وفاة 21 مواطن!… المستشفى الجهوي بني ملال تحت مجهر “تاكسي نيوز”: مقالات صحافية وبيانات نقابية وتطاحنات إدارية وأسئلة برلمانية ومصحات باهضة ووزارة غائبة وتدهور للأوضاع الصحية

هيئة التحرير28 يوليو 2024
وفاة 21 مواطن!… المستشفى الجهوي بني ملال تحت مجهر “تاكسي نيوز”: مقالات صحافية وبيانات نقابية وتطاحنات إدارية وأسئلة برلمانية ومصحات باهضة ووزارة غائبة وتدهور للأوضاع الصحية

جمال مايس

 

أبرزت وفاة 21 مواطن ومواطنة ببني ملال جدلا واسعا بين الرأي العام المحلي والجهوي والوطني. وبغض النظر عمن يتحمل المسؤولية في هذا الحادث المفجع، هل الأسرة التي تتأخر في نقل المريض، أم سيارات الإسعاف التي تفتقد إلى مكيفات التبريد وتنقل المريض في عز الحرارة من مسافات طويلة إلى المستشفى الجهوي، أم من المستشفى الجهوي الذي يعاني منذ أشهر من عدة مشاكل لا تعد ولا تحصى يبقى المواطن والمريض الضحية الأول فيها.

إعلام وصحافة جهوية تنبه ولا مجيب

فموقع تاكسي نيوز كان دائما سباقا إلى إثارة العديد من المعاناة داخل هذا المرفق العمومي، ووجهنا رسائل عبر عدة مقالات إلى وزارة الصحة، وأيضا نُشرت مقالات وفيديوهات عديدة على مواقع إخبارية ومواقع التواصل من أجل لفت انتباه الوزارة للمشاكل التي يعيشها المرضى وذويهم داخل المستشفى من إهمال وبعد للمواعيد، وأعطاب التجهيزات “ليريم” و “السكانير” أحيانا و أجهزة الراديو لكن لا حياة لمن تنادي.

فقد نقل موقع تاكسي نيوز معاناة المواطنين داخل المستشفى بجميع الأقسام، وغياب الادوية والتجهيزات، ولعل مقال المواطن الذي طلبوا منه داخل المستعجلات اقتناء “إبرة” لحقن قريبه المريض فقام بالتقاط السيلفي معها ، كان مقالا جامعا ملخصا للوضع الكارثي الذي كان ولايزال يعيشه المستشفى الجهوي ببني ملال .

يقول محمد في تعليقه على احد مقالات الموقع أنه لا حياة لمن تنادي ولا فائدة من المنشورات مادام أن الوزارة لا تستجيب.

أسئلة برلمانية حول واقع الصحة بالجهة

 

دفع تدهور الاوضاع الصحية عدد من البرلمانيين إلى توجيه أسئلة إلى وزير الصحة، من أجل التدخل العاجل لحل العديد من المشاكل التي يتخبط فيها القطاع. ونستحضر سؤال البرلمانية بوسجادة جوهرة التي وجهت سؤالا للوزير تنبهه من غياب أدوية مهمة في الصيدليات والخاصة بالأمراض المزمنة.

ومما جاء في سؤال بوسجادة عن حزب الأصالة والمعاصرة، انذاك، أن بعض الأدوية، تعرف خلال الآونة الأخيرة، خصاصا كبيرا فى الصيدليات وبشكل خاص دواء ‏Levothyrox، وبعض المضادات الحيوية وأدوية أخرى التي  تعد أساسية في علاج بعض الأمراض المزمنة مثل الضغط الدموي والغدة الدرقية والتهاب المفاصل الروماتزمي.

وشددت البرلمانية ان مسألة نفاد هذه الأدوية، جعل حياة العديد من المرضى صعبة لاسيما الذين يعانون من الأمراض المزمنة جراء ما يعترضهم من أجل الحصول عليها ، لذا بات من الضروري التدخل العاجل والفوري للوزارة لتوفير هذه الأدوية بالصيدليات.

نعيمة تعاني من مرض مزمن داء السكري، واستغربت أن الدواء المخصص للمرضى يختفي عدة مرات من الأسواق، ولا يجدونه بالصيدليات والمستوصفات، كما أن المستشفى الجهوي يعيش ضغطا كبيرا للمرضى في ظل النقص الحاد للأطباء.

