تاكسي نيوز في حوار خاص مع عبد الغني الصواف الخبير الدولي في رياضة كرة الطاولة
التتويج بالألقاب و البطولات جاء بعد مسار من التضحيات و التحديات، و طموحنا توسيع قاعدة الممارسين و الممارسات إقليميا و جهويا.
على إثر فوز نادي رجاء بني ملال لكرة الطاولة ببطولة المغرب لهذا الموسم، استضافت تاكسي نيوز الإطار و الخبير عبد الغني الصواف، الذي تطرق في هذا الحوار بتفصيل لأهم محطات نادي رجاء بني ملال منذ تأسيسه سنة 1974، و إلى العمل الدؤوب و المتواصل الذي أثمر إنشاء قاعة للتداريب بمواصفات حديثة و تكوين مشتل للممارسين و الممارسات. تحدث الصواف عن الإكراهات المادية، و عن الطموحات المستقبلية لتوسيع قاعدة الممارسين بالمؤسسات التعليمية.
عبد الغني الصواف الذي تحدث إلينا بقلب مفتوح و بتواضع كبير، و هو العارف بكنه و تفاصيل هذه الرياضة الأنيقة، إطار بوزارة الشباب و الرياضة و خبير دولي في كرة الطاولة، مدربا و مديرا تقنيا سابقا للفريق الوطني.
أجرى الحوار: محمد البصيري
1- حاز نادي رجاء بني ملال لكرة الطاولة على لقب بطولة المغرب للموسم الجاري ذكورا و إناثا، انجاز يستحق التنويه و التشجيع. كيف جاء هذا التتويج ؟
التتويج بالبطولة الوطنية، و بعدد من الألقاب، جاء بعد مسار طويل من المجهودات و التضحيات. فنادي رجاء بني ملال تأسس سنة 1974، و ذلك انطلاقا من دار الشباب التي كانت الفضاء الوحيد الذي تمارس فيه كرة الطاولة. انطلقت مسيرة النادي منذ ذلك الحين رغم تعثرات و إكراهات البداية. صعود النادي إلى القسم الأول، جاء بعدما التحقت ببني ملال بعد فترة تدريب كإطار لوزارة الشباب و الرياضة. الإنطلاقة كانت بدعم و تحفيز من أخي الحاج عبد الكريم الصواف الذي كان له الفضل في تكوين النادي و رسم استراتيجية العمل لإعداد فريق تنافسي و توفير أجواء العمل الملائمة. كان أعضاء المكتب تجمعهم علاقة أخوة و صداقة و كانوا يعقدون اجتماعات كثيرة بالمقهى لبلورة تصور يمهد الطريق لنادي رجاء بني ملال لمقارعة الأندية الكبرى أنذاك ذات التاريخ في فهذه الرياضة، كالنادي المكناسي و الوداد و الفتح و اتحاد الزموري للخميسات. منذ ذلك التاريخ انطلقت المسيرة بتأهيل شبان و تكوين فريق قوي تمكن من الحصول على ألقاب و بطولات و كؤوس. التتويج ببطولة المغرب لهذا الموسم تأتى بفضل الاستقرار على مستوى الجانبين التقني و البشري، خاصة بعد توفر البنية التحتية بدعم من السيد والي الجهة الذي شجعنا و ساهم معنا في تشييد القاعة الخاصة لممارسة كرة الطائرة، إلى جانب طبعا دعم الجماعة الترابية لبني ملال و المجلس الاقليمي بشراكة مع وزارة الشباب و الرياضة. تحقق حلم إنشاء القاعة الخاصة التي مارسنا داخلها السنة الماضية و الموسم الجاري. وجود قاعة حفزنا على مضاعفة المجهودات و الاجتهاد رفقة اللاعبين و اللاعبات و تكثيف التداريب.
