محمد البصيري
من أجل سياحة جبلية مستدامة ببحيرة سد بين الويدان
مطالب بتفعيل توصيات اللقاءات الخاصة بحماية البحيرة من مخلفات الثلوث و الحفاظ على توازنها الإيكولوجي
نشر موقع تاكسي نيوز يوم الإثنين الأخير مقالا، تشير فيه كاتبته إلى خبر نفوق العشرات من أسماك الشبوط الذهبي “كارب”، قبل شهر رمضان، بمياه بحيرة سد بين الويدان بإقليم أزيلال.
وحذرت كاتبة المقال من وقوع كوارث بيئية من هذا القبيل من جديد في ضل الثلوث الذي تتعرض له البحيرة جراء النشاط السياحي المكثف، داعية إلى القيام بحملة تحسيسية واسعة لحث الزوار وتوعيتهم بضرورة الحفاظ على هذا الموقع السياحي الجميل. هذا التحذير ينضاف إلى الدعوات التي سبق لفاعلين جمعويين وباحثين ومهتمين أن عبروا عنها في مناسبات عديدة و التي بقيث مجرد صرخات تنتظر التفعيل.
هذا و كان موضوع حماية بحيرة سد بين الويدان من التلوث و التدمير شكل خلال السنوات الأخيرة محور اهتمام مسؤولين وفاعلين جمعويين و منتخبين بإقليم أزيلال، وذلك لما تمثله هذه البحيرة من أهمية كبيرة كمصدر للماء و للطاقة الكهربائية، وكمورد طبيعي و سياحي يتوفر على كل المقومات من أجل المساهمة في التنمية المستدامة بالمنطقة.
وكانت منطقة بين الويدان احتضنت قبل سنتين أنشطة هامة من أجل التحسيس بأهمية البحيرة و اقتراح تدابير لحماية ثرواتها الحيوانية والنباتية من مخاطر التلوث و التدمير الذي باتت تتعرض له، جراء الزحف العمراني ورمي النفايات.
كما سبق للنسيج الجمعوي والتنموي بأزيلال أن نظم يوما دراسيا لحماية الموارد الطبيعية بأزيلال و خاصة بحيرة سد بين الويدان.
كما سبق أن اختارت المندوبية السامية للمياه و الغابات و محاربة التصحر بتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي قبل حوالي ثلاث سنوات، منطقة بين الويدان لتنظيم ملتقى تحت شعار “المناطق الرطبة هي مستقبلنا” وذلك في إطار تخليد اليوم العالمي للمناطق الرطبة.
وفي نفس السياق، سبق لفاعلين جمعويين أن أكدوا خلال السنة الجارية على ضرورة حماية بحيرة سد بين الويدان من أجل سياحة مستدامة بالمنطقة، وذلك خلال الورشة الجهوية التواصلية التي نظمتها ببني ملال المديرية الجهوية للمياه و الغابات و محاربة التصحر، والتي تمحورت حول مشاريع السياحة المستدامة من أجل إنعاش الشغل وخلق فرص مدرة للدخل بالمناطق القروية.
توصيات و حلول عديدة بقيت للأسف حبيسة الرفوف، في الوقت الذي يهدد فيه الثلوث و الزحف العمراني و الصيد العشوائي وتراجع حقينة البحيرة من المياه، (يهدد) مستقبل هذه المعلمة الطبيعية، التي إن بقيث على حالها كما ردد عدد من الفاعلين الذين استقت الجريدة آرائهم، ستتحول إلى مجرد مستنقع جراء ترسبات الأوحال و قلة المياه و اندثار الكائنات الحية.
أصوات جمعوية تدق ناقوس الخطر و تطالب بالحفاظ على الموارد الطبيعية للبحيرة
عبر فاعلون جمعويون من منطقة بين الويدان و واويزغت المحاذيتين للبحيرة في تصريحات متفرقة للجريدة، عن قلقهم من تزايد مظاهر التلوث بمياه بحيرة سد بين الويدان وتهديد توازنها الإيكولوجي، حيث باتت برأيهم العديد من الأسماك و النباتات مهددة بالانقراض، جراء رمي النفايات دون معالجة من ضمنها نفايات بعض الفنادق و “الفيلات” المحاذية للبحيرة، والتي تقذف أيضا بمياه مسابحها المشبعة بمادة “الكلور” دون تصفية، بالإضافة إلى النفايات التي تخلفها الزوارق و “الياختات” (زيوت محركاتها مثلا) التي تجوب مياه البحيرة المترامية الأطراف، كما أن بعض معاصر الزيتون ترمي بدورها بنفاياتها الخطيرة مباشرة في مياه البحيرة، فضلا عن المياه العادمة لمركز واويزغت التي يقذف بها دون معالجة، وكدا استعمال المواد المنظفة المستعملة من قبل بعض السكان لتنظيف أغراضهم المنزلية، فضلا عن رمي النفايات في منظر مقزز بجنبات البحيرة من طرف الزوار .
كما أن ضفاف البحيرة شهدت خلال السنوات الأخيرة زحفا عمرانيا كبيرا، حيث لا يتم في الغالب وفق ذات الفاعلين احترام القوانين المنظمة للتعمير بجنبات البحيرة، إذ أن جل البنايات الخاصة ملتصقة مباشرة بمياه البحيرة دون ترك ممرات ومجالات، مما حدا بأحد الفاعلين إلى التعبير في تصريح للجريدة عن مخاوفه من أن يتم تطويق البحيرة بالمباني إذا ما استمر هذا الزحف الإسمنتي على هذا المنوال لسنين مقبلة، ملتمسا بضرورة دق ناقوس الخطر منذ الآن من أجل حماية هذه الثروة الطبيعية الهامة. كما دق ذات الفاعلين ناقوس الخطر، جراء النقص الملحوظ في حقينة البحيرة و جراء الترسبات، مما يهدد حسبهم التوازن الإيكولوجي للبحيرة.
أنواع من الأسماك ذات جودة عالية في حاجة إلى حماية
تحتوي مياه بحيرة سد بين الويدان على أنواعا عديدة من الأسماك ذات جودة عالية و التي تلقى إقبالا كبيرا في الأسواق والمطاعم (بلاك باص، بلاك بروشي، صوندر، الكارب، الباربو…)، إلا أن هذه الثروة الطبيعية تتعرض للاستنزاف بشكل مفرط من قبل بعض الصيادين الذين يستعملون شباك محرمة لا تحترم المعايير القانونية، و التي تجرف معها الأسماك من مختلف الأحجام، كما أن عددا من الأشخاص يصطادون كميات وافرة دون أدنى احترام لتوازن البحيرة البيئي ودون احترام أوقات الراحة البيولوجية التي تمتد من شهر فبراير إلى غاية شهر يونيو.
وتمارس بمياه البحيرة ثلاث أنواع من الصيد وهي الصيد الرياضي، الصيد التجاري والصيد الرياضي غير القاتل (مسابقات في الصيد مع إرجاع الأسماك حية إلى مياه البحيرة)، هذا فضلا عن الصيد العشوائي(براكوناج) الذي يهدد أنواعا من الأسماك بالإنقراض.
ورغم المجهودات التي تقوم بها تعاونيتين لصيد الأسماك ب “بين الويدان” و “أيت مزيغ” من أجل تنظيم الصيد بالبحيرة والقيام بحملات التحسيس من أجل تنمية الثروة السمكية والحفاظ عليها و استغلالها بشكل معقلن، إلا أن الصيد المفرط للأسماك و الحفاظ على التوازن البيئي بالبحيرة بات يستدعي وفق تصريحات فاعلين في هذا المجال انخراط السلطات و القطاعات الوصية على هذا المجال و فعاليات المجتمع المدني في الحفاظ على هذه البحيرة الجميلة و الخلابة، وكدا تفعيل دوريات المراقبة و التصدي لكل السلوكات المشينة و المخلة بنظافة البحيرة و بتوازنها الإيكولوجي.
وفي هذا الصدد طالب فاعل بإحدى تعاونيات صيد الأسماك ببين الويدان في تصريح خص به الجريدة، (طالب) بضرورة تظافر الجهود من أجل حماية ما وصفه بالقطب السياحي الهام، مطالبا بضرورة حماية الراحة البيولوجية للأسماك، مشيرا إلى أن تعاونيته طالبت من مصالح المياه و الغابات إنشاء محمية لتنظيم الصيد بتراخيص وباحترام المعايير التي من شأنها حماية الثروة السمكية وتنميتها.
وأضاف ذات الفاعل أن البحيرة ملك عمومي للجميع، يستلزم انخراط الكل من أجل حمايته، و تكثيف الحملات التحسيسية بهذا الخصوص. وقال المتحدث ذاته، إن البحيرة مترامية الأطراف، وتشهد إقبالا متزايدا من قبل الزوار، مطالبا بضرورة توفير البنيات التحتية اللازمة وشروط الاستجمام بالأماكن الخاصة لذلك، وذلك من خلال إحداث الممرات وتوفير المطاعم والمرافق الصحية، و وضع علامات تدعو إلى حماية البحيرة وعدم تلويث مياهها.
توصيات لحماية ثروات البحيرة في حاجة إلى تفعيل
طالب عدد من المدافعين على حماية بحيرة سد بين الويدان في تصريحات متفرقة للجريدة، بضرورة تفعيل عدد من التوصيات الهامة الصادرة عن اللقاءات الخاصة بالبحيرة، ومنها توصيات اليوم الدراسي المنظم قبل سنتين و المتعلق بتأهيل البحيرة وحماية ثرواتها ومن أهمها إخراج وثيقة تصميم التهيئة لبحيرة بين الويدان إلى الوجود، وبتدخل الجماعات المحاذية للبحيرة لحماية جنباتها من الانجراف من خلال التشجير و معالجة المياه العادمة التي تصب في البحيرة ، والعمل على إنشاء وكالة خاصة لحماية بحيرة بين الويدان و تهيئتها، وتعزيز التواصل بين مكونات المجتمع المدني و مختلف الفاعلين في هذا المجال من أجل المحافظة على الموارد الطبيعية بالإقليم، وتشديد المراقبة لحماية ثروات البحيرة من الإستنزاف.
من جانبها ولمواجهة مخاطر الإستغلال المفرط لمختلف موارد المناطق الرطبة و تعرضها للإختلالات البيولوجية، وفي إطار تنفيذ مخططاتها الإستراتيجية، قامت المندوبية السامية للمياه و الغابات و محاربة التصحر بعدة تدابير في إطار تفعيل سياسة برنامجها العشري، من ضمنها تحيين وتقوية الإطار القانوني لحماية المناطق المحمية بما فيها المناطق الرطبة، و جعله ملائما للقوانين الدولية و مع مبدأ التنمية المستدامة، مع تطوير و تحديث استراتيجية تدبير المناطق الرطبة ذات الأولوية، حيث يتمركز العديد منها بالمنتزهات الوطنية، وإدراج 20 موقعا جديدا على قائمة “رامسار”، ليصل العدد الإجمالي إلى 24، ووضع استراتيجية تعليمية توعوية و تحسيسية خاصة بالمناطق الرطبة في إطار برنامج التربية البيئية .
وتتوقع مصالح المندوبية السامية للمياه و الغابات أن يتضاعف إنتاج الأسماك في أفق 2020 بجهة بني ملال خنيفرة إلى 3000 طن سنويا مما سيساهم في خلق أزيد من 1500 منصب شغل، وسيشكل قيمة إضافية تقدر ب 45 مليون درهم سنويا.
فهل ستتحقق تطلعات وطموحات المندوبية السامية في ظل تزايد مظاهر استنزاف الموارد الطبيعية و تعرضها للثلوث و في ظل المخاطر التي تهدد وجود البحيرة؟.
بحيرة سد بين الويدان ثروة طبيعية وسياحية هامة
تعتبر بحيرة سد بين الويدان بأزيلال من أجمل المواقع السياحية بالمغرب، إذ يبعد هذا القطب السياحي الجذاب عن مدينة ازيلال بحوالي 30كلم وعن بني ملال ب 45. وتعتبر البحيرة المترامية الأطراف من ضمن المواقع السياحية التي تدخل ضمن مشروع “جيوبارك مكون” الذي نال أخيرا اعتراف منظمة اليونسكو وتم إدماجه في الشبكة العالمية للمنتزهات الجيولوجية.
فمياه البحيرة قادمة أساسا من واد العبيد وواد احنصال، وهما نهرين دائما الجريان تغذيهما مياه الثلوج، وتعرف البحيرة بسدها الشهير”سد بين الويدان” الذي يعتبر من أقدم السدود المغربية والذي شيد إبان فترة الحماية الاستعمارية سنة 1953، إذ تبلغ طاقته الاستيعابية مليار و242 مليون و715 ألف متر مكعب، وتعيش بمياهه أنواع عديدة من الأسماك و الكائنات الحية.
كما تعتبر مياه سد بين الويدان منبع مياه السقي بسهل تادلة، ومصدر توليد الطاقة الكهربائية بأفورار. كما تعتبر بحيرة سد بين الويدان موقعا سياحيا خلابا، أنشأت على ضفافه العديد من المشاريع السياحية التي تجلب السياح الراغبين في ممارسة الرياضات المائية والتجوال عبر العبارات والباحثين عن الهدوء والسكينة، كما أن البحيرة لا تبعد سوى ب 60 كلم عن شلالات أوزود التي تعتبر من أهم المواقع السياحية بإقليم أزيلال.
شساعة البحيرة و موقعها الجغرافي المتميز جعلها محطة جذب للاستثمارات السياحية و ممارسة مجموعة من الرياضات المائية، وبناء مساكن فاخرة بضفافها، والتجوال داخلها عبر القوارب و “الياختات” في رحلات الاستجمام و السياحة.
ويبقى الدور الحاسم في تدبير دينامية المشهد ومخاطر الحوض المائي بين الويدان للوكالة المائية لام الربيع ……..تدبير المجال وحماية البيئة .
ويبقى الدور الحاسم في تدبير دينامية المشهد ومخاطر الحوض المائي بين الويدان للوكالة المائية لام الربيع ……..تدبير المجال وحماية البيئة .