القطاع الصحي الخاص بالاسنان ينقسم واقعيا و منطقيا إلى فئتين، أطباء الأسنان المرخص لهم للعمل في القطاع الخاص و مرممي الأسنان المرخص لهم من لدن الامانة العامة للحكومة للعمل في القطاع الخاص، و هناك ما يسمى القطاع الثالث الغير قانوني الذي ينقسم بدوره إلى قسمين، منتحلي صفة الأطباء و منتحلي صفة مرممي الأسنان.
سلط الإعلام الضوء مرار و تكرارا على القطاعات السالف ذكرها باستثناء فئة منتحلي صفة مرممي الأسنان التي سنتطرق للحديث عنها فيما يلي.
– من هو منتحل صفة مرمم الأسنان و ما الفرق بينه و بين مرمم الأسنان القانوني؟
مرمم الأسنان القانوني هة مهني حاصل على شهادة أو دبلوم الدراسات العليا معترف به من طرف الدولة سواء من لدن إحدى مؤسسات التكوين المهني بالقطاع الخاص أو القطاع العام، أو إحدى كليات الطب أو إحدى المدارس الخاصة المعتمدة من لدن الدولة أو دبلوم أجنبي قابل للمعادلة بالمغرب، يشتغل بترخيص ممنوح له من طرف الامانة العامة للحكومة بعد خضوع محله المهني لمراقبة اللجنة المتخصصة للتأكد من مطابقته للمعايير الصحية المطلوبة.
يخضع المهني قبل اقباله على هذه الخطوة إلى تكوين حقيقي في الميدان و تدريب عملي من شأنه الرفع من مستواه المعرفي و تحسين قدرته الإنتاجية و الرقي بجودة الخدمات و الرمامات التي ينتجها داخل مختبره، في حين تظهر فئة أخرى من الذين يطلقون على انفسهم إسم مرممين الأسنان، منهم من اشتغل مدة معينة داخل مختبر و أختار أسهل الطرق ألا و هي شراء دبلوم للتمكن من الحصول على ترخيص، و هناك من إختار التمرن على يد مرممين لمدة و اختصار الوقت و المجهود و إلتجأ إلى تزوير دبلوم ليتمكن من الحصول على إذن بالمزاولة.
هنا تظهر مافيا المدارس الخاصة على الخط، لا أعمم لأن هناك العديد من المدارس الخاصة تشتغل بأمانة و شرف، لكن هذا لا ينفي وجود مافيا من أرباب المدارس الخاصة ترى المتاجرة في الدبلومات سلعة رابحة غير مكثرتين بالكارثة التي يتسببون فيها لقطاع بأكمله.
نزيف حملة الدبلومات المزورة تفاقم بدرجة يصعب التفرقة بينهم و بين المرممين القانونيين، فالمقولة الشائعة على ألسنتهم انهم تعلمو الحرفة داخل المختبرات و الادهى أنهم يجدون تأييد العديد من الناس يرون في صناعة رمامات الأسنان مجرد حرفة يمكن تلقينها بالتدريب.
هنا يقع الخلط و الغلط الأكبر، لأن دراسة صناعة رمامات الأسنان لا تقتصر على صناعة الرمامة، بل هناك دراسة علمية للمواد التي تدخل في هذه الصناعة، و الكميات اللازمة لكل حالة، و كذا الخصائص الفيزيائية و الكيميائية لهذه المواد، مع مراعاة إمكانية تأقلمها مع نسيج الفم، وما إلى ذلك من الدراسات المعمقة التي لا تقتصر فقط على ما سلف ذكره، بل أكثر بكثير، حيث ان منتحل صفة المرمم، لم يخضع إلا للتدريب العملي يستبعد تماما درايته بما سبق،لأنه لم يرى سوى عصارة التكوين في شكل رمامة، ليست له دراية بالكيفية الصحيحة لإستخدام المواد و دراسة خصائصها، و مراعاة شروط اختيارها، و هنا تدخل صحة المواطن موضع تساؤل، بما ان الرمامة التي يصنعها مهني المختبر بناء على وصفة الطبيب مصيرها في نهاية الامر، التركيب في فم المريض.
نجد هذه الشريحة التي تسمي نفسها الحرايفية، لايراعون ضمائرهم في إختيار المواد المستعملة في الصناعة، همهم الاكبر هو التوفير قدر الإمكان و تحقيق الربح الأكبر، نجد على سبيل المثال، عوض استخدام المعدن الطبي المصنع خصيصا للتعويضات السنية، الذي يتأقلم مع نسيج الفم عند المريض و لا يتسبب له بأضرار، يكتفون باستعمال المعادن الرخيصة من قبيل تذويب الملاعق و ما شبه ذلك، دون التفكير في الخطر الذي يتعرض له المواطن من تعرضه للإصابة بالسرطان و التهابات اللثة و العديد من المشاكل الصحية، هنا تبقى المسؤولية الأخلاقية للطبيب المعالج باختياره للمختبر الذي يشتغل وفق المعايير الصحية المطلوبة، من أجل تأمين جودة الرمامة و حماية صحة المريض بعيدا عن هاجس الربح المادي، فكلما بخس المختبر ثمن الرمامة، هناك بلا شك نقص أو انعدام جودة المنتوج الذي يعرضه على الطبيب.
تكاثر هذه الفئة من منتحلي صفة مرممي الأسنان بشكل مخيف لا يهدد فقط قطاع صناعة و ترميم الأسنان، بل الأخطر من هذا ، يهددون سلامة و صحة المواطنين، و منه يبقى الحل الوحيد للحد من هذه الآفة هو استصدار القانون المنظم للمهنة، بغية وقف نزيف العشوائية الذي يشهده القطاع.
مشروع القانون 25 14 رغم تعرضه لاكراهات بين التأييد و المعارضة، و كذا التشويش من طرف اطراف مدعون غيرتهم على المهنة و المهنيين في حين اعتراضهم على القانون يتعلق بمصالح شخصية محضة، يبقى الحل الانجع هو تنظيم القطاع للحد من العشوائية و المرور إلى تطوير و تقوية المهنة، حيث ضرورة التكوين التي يلزمها القانون، ستمكن حتما من الرقي بمستوى المهنيين، و كسب جيل جديد حاصلين على تكوين يرقى بفكرهم الى مراعاة الضمائر المهنية في عملهم.