المركز المغربي لحقوق الانسان يخرج ببيان ناري حول واقعة فتاة طوبيس والعنف بشوارع المدن المغربية ويحمل المسؤولية لهؤلاء

هيئة التحرير23 أغسطس 2017
المركز المغربي لحقوق الانسان يخرج ببيان ناري حول واقعة فتاة طوبيس والعنف بشوارع المدن المغربية ويحمل المسؤولية لهؤلاء

تاكسي نيوز / جمال مايس

 

 

أصدر المركز المغربي لحقوق الانسان بيانا للرأي العام يناقش ظاهرة التسيب والانفلات اللاأخلاقي الذي باتت تشهده شوارع المدن المغربية ، وكان اخرها مابات يعرف بفتاة طوبيس ، حيث حمل المركز الحقوقي المسؤولية لمجموعة من الجهات على رأسها منظمومة التعليم والأسرة ..، وقدم حلولا لانقاذ ما يمكن انقاذه.

وفيما يلي نص البيان الذي توصلت به “أخبارنا”

 

على إثر ما بات يشهده المجتمع المغربي من ظواهر خطيرة، من اغتصاب للأطفال والفتيات، وتهجم واعتداء بالأسلحة البيضاء، وأحيانا أسلحة نارية على مواطنين آمنين، والتحرش الجنسي في حق الفتيات وحتى الأطفال، بل وممارسة التعنيف وتمزيق أجساد أبرياء حتى الموت، من قبل أشخاص باتوا مجرمين حد الرعب، حيث شاء القدر أن تصير أرواح أبرياء تحت رحمة أشخاص لا يرقبون في الإنسان إلا ولا ذمة.
وعلى ضوء التقارير والإحصائيات الرسمية وغير الرسمية، التي تؤكد تصاعد حدة الجريمة بالمغرب، وازدياد نسبة الجرائم، ومنها المسجلة ضد مجهول، والجرائم ضد الأصول، وجرائم النصب والاحتيال، وعدم قدرة العدالة المغربية على التصدي لها والحد منها بشكل فعال ورادع.
ونظرا للتفاعل المسترسل للمواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع هذه الظواهر الإجرامية، والتي كان آخرها، ما بات يعرف بفتاة الطوبيس، التي تعرضت إلى التحرش الجنسي الخطير، الذي يرقى إلى الاغتصاب، من لدن شباب جانح ومتهور، يعلن المركز المغربي لحقوق الإنسان للرأي العام ما يلي:
ـ إن ما يشهده المغرب حاليا ينذر بانهيار منظومة القيم الإنسانية في نفوس الشباب، على نحو يوشك أن يصيب المجتمع بعطب قيمي وإنساني رهيب، حيث بات غالبيتهم ممزق الهوية ومنحلا عن القيم الإنسانية والأخلاقية، فضلا عن الدينية، ويرجع ذلك إلى أسباب عديدة، نذكر من بينها :
ـ انكفاء الأسر المغربية عن مستلزمات تربية الأبناء، بسبب انشغالهم المرير بالبحث عن لقمة العيش، فضلا عن السقوط في نزاعات تفضي إلى التفكك الأسري، بالنسبة لفئات عريضة مهمشة أو معدمة.
ـ اضمحلال الدور التربوي والأخلاقي للمدرسة العمومية، في وقت باتت تشكل محورا أساسيا في تكوين شخصية المواطن في الدول الديمقراطية.
انتشار وسائل الإصابة بالإدمان، وتهييج غرائز اليافعين، عبر شبكات التوصل الافتراضي، والتباهي بالممارسات اللاأخلاقية، وتمييع العلاقات الإنسانية، داخل الأسرة وخارجها.
ضعف الرادع القانوني، في الحد من الاختلالات الاجتماعية الخطيرة، والتي ترى طريقها نحو المؤسسات الأمنية والقضائية، بسبب ممارسات فاسدة، وغلبة المال والنفوذ والشطط، بما يفضي بالنهاية إلى الإفلات من العقاب، مما شجع تباعا على انفراط الوازع الأخلاقي والضمير الإنساني في نفوس المعتدين.
تشجيع رسمي مكشوف للإعلام التافه، تصرف عليه ميزانيات ضخمة من الأموال العمومية، وغايته إفراغ الأجيال الصاعدة من انتمائهم الهوياتي، من خلال تحريك الغرائز بدل العقول، وتنمية أفاعيل الغش والخداع والخيانة، وثقافة الشوفينية في عقولهم، بدل قيم المبادئ والأمانة وروح الانضباط.
إن ما تشهده شوارع وأزقة ومسالك مدن وقرى المغرب، وما تعرفه وسائل النقل العمومية، وأحيانا داخل بيوت آمنة، من اعتداء على المواطنين، ظاهرة مسترسلة خطيرة، وليست حالات معزولة، ولعل بعض المدن، كالدار البيضاء وفاس وطنجة، باتت مسرحا لاعتداءات متكررة على مواطنين ومواطنات في واضحة النهار، دون أن تتمكن الجهات الأمنية المختصة من ضبط الوضع، لأسباب موضوعية، وأخرى ذاتية.

إن تفاعل الرأي العام مع حادثة فتاة الطوبيس غير كافي على الإطلاق، ومثير للاستغراب، حيث رغم أن الجريمة المرتكبة في حق الفتاة تابثة وتستلزم إنزال العقوبة بأولئك المجرمين، فإن المغرب قد شهد ولا يزال حالات لاعتداءات إجرامية بشعة، لم تنل الاهتمام والضغط اللازمين، لفرض تغيير للقوانين ولسلوك المؤسسات في ضبط الوضع، كحالة اغتصاب خديجة بمدينة ابن جرير من لدن وحوش آدمية، وإطلاق سراحهم من قبل القضاء، مما دفعها إلى الانتحار، وحالة الطفلة فاطمة الزهراء من مدينة تيفلت، التي تعرضت للاختطاف والاغتصاب، قبل أن يجهز عليها الجاني ليرديها قتيلة، بعد أن أشبع غريزته البهائمية في جسد طفلة بريئة، وحالة طفلة صفرو، التي اختطفت وثم اغتصابها وبتر أطرافها وإحراق جسدها، لتلفض أنفاسها، دون أن تتمكن العدالة لحد اليوم من وضع اليد على الجاني أو الجناة، كلها وغيرها كثير من الظواهر الإجرامية، التي يندى لها الجبين، تستلزم تعبئة اجتماعية قوية، من أجل وضع حد لهذا الإجرام الممنهج والمسترسل في حق الطفولة وفي حق النساء، وفي حق المواطنين الأبرياء عموما.
إن وضع العطالة في صفوف الشباب، وغياب محفزات التحصيل واستثمار الطاقة، وانعدام الآفاق، أدى إلى انتشار مظاهر الإدمان في صفوفهم، وجعلهم ضحية الضياع، الذي أسقط بعضهم تلقائيا في عالم الإجرام، وباتوا خطرا على أنفسهم وعلى المجتمع برمته، مما يدفع إلى التساؤل عن السبب من وراء ذلك، ولخدمة من هذه السياسة المدمرة لمستقبل المغرب.
وبناء عليه، فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان :
يحمل المسؤولية إلى السياسات العمومية غير الديمقراطية، التي أدت تداعياتها إلى انهيار وشيك لمنظومة القيم الإنسانية في المجتمع، وفي صفوف الشباب على وجه التحديد.
يطالب الدولة المغربية بمراجعة مقاربتها في تدبير الخدمات الاجتماعية، والبنى التحتية، المرتبطة بالحقوق الأساسية، كالتعليم البناء والصحة للجميع والتشغيل للجميع وبالاستحقاق، وإيلاء الجانب الاجتماعي والرعاية التربوية، ما يجب من أجل النهوض بقيم المحتمع، بدل التنصل منها، بدعوى العبئ المالي الذي تتحمله الدولة، مما سيتسبب في تدميرها تديريجيا.
يطالب الاحزاب السياسية، والمجتمع المدني، بالاضطلاع بمهامها المجتمعية، من خلال العمل على إدماج الشباب في برامجها وتمكينهم من الفعل والمبادرة، داخل هياكلها.
يطالب بوضع مخطط اجتماعي وطني، لإدماج الشباب، خاصة من الأسر المعوزة والمعدمين، في أنشطة وبرامج للتنافس العلمي والرياضي والثقافي، وتحفيز روح الابتكار والإبداع في نفوسهم، بما يمكن من استثمار مواهبهم، التي تذهب سدى بفعل الضياع والتشرد، وبما يمكن من غرس قيم الإنسانية وروح المواطنة في نفوسهم، بغية إنقاذ مستقبل المغرب من عواقب قد لا تحمد عقباها.

حرر بتاريخ 22 غشت 2017
المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة