بني ملال: محمد البصيري
نظم فرع بني ملال للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة مساء امس السبت بمقر الغرفة الفلاحية بتنسيق مع الاكاديمية الجهوية للتربية و التكوين لجهة بني ملال خنيفرة، الدرس الافتتاحي الثاني في موضوع ‘ الفلسفة و الدين’، الذي أطره المفكر المغربي إدريس هاني، بحضور عبد الله الشيفاوي المكلف بتدبير شؤون المديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية وأساتذة و باحثين و طلبة و فاعلين مهتمين بالشأن الثقافي و الفكري.
و تناول الأستاذ ادريس هاني خلال عرضه الدقيق و العميق معالجة فلسفية لعلاقة الدين بالفلسفة، معتبرا الأخيرة مقاومة للمؤامرة الكونية على الدماغ البشري، و علاجا لعلل الفكر، على اعتبار اننا نعيش على حد قوله قتل السؤال و قمعه بالجواب، وتفجير مشروعية الفلسفة من الداخل، وأن المشكلة تكمن في العلاقة التي نربطها مع اللحظات التاريخية.
وتناول ادريس هاني بتفصيل علاقة الانسان بالأصل، معتبرا سوء هذه العلاقة هو مشكلة السلفيات( ويقصد بالسلفية تحديدا سوء العلاقة مع الأصل سواء كان دينيا كما هو الأمر في الإسلام و المسيحية و ديانات أخرى،أو بفلسفة عصر الأنوار، موضحا العبارة بقولة الفيلسوف نتشيه – لقد هدمنا الكنيسة و بنينا كنيسة أو سلفية جديدة،و يقصد بها عقل عصر الأنوار). و خلص الاستاذ ادريس الى أن السؤال الفلسفي لا ينتهي، وانه إذا لم نأخذ بتعقيد الواقع سننتج التبسيط، مشددا على ضرورة التحرر من ما أسماه الهيمنات الأربع، هيمنة الماهية، هيمنة الثبات، هيمنة المادة و هيمنة المنهج، كما استشهد بحركة البوندول الفزيائية- Pendule- لتوضيع معنى الوسطية والتواسط الذي يجب حسبه ان يكون ديناميكيا و شاملا مستوعبا للمسافة بين أقصى اليمين و أقصى اليسار. و انتقد المفكر هاني تحويل وظيفة و مهمة الفيلسوف من فيلسوف حقيقي إلى فيلسوف كادح ‘Ouvrier’ و إعلان موت الفلسفة، مبرزا أن لا شيىء ينزل عبر الواقع دون ايديولوجيا التي اعتبرها متعجرفة تحرك ما تشاء و تثبت ما تشاء.
وخلص المتحدث الى توجهين لعودة الدين، إما العودة نحو التوحش و التطرف، او نحو تأسيسه على اسس فلسفة الدين استنادا على علوم الانتروبولوجيا و السوسيولوجيا …كما خاض في مسألة الكوني و الخصوصي او الكلي و الجزئي مسترشدا بكتابات العروي و الجابري وطه عبد الرحمان. وخلال تناوله و تفكيكه للقضاية السالفة الذكر استدل المفكر ادريس هاني بعدد من الفلاسفة و المفكرين الاغريق و المسلمين و الغربيين، مشيرا إلى أن محاضرته يمكن عنونتها ب (الشفا ضد التسليف الفلسفي).
هذا و بعد هذا العرض القيم تم فتح باب المناقشة، و طرح قضايا و تساؤلات عكست تنوع و غنى الحضور في قناعاته و تصوراته، و التي تلاها رد تركيبي مفصل لكل المداخلات من قبل المفكر ادريس هاني الذي أقر أن المداخلات كانت غنية وفتحت أفق تفكيره على إمكانيات أخرى لتناول الموضوع.