تاكسي نيوز// الفقيه بن صالح
في قلب إقليم الفقيه بن صالح، وتحديدًا بتراب جماعة أولاد عبد الله، تقف القصبة الزيدانية شامخة، شاهدة على تاريخ حافل يمتد لأكثر من أربعة قرون. تأسست هذه المعلمة عام 1584م (992 هـ) على يد زيدان بن أحمد المنصور الذهبي، الذي كان والياً على جهة تادلا آنذاك. شُيِّدت القصبة على الجانب الأيسر من مشرع أم الربيع، المعروف بالمحج السلطاني، لتكون أول حاضرة في بلاد بني عمير، وتتحكم في نصف المغرب بعد توزيع أحمد المنصور المناطق على أبنائه وتفويضهم بجميع الصلاحيات والسلط التي كان يتمتع بها.
و تميزت القصبة الزيدانية بموقعها الاستراتيجي على المحور الرابط بين الشمال والجنوب، مما جعلها تلعب دورًا حيويًا في تأمين الطرق وتسهيل الحركة التجارية والعسكرية بين الحواضر الكبرى كفاس ومراكش، كما كانت مقرًا لحكم تادلا أيام السعديين ومعقلاً للمقاومة خلال فترة الاستعمار الفرنسي.
ورغم هذه الأهمية التاريخية والمعمارية، تعاني القصبة الزيدانية اليوم من إهمال وتهميش كبيرين، مما أدى إلى تدهور حالتها مع مرور الزمن. في هذا السياق سبق و أن نظمت المحافظة الجهوية للتراث الثقافي بني ملال-خنيفرة، بالتعاون مع “النسيج الجمعوي لأولاد عبد الله”، ندوة احتفاءً بشهر التراث تحت عنوان “القصبة الزيدانية ومجالها”، حيث أبرز المشاركون أهمية ترميم وإعادة الاعتبار لهذه المعلمة التاريخية في تطوير السياحة الثقافية والنهوض بالمكونات الحضارية للمنطقة.
فترميم القصبة الزيدانية وإحيائها كمعلم سياحي سيعود بالنفع على المنطقة بأكملها. فمع إنشاء قنطرة على وادي أم الربيع بمركز أولاد عبد الله، ستجذب القصبة السياح والزوار من داخل المغرب وخارجه، مما سيساهم في تنمية الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة. كما يجب العمل على تثمين هذه المعلمة التاريخية وإبراز قيمتها من خلال تنظيم معارض وندوات، وإدراجها في المناهج الدراسية، وإنتاج أفلام وثائقية عنها.
و في خطوة تعكس الاهتمام المتزايد بالتراث الثقافي والمعماري للمنطقة،قام والي جهة بني ملال-خنيفرة بزيارة ميدانية إلى القصبة الإسماعيلية بقصبة تادلة بتاريخ 15 يناير 2025، حيث أصدر تعليماته بإجراء الدراسات التقنية اللازمة لإعادة ترميم هذا الصرح التاريخي والثقافي وتأهيله بما يليق بمكانته.
هذا ما جعل ساكنة بني عمير وإقليم الفقيه بن صالح تأمل أن تحظى القصبة الزيدانية بنفس الاهتمام، من خلال زيارة القرناشي عامل الفقيه بن صالح للوقوف على حالتها الحالية، فإعادة تأهيلها وترميمها سيساهم لا محالة في الحفاظ على هذا الإرث التاريخي، وتعزيز السياحة الثقافية، وتنمية الاقتصاد المحلي.