 

نقابات صحية تدق ناقوس الخطر… احتجاجات وبيانات

 

خرجت عدة نقابات صحية ببيانات تدق فيها ناقوس الخطر حول النقص الحاد في الأطر الطبية والتمريضية، ونبهت إلى غياب التجهيزات الطبية وغياب المكيفات وظروف الاشتغال، بالإضافة إلى تحذيرها من التطاحن الذي يقع بين الإدارة و أطرها الطبية والتمريضية، وهو ما ينعكس سلبا على سير المؤسسة الصحية، ولا يشجع الأطباء على العمل في هذه الأجواء المشحونة والمليئة بالحروب و المكائد.

وقامت هذه النقابات باصدار مجموعة من البيانات ونظمت العديد من الوقفات الاحتجاجية داخل المستشفى وأمام مندوبية الصحة والمديرية الجهوية، منها نقابة الاتحاد المغربي للشغل فرع الصحة، والفدرالية الديمقراطية للشغل فرع الصحة، بالإضافة إلى التنسيق النقابي الصحي باقليم بني ملال.

مصطفى مصدر نقابي عبر عن يأسه من الحوار مع الإدارة، وأكد أن الحل بيد وزارة الصحة وليس المديرية الجهوية، وتأسف بكون الجهوية الموسعة التي يتحدثون عنها ليست في الحقيقة سوى امتداد للمركزية وبيروقراطية الإدارة الممركزة التي يبقى قطاع الصحة تحت سيطرتها ورحمتها.

حوار الإدارة… امتصاص للغضب وبقاء للواقع

في كل مرة تعلن فيه النقابات عن وقفاتها الاحتجاجية وتصدر بياناتها الاستنكارية، تعمل الإدارة على الاستجابة بعقد الاجتماعات الحوارية وذلك من أجل البث في بعض القضايا والملفات التي تهم نساء ورجال الصحة، وتحسين ظروف العمل وتأهيل المؤسسات والبنيات الصحية، وتزويدها بالأطر الصحية الكافية والمستلزمات الضرورية لتجويد العرض الصحي للنهوض بأوضاع القطاع. لكن تبقى هذه الاجتماعات من أجل امتصاص الغضب ومعها تبقى دار المستشفى على حالها، مادام ان الحل بيد الوزارة.

مستشفى جهوي يعاني و تحت الضغط

تعود أسباب المشاكل التي يعرفها المستشفى الجهوي ببني ملال، إلى الضغط الكبير الذي تشهده جميع أقسامه في مختلف التخصصات، وذلك بفعل نقل المرضى إليه من مختلف الأقاليم المجاورة من الفقيه بن صالح وخنيفرة وخريبكة وأزيلال وأحيانا من خارج الجهة من قلعة السراغنة. كما يعاني هذا المرفق العمومي من قلة الموارد البشرية من أطباء وممرضين، مما يُطيل انتظار المرضى، ناهيك عن ضعف التجهيزات التي أصبح بعضها قديما ومستهلكا ولا يساير التطور الذي تعرفه المصحات الخاصة. فالمرضى يعانون في صمت ولا يقدرون على الاحتجاج كما يقع داخل مركز السرطان ومركز تصفية الدم وطب العيون والقلب والشريان…

كريمة مريضة بمرض السرطان المزمن  تقول أنها تعاني كل يوم ليس بسبب المرض ولكن بسبب الإهمال ونقص الأدوية وغياب العلاجات وتساءلت :” أين الحق في الصحة يا وزير “.

مصحات خاصة ببني ملال… خدمات متطورة بأثمنة باهضة

استبشرت ساكنة بني ملال خيرا بالكم الكبير للمصحات الخاصة التي تم افتتاحها في السنوات الأخيرة، وظن الجميع أنها ستخفف العبء كثيرا عن المستشفيات العمومية، لكونها تضم تجهيزات متطورة وتخصصات متعددة وأطر محترفة وبنايات لائقة بالمكيفات وأحدث التقنيات… لكن المواطن البسيط اصطدم بالأثمنة الباهضة في بعضها، وبِفرق الثمن الباهض للأشخاص الذين يملكون التغطية الصحية، وفرض تقديم الشيكات قبل الاستشفاء من طرف بعضها. وهذا طبعا يجعل المواطن البسيط يفضل التوجه إلى المستشفيات العموميات لكونها ملاذه الأول والأخير من هذه الأثمنة الاستشفائية الخيالية.

يقول عمر بأن المصحات الخاصة تعرف هي الأخرى فوضى في الأثمنة المفروضة على المرضى، وتختلف الأسعار من مصحة لأخرى، وليست هناك رقابة أو لجان تجبرها على احترام الأثمنة.

