هشام بوحرورة
تلبية لطلب العديد من الجمعيات الحقوقية و المدنية بإقليم خنيفرة، اعتبارا لما يعرفه قطاع العقار من ظواهر سلبية على المجال و المجتمع، نظم مركز الدراسات في القانون الخاص بجامعة الحسن الأول بسطات ندوة علمية ببلدية خنيفرة يومه السبت 8 يوليوز2017، الندوة حضر فعاليتها شخصيات سياسية و مدنية و جمعوية و حقوقية و طلبة و صحافة.. و اختار لها المنظمون كعنوان “ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، الأسباب و الحلول” بناء على ما ورد في الرسالة الملكية الموجهة لوزير العدل و الحريات بتاريخ 30دجنبر 2016.
الكلمة الترحيبية بالحاضرين و بالضيوف، وهم نخبة من الأساتذة الجامعيون الذين تجشموا عناء السفر للمشاركة في ندوة خنيفرة، تقدم بها الأستاذ الجامعي محمد أقبلي و الذي شكل صلة وصل بين فعاليات المدينة ومكتب الدراسات في القانون الخاص بسطات. هذا مع العلم أن أهمية الموضوع و حساسيته اتضحت من خلال عدد المشاركين و تدخلاتهم و تساؤلاتهم مما جعل المنظمين يعدون بتنظيم أوراش مستقبلية للتوعية و التواصل و الاستشارة و مقاربة إشكالات العقار بالإقليم .
الكلمة الافتتاحية للندوة استهلها عميد كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بجامعة الحسن الأول بسطات، للتعبير عن أهمية اللقاء العلمي المنظم خارج الأسوار الجامعية، كما عبر أصالة عن نفسه و نيابة عن فريق مكتب الدراسات عن سروره و سعادته بالمساهمة في تنظيم و تأطير ندوة خنيفرة، كما حدد العميد الإطار العام لمداخلات الندوة و التي تندرج في إطار الأمن العقاري و حماية الملكية من المتربصين عبر تشخيص ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير و أسبابها في أفق إيجاد حلول ملائمة وفق مقاربة تشاركية. ثم أعطى عميد الكلمة لمسير الندوة الدكتور و أستاذ التعليم العالي “نوري عبد الحليم” و الذي حرص من خلال تسييره على المسك بالخيط الناظم لكل المداخلات باختلاف توجهاتها و نوع مقارباتها ل”ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، الأسباب و الحلول” و ذلك عبر جرد لما ورد في المداخلات من تقاطعات و خلاصات و أفكار عامة و توصيات كان أبرزها إشارته الى إجماع المداخلات على وجوب تكييف الرسالة الملكية دستوريا عبر إقرار محاكم عقارية و مشاريع قانونية لملء الثغرات حيث لا يستقيم الحديث عن الأمن العقاري أمام قصور أو غياب المرفق العمومي.
اختلفت مقاربة “ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، الأسباب و الحلول” حسب اختصاص نخبة من أساتذة التعليم العالي و نلخصها كالتالي:
1_ الأستاذ “حسن الخطابي” تطرق ل” إشكالية قطاع التعمير في المغرب” و أشار لغياب رؤية واضحة لقطاع التعمير الوطني كما تساءل حول تأثير النخب السياسة في تدبير المجال و مراعاة تطلعات الساكنة و أشار أن تعدد المتدخلين في المجال من دولة و جماعات و مجالس منتخبة و تعاقب الحكومات و اختلاف رؤية المنتخبين و اختلاف السياسات و التوجهات و التي لا تشكل استمرارية للسياسات السابقة بل قطيعة معها مما يطرح عدة مشاكل مع كل مرحلة انتقالية.
