في ظل النمو الحضري الذي تعرفه مدن المغرب، يظل الإزعاج الناتج عن بعض التصرفات غير المسؤولة أحد أكبر التحديات التي تواجه الساكنة، ولا سيما في مدينة بني ملال التي شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، من أبرز هذه المشكلات، الأصوات المرتفعة التي تصدر عن الدراجات النارية من الحجم الكبير، التي أصبحت تُشكل إزعاجًا حقيقيًا للساكنة، خصوصًا في الأحياء السكنية.
منذ فترة، اشتكى العديد من سكان مدينة بني ملال من الضوضاء المستمرة التي تُحدثها الدراجات النارية الكبيرة، حيث تكون هذه الأصوات غير المحتملة مصدر إزعاج كبير للعديد من الأسر، سواء في الأوقات النهارية أو حتى في المساء، تتراوح الشكاوى بين الأصوات المرتفعة التي تُسبب اضطرابات في النوم والتركيز، مرورًا بالتأثير على الجوانب النفسية والصحية للساكنة، وخاصة الفئات الضعيفة كالأطفال وكبار السن.
إضافة إلى ذلك، فإن السرعة المفرطة التي يقود بها بعض سائقي الدراجات النارية هذه المركبات في الشوارع تساهم في تفشي حالة من الفوضى في حركة السير، مما يزيد من المخاوف بشأن السلامة العامة.
الإطار القانوني للمخالفات المرتبطة بالدراجات النارية:
من الناحية القانونية، يحدد القانون المغربي مجموعة من النصوص التي تُنظم استخدام المركبات، بما في ذلك الدراجات النارية، على رأس هذه النصوص، نجد مدونة السير على الطرق التي وضعت قيودًا قانونية صارمة على الضوضاء الناتجة عن المركبات.
وينص الفصل 99 من مدونة السير على ضرورة التزام جميع المركبات، بما في ذلك الدراجات النارية، بالمعايير البيئية، بما في ذلك الحد من الضوضاء الناتجة عن محركاتها، حيث يجب على هذه الدراجات أن تكون مزودة بكواتم الصوت التي تساهم في تقليل الصوت المنبعث من المحرك.
كما أن المادة 119 من نفس المدونة تفرض عقوبات في حالة تجاوز الضوضاء المسموح بها، إذ قد يتم فرض غرامات مالية على سائقي الدراجات النارية الذين يُخالفون هذه القوانين، أما في الحالات الأكثر خطورة، فقد تصل العقوبات إلى سحب رخصة القيادة أو فرض عقوبات حبسية في حال تكرار المخالفات.
وأن مدونة السير تحث كل من تبث تورطه في إلحاق تغييرات تقنية على الدراجات النارية، إذ تنص المادة 157 من قانون مدونة السير 52-05 على أن: “يعاقب بغرامة من 5.000 إلى 30.000 درهم، كل صانع مركبات أو كل وكيل أو مستورد أو مالك لها رفض إخضاع مركبته، التي أدخل تغييرا على خصائصها التقنية، للمصادقة من جديد أو أهمل ذلك”.
وفي سياق نفس المادة أعلاه، “أنه في حالة العود، يعاقب المخالف بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة واحدة وبضعف الغرامة المذكورة أعلاه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط”
وترتفع العقوبة المذكورة أعلاه للمخالف إذا كان شخصا معنويا، إذ تصل لغرامة مالية من 20.000 درهم إلى 50.000 درهم عن كل مركبة، وذلك دون الإخلال بالعقوبات التي يمكن الحكم بها على مسيريه، وفي حالة تكرار نفس المخالفة، ترفع الغرامة إلى الضعف.
كما يمكن كذلك للمحكمة أن تأمر بمصادرة العربة لفائدة الدولة الموقوفة في دائرة نفوذها، وتوقف وتودع بالمحجز، بالإضافة إلى أنه لا يسمح بإعادة استخدامها، إلا بعد جعلها مطابقة لأحكام هذا القانون والنصوص الصادرة لتطبيقه.
و يمكن أيضا سحب رخصة القيادة لفترة قد تصل إلى شهرين في حال تكرار المخالفة، في حال تم إثبات وجود تكرار للمخالفة أو في حالات خاصة تتعلق بإحداث اضطرابات في الأمن العام أو التسبب في حوادث.
الحلول المقترحة :
ومن بين الحلول الواقعية لتحسين الوضع من أجل التخفيف من معاناة الساكنة، ينبغي على السلطات المحلية تكثيف الدوريات الأمنية لمراقبة الدراجات النارية في المناطق الحساسة داخل المدينة، والتأكد من أن جميع المركبات تتوافق مع المعايير القانونية الخاصة بالضوضاء.
كما يجب أن تتعاون المصالح المختصة مع جمعيات المجتمع المدني لتوعية سائقي الدراجات النارية حول أهمية احترام القوانين، وفي مقدمتها الحد من التلوث الصوتي، الذي يُعتبر من المخاطر البيئية والصحية.
وفي الأخير فإن قضية إزعاج الدراجات النارية في مدينة بني ملال تُعد مسألة تحتاج إلى تدخل منسق بين الأطراف المعنية، سواء على المستوى القانوني أو الأمني أو الاجتماعي، فبينما يعاني السكان من تأثيرات هذه المشكلة، تظل القوانين موجودة لضمان حماية حقوق الأفراد في العيش في بيئة هادئة وآمنة، إلا أن الوعي القانوني والرقابة المستمرة هما المفتاح لتحقيق التوازن بين حرية السير والحقوق البيئية والصحية للجميع.