عبدالكريم جلال
أصدرت الدكتورة سعاد بلحسين المولوعة بالبحث في التراث الجهوي، كتاب قيما، تحت عنوان: “الالعاب التقليدية بجهة بني ملال خنيفرة: الطقوس والوظائف المادية والرمزية”. هو كتاب يحمل بين دفتيه ألعاب تقليدية، تعد جزءا من الذاكرة والوجدان الجمعي لمجتمعنا ولجهتنا بني ملال خنيفرة بالخصوص. ألعاب ساهمت في بناء الشخصية الإجتماعية، وتربيتها من جميع مناحيها، وبمختلف أبعادها، أدت،إلى عهد قريب، أدوارا هامة في تأطيرالموروث الثقافي والتراثي المرتبط بالمعيش اليومي، إضافة إلى دورها في تنمية الشخصية الفردية والجماعية، في مختلف جوانبها، بالنظر إلى الوظائف التربوية، والاجتماعية، والصحية… التي تضطلع بها، ناقلة معها عادات وتقاليد ومهارات، بصورة طبيعية وتلقائية من جيل إلى جيل، مشكلة بذلك بعض ملامح ثقافة شعبية غنية بالمعاني الإنسانية والاجتماعية، مؤكدة بذلك أهمية الانتماء والارتباط بالأرض/ الأم/ المجال.
تقول المؤلفة في تقديم الكتاب:”يأتي الإهتمام بالألعاب التقليدية، في سياق البحث عن هوية وثقافة تشكل خصوصية داخل مجتمعاتنا الجهوية، هذه الخصوصية التي تبحث وتسعى إليها بعض المجتمعات في الدول الأخرى، قصد الإنزياح عن نمطية العولمة، والبحث في رفوف المرجعية المكانية والزمانية المرتبطة بالتاريخ المحلي، كنوع من الحنين إلى قيم وعادات مشتركة، وبعيدا عن مفاهيم أصبحت تقلقنا وتشكك في انتماءاتنا الثقافية والهوياتية… كما أن تتبعنا لهذه الجزئية الثقافية المتمثلة في الألعاب التقليدية بجهة بني ملال خنيفرة، ليس فقط من باب الدراسة والكتابة، بل لما تحمله من قيم تربوية وثقافية تفيدنا وأجيالنا الصاعدة في الاطلاع على ما اختزنته الذاكرة الشعبية، من قيم حضارية وأخلاقية عبر الزمن، وفي كيفية وطرق وشروط اللعب داخل المجتمع.
هذا إضافة إلى أن البحث في موضوع له علاقة بالتاريخ والثقافة والمجتمع والمجال… جعلنا نسافر عبر الزمن لتأصيل لعبة ما، بناء على قصة أو عبرة أو حاجة ملحة كانت تحملها بين طياتها… فالألعاب في بساطتها السطحية، تظهر للمتفحص كشيء من الحنين أو النوستالجيا، في حين أنها بوابة لكتابة ودراسة أشياء لم تذكرها كتب التاريخ، فهي مرآة للمعيش اليومي وزمن لتنظيم الوقت، وآلية لتدبير المجال، وبالتالي فهي جزئية يمكن اعتبارها مدخلا لتاريخ مجتمع صغير… كما أن الغاية الكبرى من هذه الدراسة، تكمن في جمع وتصنيف ووصف الألعاب التقليدية بمجال جهة بني ملال خنيفرة، ثم تحديد وظائفها الصحية والتربوية والتعليمية والاجتماعية… لما تعكسه من جوهر للقيم التي تعمل الجماعة على نشرها وضمان استمراريتها من جهة ، وكونها عناصر أساسية لتشكيل الهوية الثقافية المؤثثة للجماعات البشرية من جهة أخرى”.
هذا الكتاب الغني بمعلوماته، جزأته الكاتبة إلى ثلاثة مباحث:
*المبحث الأول: اللعب بين المفهوم والمقاربة والذي تناول تعريف اللعب والمقاربة النظرية لموضوع اللعب من الناحية التاريخية والفلسفية والصحية والسوسيولوجية والاثنولوجيا . ضمنه أشارت الباحثة إلى آراء المتخصصين في هذا المجال .
*اما المبحث الثاني: تضمن جردا للألعاب التقليدية بجهة بني ملال خنيفرة، وأنواعها:الألعاب التقليدية البدنية والحركية ثم الألعاب التمثيلية، ثم الألعاب الذهنية والكلامية.
مع ذكر خصائص ووظائف الألعاب التقليدية بمجال جهة بني ملال خنيفرة، متطرقة لكل لعبة من اللعب ومستلزماتها ومكانها وزمانها، ووصف لطريقة سيرها، وأهم القيم التي تحملها خلفها، مرفقة بصورة توضيحية لكل لعبة.
*أما المبحث الاخير والذي تناول وظائف الألعاب التقليدية بجهة بني ملال خنيفرة، ضمنه تطرقت الباحثة إلى الوظيفة التواصلية، ووظيفة التنشئة الإجتماعية والوظيفة التربوية والوظيفة الرياضية والصحية .
هو كتاب جالت صاحبته السهل والجبل والدير لتجمع معلومات قل نظيرها، تستحق القراءة لما تحمله من قيم ومبادئ اجتماعية، ومنافع صحية، وكنوز تراثية، وشواهد تاريخية. هذه الألعاب التي اختفت في زمننا الحالي وعُوضت بألعاب الكترونية، تحمل أخطارا، وأضرارا على صحة الطفل وعلى الجماعة، طُمست معها ثقافتنا وهويتنا وذاكرتنا في ظل ما يسمى بالعولمة.
عموما يبقى الهدف من مثل هذه الأبحاث والدراسات، هوالتأكيد على أهمية هذا الموروث الثقافي، وعلى أهمية القيم التربوية والاجتماعية التي يحملها ويمررها للأجيال القادمة، وأيضا لتحسيس الساكنة المحلية، والمهتمين بالشأن الثقافي، بأهمية بعث وإحياء هذا الموروث، والحفاظ على ما تبقى منه، والعمل على إدراجه ضمن خطط تنموية. كما يمكن أن تشكل مثل هذه الأعمال، بوابة لتعميق البحث في واقع هذه الألعاب، والعمل على إدماجها ضمن المقررات الدراسية، واستغلالها لأهداف تربوية…
ماهو عدد صفحات الكتاب وما هو حجمه وثمنه وأين يباع؟