العربي مزوني
شهدت مدينة بني ملال مؤخرا افتتاح سوقين تجاريين كبيرين في مداخلها من الشمال والجنوب، واستبشرت الساكنة خيرا لهذه الحركة الاقتصادية، لاسيما وأن هذه المشاريع من شأنها تشغيل يد عاملة مهمة من شباب المنطقة العاطل عن العمل.
لكن، أليس لهذه السياسة الاقتصادية التي تنهج إغراق المدينة بالأسواق التجارية الكبرى انعكاسات سلبية متعددة الجوانب؟
دعونا في الاول أن نرصد حركة هذه الأسواق التجارية سواء الكبرى أو المتوسطة أو الصغرى داخل عاصمة الجهة، فلحد الآن أصبح يتواجد 5 أسواق تجارية كبرى لشركات مختلفة، وأيضا تتواجد مجموعة من الاسواق المتوسطة في أغلب أحياء المدينة، ثم أسواق تجارية صغرى لا تعد ولاتحصى.
يقول احد المحللين الاقتصاديين أن والي جهة بني ملال خنيفرة لابد أن يتدخل في هذا الموضوع، وأن يعمل على خلق توازن في الحركة الاقتصادية، لاسيما بين هذه الاسواق التجارية الكبرى، وذلك عبر توقيف المزيد من المشاريع المماثلة والاكتفاء بهذه الأسواق الحالية وذلك لعدة أسباب منها:
أولاً، تكاثر هذه الأسواق ليس في مصلحتها بحيث سوف تشتد المنافسة بينها وبالتالي سوف تشهد بعضها ركوداً في الرواج التجاري وفي حركة استقطاب الزبائن، وذلك لصالح الأسواق التي تقدم العروض الأكثر إغراء.
ثانيا، ينتج عن هذا الوضع التنافسي عواقب اقتصادية وخيمة على مستوى هذه الأسواق بالدرجة الأولى ثم على مستوى المدينة بالدرجة الثانية، حيث أن الركود بسبب المُنافسة يدفع الأسواق التي عرفت الكساد إلى تسريح العُمال واليد العاملة، وهو ما نشهده اليوم في بعض هذه الأسواق حيث لا تجد سوى مستخدمة أو مستخدم واحد فقط في صناديق الأداء بينما باقي الصناديق مغلقة ، كما أن العمال المتبقون يقومون بأعمال متعددة من ترتيب للسلع وتنظيمها والتواصل مع الزبون…
أما على مستوى حركة المدينة الاقتصادي فإن إغراق بني ملال بهذه الأسواق الكبرى جعل أغلب المحلات الكبرى والصغرى تعرف كسادا في مختلف مجالات التجارة مما دفع العديد منها إلى الإغلاق.
ثالثا، فالأسواق التجارية المتوسطة المتواجدة بكثافة بأحياء المدينة تلعب دورا كبيرا في استقطاب الساكنة المجاورة إليها، وتساهم في عزوف الزبائن عن التبضع من الأسواق التجارية الكبرى، نظرا لقرب الاسواق المتوسطة منها وتنوع منتوجاتها وجودتها وعروضها المغرية.
رابعا، في الغالب تبحث الأسواق التي عرفت تراجعا في رواجها عن بدائل مما يضطرها إلى طلب رخص بيع الخمور، وبالتالي تحولها من أسواق تجارية مفيدة إلى “گرابة”، وهذا ما يُساهم بشكل كبير في تفشي بعض الظواهر الغريبة مثل السكر العلني والحوادث…
لابد من أن يقف المسؤولون والمنتخبون وقفة تأمل وأن يستحضروا مصلحة المدينة الاقتصادية على المدى البعيد وليس على المدى القريب، لاسيما وأن مدنا كبرى لا تجد فيها هذا العدد الكبير الذي تشهده بني ملال من هذه الأسواق والتي ستصبح مثل “المقاهي ومحلات معالجة”.
صحيح أن الساكنة تستبشر خيرا بالرواج الاقتصادي من خلال المشاريع الكبرى، لكن وجب التفكير في بدائل اقتصادية مثل المعامل والمصانع والشركات المتعددة التخصصات والتي من شأنها تحريك الحركة التجارية والاقتصادية وتوفير فرص شغل قارة وليس فرص شغل موسمية يبقى ضحيتها المستخدم والمستخدمة.