صحيح، يضيف عمر، ان هذه المصحات مجهزة باحدث التجهيزات وبمختلف التخصصات وبأطر أكفاء، لكن يبقى العائق الكبير لولوجها هي الأثمنة الخيالية.

 

إصلاحات لسنوات استنزفت الأموال وبقي المستشفى في نفس الأحوال

عرف المستشفى الجهوي السنوات الخمس الأخيرة إصلاحات عديدة همت العديد من أقسامه، من بينها قسم المستعجلات، وبعد توقفه لعدة أشهر ورغم أن جميع المواطنين كانوا يظنون أنهم سوف يتفاجئون بتغيير المستعجلات وتأهيلها لترقى إلى تطلعات المرضى، وتحتضن جميع الحالات الوافدة عليها سواء من حيث التجهيزات الطبية أو من حيث البنيات التحتية، أو زيادة الموارد البشرية. لكن وللأسف، كانت فعلا مفاجأة حين افتتح قسم المستعجلات فلم يرى المواطن سوى تغيير في ألوان الصباغة، وبعض الحجرات ، والإبقاء على مكاتب ضيقة للأطباء وقاعة للعلاج فارغتين من كل التجهيزات و حنفيات معطوبة ولا مكيفات ولا مبردات ولا أدوية ولا إبر ولا خيوط…

وفي حديث مع عمر أكد ان هذا الإصلاح ماهو سوى استنزاف للأموال وبقاء المستعجلات على نفس الاحوال.

يقول عمر للموقع ان الإصلاحات فاشلة ولا ترقى إلى تطلعات المواطن، وغير مفهوم ان يغلق قسم المستعجلات لشهور وحين يفتح تجده على نفس الحال ولم يتغير فيه سوى اللون في الجدران.

وزارة مركزية غائبة و تدخلاتها مُحتشمة

رغم الاحتقان الكبير الذي يعرفه المستشفى الجهوي ببني ملال ، ليس فقط بين المواطنين والأطباء والممرضين، ولكن بين العاملين من رجال ونساء الصحة أنفسهم وبين الإدارة، وهذا التطاحن مسلسل مستمر لسنوات من إدارة لأخرى. ورغم الشكايات والبيانات والوقفات الاحتجاجية إلا أن وزارة الصحة تبقى بعيدة كل البعد عن هموم المواطنين والشغيلة معا، ولا تتدخل سوى إذا كان الأمر مفجع كما وقع في فاجعة وفاة 21 مواطن. ونفس الشيء وقع خلال كورونا بعدما نظم المرضى احتجاجات فتدخلت وزارة الصحة ومعها وزارة الداخلية لبناء المستشفى الميداني داخل المستشفى الجهوي والذي خفف الكثير من الضغط واستقبل مئات المصابين بالفيروس الفتاك آنذاك.

وفي تصريح لمحمد للموقع أكد انه لا يستغرب إهمال وزارة الصحة لإقليم بني ملال، فهو إقليم مهمش ولم يتم إنصافه، صحيح أن وزراء كثر تعاقبوا على الوزارة، ولا ننكر أن الوزير الحالي رجل يريد العمل والتغيير، لكن ربما ان واقع الحال أكبر منه.

الأمل المنتظر… بناء المستشفى الجامعي

رغم كل هذه التقارير السوداء التي تؤكد أن الوضع الصحي بجهة بني ملال خنيفرة ليس بخير، فإن الأمل يبقى في بعض المشاريع الصحية المنتظر إنجازها كبناء المستشفى الجامعي ببني ملال الذي من شأنه أن يخفف الكثير من هذه المعاناة والمشاكل، بحكم التخصصات المتعددة التي يحتويها، والتجهيزات المتطورة التي يعمل بها. كما أن إحداث كلية الطب والصيدلة ببني ملال من شأنه أن يغني العرض الصحي بالأطر الطبية في مختلف التخصصات التي تعاني النقص الكبير داخل المركز الاستشفائي الجهوي.

إذن، هي مشاكل عديدة تلك التي يعيشها المستشفى الجهوي ببني ملال، ويصعب إحصاؤها وحلها في الوقت الراهن، وهي مشاكل تكون فيها المسؤولية مُشتركة، حيث تبقى الآمال معقودة على المشاريع المستقبلية من بناء المستشفى الجهوي الجديد، والمستشفى الجامعي، وتخريج أفواج الأطباء من كلية الطب والصيدلة ببني ملال…

 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة