني ملال.

فضاءات العين… عراقة ومُعاصرة 

كما لا يخفى على أحد فبني ملال معروفة بأسوارها و قصباتها التاريخية، ومن بينها قصر عين اسردون الذي يُمَيِّزُ المدينة، حيث خضع للعديد من الإصلاحات على مر السنوات، وكان آخر إصلاح ذاك الذي تمَّ من خلال اتفاقية الشراكة المذكورة أعلاه.

محمد أحد الزوار استحسن، في تصريحه للموقع، تحويل فضاء القصر لإقامة العروض، بحيث أصبح هذا الفضاء يربط الماضي بالحاضر، و موقعاً استراتيجياً يطل على المدينة في مشهد بانورامي جميل يسر الناظرين ويُغري الزائرين.

أما الحُسين من ساكنة بني ملال، أشاد بقرار والي الجهة الذي منع بناء أكشاك عشوائية بفضاء القصر، وأعطى تعليماته ليكون القصر مكاناً يجمع عبق التاريخ بالمواضيع الراهنة، فضاء يستقطب إليه الزوار من كل الأنحاء بجمالية بنايته وموقعه الشامخ في أعلى الجبل.

يواصل ، الحسين، إعجابه بعين اسردون، ويثني على افتتاح متحف التراث المتواجد بمدخلها، والذي يقدم تعريفاً مهماً لمختلف مُكونات التراث بشقيه المادي واللاَّمادي بجهة بني ملال خنيفرة.

الأمن بالفضاء… أمنٌ وأمان يُشجعان عودة الزوار

لا شك أن هناك عوامل عديدة تُساهم في استقطاب الزوار وتشجعهم على العودة مرة أخرى للمكان، ولعل أبرز هذه العوامل هو الأمن الذي تَنْعَم به عين اسردون من خلال التواجد الأمني المكثف للعناصر الأمنية وللقوات المساعدة وخيالة الشرطة والقوات المساعدة.

وفي هذا الصدد، نوَّهت فاطمة الزهراء، وهي من ساكنة بني ملال في تصريح للموقع، باستحداث مركز الأمن الوطني ، والقوات المساعدة، والسلطات المحلية، حيث ترابط عناصرها بفضاء عين اسردون على مدار اليوم بنهاره وليله، الشيء الذي شجَّعها للتردد على هذا المنتزه رفقة أبنائها.

فضاءات لاستجمام الكبار والترفيه للصغار

من بين الفضاءات التي تُعَوِّل عليهم عين اسردون لجلب السكان، نجد الحدائق والنافورات، و فضاء الألعاب، والكراسي الخشبية وغيرها …

وفي هذا الشأن، عبرت حنان وهي في أول زيارة لها لمدينة بني ملال ولعين اسردون، عن اعجابها بنظافة المدار وكذا تنظيم الأكشاك التي تبيع منتوجات الصناعة التقليدية و المحلية والمأكولات والمواد الغذائية.

أما حميد، فقد أشاد بتفكير المسؤولين بإحداث فضاء للصلاة بعين اسردون، ومراحيض نظيفة للوضوء، بالإضافة إلى تواجد فضاء للألعاب بالمجان ، وهو ما يجعل مشروع تهيئة العين متكاملاً، يجمع بين استجمام الزُّوار الكبار واستمتاعهم بجمال الفضاء ونافوراته وشلالاته وسواقيه، وبلعب الأطفال الصِّغار في الفضاء المخصَّص لهم، مع تقريب المأكولات الخفيفة منهم، ووضع كراسي وموائد خشبية بمختلف فضاءات العين رهن إشارتهم.

ومن جانبه، انْبَهَر مراد، وهو شاب مهاجر منذ 10 سنوات بديار المهجر، بهذه التهيئة لفضاءات المدار واستحسن إحداث مكان لرَكْن السيارات وقال أن المدار أصبح الوجهة المُفضلة له ولعائلته التي نصحته بهذه الزيارة التي سيستمتع بها دون شك.

دعوة للحفاظ على التَّنْظيم وجمال وخُضرة المكان

إن سر نجاح أي مشروع يبقى رهين ليس فقط بالتهيئة والتجديد، ولكن أيضا بمواصلة الحفاظ على هذه المُكتسبات من خلال الاستمرار في مراقبة أثمنة المأكولات والمواد الغذائية بالأكشاك، وتنظيم الباعة بالمكان، والتراجع عن تفويت فضاء الألعاب حتى لا يصبح بالأداء، وتكثيف الحراسة للحدائق والورود والسواقي في كل مكان، واستمرار الحملات التعريفية بالفضاء وتنظيم حملات للتحسيس بأهمية السياحة الطبيعية والثقافية بهذا المدار.

 

إذن، فعين اسردون تَبقى الشَّريان الذي تعيش به عاصمة جهة بني ملال خنيفرة، وظلَّت منذ القِدم إلى اليوم رمز وشموخ قبيلة بني ملال، فجميع الزوار يربطون المدينة بإسم العين التي تغنَّى بجمالها الشعراء في قصائدهم، وأدى لأجلها الفنانون أغانيهم، وعاشت بمائها الحقول والبساتين، وسُقِيت بسواقيها الأراضي الفلاحية و الأشجار المُثمرة. وما تزال مستمرة في عطائها وجمالها وخضرتها، وتستحق منا الحُب والاحترام وكل الاهتمام بها.

 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة