نور الدين ثلاج / خريبكة
تعيش مدينة خريبكة، منذ مطلع شهر يوليوز الفارط، على صفيح وساخن وتعاقب الأحداث، بعدما وصل الصراع بين السياسة والعقار إلى المحكمة، ودخول الفرقة الوطنية ووزارة الداخلية على الخط، وذلك بالاستماع إلى كل الأطراف المتدخلة في القضية التي هزت أركان جماعة خريبكة، أو ما أصبح يعرف بملف “الحمام”، بعدما حصل منعش عقاري على شهادة المطابقة الخاصة بالحمام ورخصة السكن الخاصة بطابقين سكنيين شيدا فوقه، حيث بادر الرئيس إلى سحبهما، ليلجأ المنعش العقاري إلى القضاء ويضع شكاية يتهم فيها رئيس جماعة خريبكة المنتمي لحزب العدالة والتنمية بالابتزاز والارتشاء، لتأخذ القضية بعدا آخر ومسارا طويلا ومعقدا.
المنعش العقاري صاحب المشروع رأى في سحب الرئيس لرخصة السكن وشهادة المطابقة ضررا كبيرا وخسارة مالية جسيمة، فقرر وضع شكاية لدى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف، ضد رئيس المجلس البلدي لخريبكة، يوم 20 يوليوز الماضي يتهم فيها رئيس الجماعة بالابتزاز والارتشاء، معترفا في شكايته بأنه سلم الرئيس 20 مليون سنتيم بناء على اتفاق تم بينهما سنة 2016، بعدما تلقى من رئيس الجماعة اتصالا هاتفيا يطالبه بالحضور بمفرده لمناقشة قانونية ملفه الذي ظل حبيس مصابح الجماعة لعدة شهو وعرف تماطلا وتأجيلا وتكرارا لبعض الملاحظات، وهو ما تسبب له في أضرار مالية ومعنوية جسيمة.
الشكاية التي تتوفر تاكسي نيوز على نسخة منها أكد فيها المنعش العقاري تلقى تطمينات من طرف الرئيس وأن بناء شقق سكنية فوق الحمّام أمر ممكن، مقابل مساعدة رئيس المجلس والوقوف بجانبه في انتخابات السابع من أكتوبر من السنة الماضية، كما تضمنت ذات الشكاية أن رئيس جماعة خريبكة طالب المنعش العقاري برشوة قيمتها 40 مليون سنتيم، مقسمة على دفعتين، من خلال دفع نصف المبلغ عند تسلم رخصة البناء، والنصف الثاني عند تسلم رخصة السكن وشهادة المطابقة، التين تم سحبهما بعد أيام.
وقال ذات المنعش العقاري إن الرئيس طالب مباشرة بعد توقيعه لرخصة السكن وشهادة المطابقة بالمبلغ المتبقي من أصل 40 مليون سنتيم، لكن غياب السيولة وطلب مهلة إلى حين بيع إحدى الشقق، وهو ما رفضه الرئيس واعتبره خيانة، وشرع في تهديده بسحب الرخصة والشهادة المسلمتين له، قبل أن ينفّذ تهديداته بإرسال مفوض قضائي إلى مكان المشروع، واتخاذ قرار جديد بعد يومين، يقضي بسحب رخصة السكن وشهادة المطابقة، الأمر الذي لم يستسغه صاحب الحمام، ولجأ إلى القضاء، متهما الرئيس بالطمع، وممارسة الابتزاز والتهديد.
ومن جانبه ومن باب الرأي الاخر ، وضع رئيس المجلس الجماعي لمدينة خريبكة، الشرقي الغالمي، بدوره شكاية لدى وكيل الملك، يتهم فيها منعشا عقاريا بتزوير الوثائق الإدارية و التدليس .
وجاء في شكاية رئيس جماعة خريبكة، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، أن المشتكى به تقدم، يوم 7 من الشهر الماضي، بملف من أجل الحصول على رخصة السكن وشهادة المطابقة، وهو ما دفع الرئيس إلى إرسال مفوض قضائي للتأكد وتشخيص وضعية البناية ومعاينتها، حيث أنجز محضرا ضمنه وجود مجموعة من العمال الذين يقومون بأشغال “الفيانص” وتكسية درج البناية والواجهة وبناء خزان للماء دون ترخيص، مع ربط المداخل الأربعة للبناية بدرج خارج حدوده، وهو دفع بالرئيس إلى إيفاد موظف جماعي مكلف بمراقبة البناء إلى مكان المشروع، و أنجز محضرا يضم مجموعة من الخروقات، من بينها بناء درج المداخل الأربعة فوق الملك العمومي، وتغيير موقع مدخل القبو ومحله والتقني، والتغيير الكلي للمعالم الداخلية بالطابقين الأول والثاني، وبناء خزان غير وارد بالتصميم المرخص، والزيادة في علو البناية، وفتح أربع نوافذ بالواجهة الشمالية، وعدم احترام العلو المخصص للمدخنة.
كما أفاد رئيس المجلس الجماعي في شكايته أن تسجيل تلك المخالفات دفعه إلى مراسلة السلطات المحلية، وإصدار أمر فوري بوقف الأشغال، وسحب رخصة السكن وشهادة المطابقة.
وقال منطوق الشكاية إن المشتكى به تقدم بطلب لدى مكتب الضبط بالجماعة، يضم مجموعة من الوثائق، من أجل استصدار أمر استئناف الأشغال، إلا أنه بعد التدقيق في تلك الوثائق والمستندات، تبين أن المعني بالأمر عمد إلى التدليس من خلال المرافق التابعة للجماعة؛ وذلك بتزوير الوثائق وإحداث تغيير بقلم جاف، وتغيير التصاميم جوهريا من الداخل والخارج، دون سلك المساطر القانونية المعمول بها، بقصد الحصول على رخصة السكن وشهادة المطابقة، وذلك بإدلائه بتصريح المهندس الواضع لتصور المشروع، موقع من لدن المعني بالأمر والمهندس ومكتب الدراسات، يتضمن بيانات غير صحيحة وغير مطابقة للواقع الذي عليه البناية حاليا، من بينها انتهاء أشغال البناء، بينما هي غير منتهية، مع الإدلاء بصور فوتوغرافية لواجهتي البناية، تظهر أنها مكتملة البناء والبلاط ومصبوغة بالأبيض، قبل أن يتبين بأن الصور مزورة عن طريق الفوتوشوب، بقصد إيهام المصالح المختصة بالجماعة على أنها مكتملة.
وطالب رئيس جماعة خريبكة، من خلال شكايته، وكيل الملك بإجراء بحث دقيق في النازلة، والاستماع إلى كل من يفيد في وقائعها، ومتابعة المشتكى به من أجل المنسوب إليه، والمتمثل أساسا في التدليس والتزوير في وثائق رسمية بقصد الحصول، وبدون حق، على رخصة السكن وشهادة المطابقة، باعتبارها أفعالا يجرمها القانون
وجدير بالذكر أن شكاية المنعش أحيلت على الوكيل العام لجلالة الملك بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، حيث شرعت الفرقة الوطنية في الاستماع إلى عدة أطراف متدخلين في قضية الحمام ..