يبدو أنّ مستوى عدم رضى العاهل المغربي على الوزراء المقالين وصل إلى درجة لا يمكن معها انتظار تدبير قبلي لمرحلة ما بعد الإعفاءات ليمرّ استبدال الوزراء بآخرين بسلاسة و بدون تعثّر ، و إلّا فما المانع من الانتظار إلى أن تتّضح الرؤية و يتمّ التّوافق على الوزراء الجدد المحتمل دخولهم الحكومة ثمّ بعد ذلك يتمّ إعفاء الآخرين ؟ اجتنابا للفراغ الذي يمكن أن يؤثّر على السّير العادي للقطاعات المعنيّة .
و إذا كانت السّنبلة رقم سهل في المعادلة و لا يُحتاج إلى عمق تحليل لاستخلاص أنّ استمرار وجودها في الحكومة تجوز فيه كلّ الاحتمالات، فالقائل إنّ حزب التقدّم و الاشتراكيّة أصبح قاب قوسين أو أدنى من مغادرة الحكومة قد يستدلّ بكون إعفاء الأمين العام للحزب من المسؤوليّة الوزاريّة ليس كإعفاء غيره ، بغض النّظر عن المبرّرات و الأسباب ، فكيف يُعفى زعيم حزب من الحكومة ثمّ يُطلب منه بعد ذلك اقتراح أسماء للاستوزار بدلا عنه و عن وزراء حزبه ؟ إلّا إذا كان ذلك رسالة واضحة إلى مناضلي التقدّم و الاشتراكيّة مفادها أنّ استبدال هذه القيّادة المقرّبة من ابن كيران بأخرى شرط أساسي للاستمرار في الحكومة ، و ذلك فقط إن كان يُتوقّع التقاط الرّسالة بإيجابيّة ، و إلّا فإعفاء نبيل صديق ابن كيران و الوردي الوزير المحبّب إليه من حكومة العثماني يعتبر مقدّمة لإعفاء الحزب بأكمله من الحكومة و رسالة إلى رئيس الحكومة لاستحضار هذا المعطى عند اقتراح وزراء جدد .
إضافة إلى أنّ إعفاء وزراء العدالة و التّنميّة من إقالة أيّ واحد منهم قد يكون رسالة إلى عبد الإله و إلى مناضلي حزب المصباح في أفق المؤتمر، و إلى رئيس الحكومة كذلك مفادها أنّ الحزب يمكن أن يستمرّ في تدبير الشّأن العام و يترأّس الحكومة و لكن بأمين عام جديد و بدون أصدقاء ابن كيران .
كيف سيدبّر رئيس الحكومة مسألة الاستوزار لملإ ما شغر من مناصب ؟ هل سيكون الوزراء الجدد سيّاسيين يُتفاوض بشأنهم ، أم تيكنوقراط معيّنين ؟ كم سيحتاج العثماني من الوقت ليصل إلى توافق مع الأحزاب حول أسماء المرشّحين للاستوزار ؟ تلك أسئلة رهينة بمعرفة إن كان العثماني توقّع هذه الإعفاءات قبل وقوعها ، و إن كان على علم بالأسماء المحتمل أن يشملها الإعفاء، و إن كان حدّث نفسه أو تحادث مع غيره حول البدائل الممكنة أو الجاهزة لمثل هذه الخطوات المحتملة ، و رهينة كذلك بالكيفية التي سيتفاعل بها المصباح و الكتاب مع رسائل الإعفاءات .