2_ الأستاذ “نور الدين الناصري” و تناول موضوعا بعنوان: الأمن العقاري بين هشاشة التشريع و أطماع الاستيلاء. و أكد أن تنوع الوعاء العقاري يفرض تشريعات مواكبة لسد الفراغ و توسيع التنسيق، تفكيك المنظومة التقليدية. و طرح التساؤل هل التقطت الإشارات الكافية من الخطاب الرسمي لتجاوز المعوقات لمراجعة القوانين و إيجاد تشريعات جديدة و مرافق مؤطرة للعقار؟
3_ الأستاذ “عادل قيبال” مداخلته حول: الاستيلاء على أراضي الغير مظالم بين النصين الفقهي و القانوني. و تناول الموضوع وفق منظور فلسفي و ديني، فالإنسان مستخلف في الأرض و المال مال الله يرجع له بعد موت الإنسان لينفَذ فيه حكم الله عبر وسائل التملك المختلفة من ارث و شراء.. و الإنسان مطالب بالخضوع لشرع الله في كل تصرفاته المالية كسبا و إنفاقا علما أن الاسلام شرع قوانين زاجرة للمعتدين. و المشرع لم يعرف العقار بالحد و إنما بالعد و هنا حدد صور الظلم الواقع على عقار الغير من خلال نصوص شرعية و قانونية.
4_ الأستاذ “امحمد أقبلي” موضوع مداخلته: الحماية الجنائية للعقار بين النص و الواقع. و حاول التطرق لمقتضيات التجريم و العقاب التي خصها القانون الجنائي لحماية العقار و مدى نجاعتها مشيرا الى الفصل570، كما أشار أقبلي و هو أستاذ التعليم العالي بجامعة سطات لآليات الإجراءات المسطرية و التدابير المتخذة للوقاية من الاستيلاء. و من خلال تجربته في التعليم و المحاماة سرد لنماذج من الاستيلاء على العقار للتنبيه لبعض “علل و عدم كفاية” الفصل 570 المعنون ب”الاعتداء على الأملاك العقارية” بالنظر الى حجم القضايا المعروضة على القضاء سواء من حيث عددها و غموض و تنوع و تطور وسائلها و ثناياها أمام فصل وحيد أصبح لا يؤدي الوظيفة المتوخاة منه كما أن العقوبات غير ملائمة بالنظر لقيمة العقار و ما أصبح يكتسيه من أهمية. مما يحتم على المشرع التدخل لسد الفراغ.
5_ الأستاذ “محمد النعناني” و عنون مداخلته ب: الاستيلاء على العقارات الحبسية بين الحماية القانونية و النجاعة القضائية. و تطرق لأوجه الاستيلاء الذي يطال العقارات ذات الصفة الحبسية و أعطى نماذج للظهائر التي استعمل في المرحة الاستعمارية للتحايل على النصوص الشرعية، و تطرق لأهمية العقار الحبسي في الإسلام و أهميته كثرة وطنية مما يحتم ضرورة حمايته.
6_ الأستاذ ” محمد جمال معتوق” قراءة لمضامين المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية. مشيرا لأهمية العقود قيمتها و مضامينها أهل الاختصاص و التفاصيل التي يجب مراعاتها تجنبا لأوجه الاحتيال، و عقود بغرض الاستيلاء و تستوجب التشطيب و العقوبة ثم مسؤوليات محرر العقد و مسؤوليات المختصين..
7_ الأستاذ “الأمراني زنطار الحسين” الإجراءات البديلة لمواجهة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير. و لبلوغ الأمن العقاري نص على أهمية سد الفراغ لاسترجاع هبة القوانين العقارية مستدلا بالنجاعة الملموسة في تعديلات همت قوانين أخرى. فضلا عن أهمية تحديث المرفق العام الخاص بالعقار و مساهمة المختصين و كافة المجتمع.
و تجدر الإشارة الى أنه نظرا لصعوبة مقاربة الموضوع من حيث راهنيته و جسامته و الحيز الزمني المخصص للندوة و الذي وزع الى شطرين تخللته استراحة شاي، و جل المداخلات حاول الفريق العلمي تسليط الضوء على موضوع الندوة بشكل شمولي و موجز وفق تخصصاتهم العلمية المختلفة مع تخصيص أشغال ندوة خنيفرة بكتاب جمع مواضيع و إسهامات الأساتذة المشاركين و هو عبارة عن “مجلة المنازعات و النظم الإجرائية” في نسختها الثالثة من منشورات مركز الدراسات في القانون الخاص، و هي المجلة التي وزعت على جل الحاضرين.
الله يعطينا وجهك امير الكومير