هذا الموسم، خصصنا تحفيزات للاعبين من خلال عقدة أهداف مع اللاعبين البارزين، و هم عناصر بالمنتخب الوطني، و الذين يساهمون في تشجيع و تحفيز الفئات الأخرى. عندنا شبان ممتازين تحدوهم رغبة قوية لبلوغ مستوى الكبار، يبقى الفارق بين الفئتين هو الخبرة التي اكتسبها اللاعبون المتمرسون من خلال المنافسات الكثيرة التي خاضوها. هذه السنة كانت النتائج طيبة و مشجعة خاصة بالنسبة للكبار، ما أهلنا للفوز بالبطولة الوطنية. بالنسبة للإناث اللواتي مارسن في صفوف النادي منذ الصغر، و اللواتي أحيي بالمناسبة روحهن القتالية و التنافسية، خاصة اللاعبة رجاء نجمي التي كانت ممارسة و توقفت بعد الزواج و إنجاب أطفال الذين أحضرتهم للانخراط و اللعب بالنادي، إلا أنها تحمست من جديد للمشاركة، و استطاعت بانضباطها و مجهوداتها في التداريب من استرداد مستوى تقني متميز، و بتشجيعاتنا و التداريب المكثفة ازدادت خبرتها و تطورت و بلغت مستوى عال.
2- ماذا عن الفئات الصغرى و العمل القاعدي داخل نادي رجاء بني ملال لتنس الطاولة؟
نتوفر حاليا على مشتل قاعدي (حوالي 120 لاعب و لاعبة)، الاشتغال يبدأ منذ سن 8 سنوات. لدينا فئات الكتاكيت و البراعم و الصغار و الفتيان ذكورا وإناثا. و كل هذه الفئات التي برزت بمستوى جيد مؤهلة لتصفيات المباريات النهائية على المستوى الفردي. و لكي نمنح فرصة لعدد من اللاعبين الذين لم يلعبوا ضمن الفريق الأول، عملنا في إطار الاستراتيجية التي حددنا، على إنشاء فريق ثان، يخضع لنفس البرامج التدريبية الخاصة بالفريق الأول. الفريقين معا يلعبان حاليا بالقسم الوطني الأول. الهدف من هذه المبادرة، هو إعطاء الفرصة للجميع، خاصة أن كل اللاعبين متمدرسين و من الصعب عليهم مغادرة مدينة بني ملال للعب مع أندية بعيدة.
3- كيف يتم انتقاء اللاعبين و اللاعبات في رياضة كرة الطاولة؟
بالنسبة لرياضة كرة الطاولة، لا نحدد مسبقا مواصفات أولية للانتقاء، فالوافدون و الوافدات على النادي يكونون مبتدئين لغياب أماكن و ظروف الممارسة، وحتى إن مارسوا من قبل، فكثيا ما يكون الأداء التقني و الحركي غير سليمين. يخضع المبتدؤون لتداريب خاصة من أجل الاستئناس بالكرة و بالمضرب قبل استعمال الطاولة. فالكرة خفيفة و تزن 3.5 غرام و قبل استعمالها، نستعمل نفاخات هوائية. وحتى الطاولات لها مواصفات محددة، حسب المستويات التقنية و المهاراتية فهي مصنفة مثل المستويات الدراسية، حيث نجد طاولات مخصصة للمستوى العالي. بالنسبة للمدربين عملنا كمكتب على جلبهم من ضمن اللاعبين المتمرسين، حيث استفادوا من تكوينات و تربصات في مجال التدريب و اجتازوا بمدينة أكادير الاختبار الدولي تحت إشراف الاتحاد الافريقي و الجامعة الملكية المغربية، وذلك موازاة مع البطولة الإفريقية للأندية البطلة، التي كنت خلالها مساعدا للخبير الدولي المشرف، باعتباري حاصل على دبلوم خبير دولي يخول لي صلاحية تدريب فرق كبيرة بأوروبا و آسيا. فنظام التدريب في هذه الرياضة موحد على المستوى العالمي، نفس التكوينات و المعارف، و من يدرب مثلا في الصين مثله مثل مدرب بالمغرب أو بدولة أخرى.
4- و ماذا عن الوضع المادي لنادي رجاء بني ملال في ضل هذه النتائج الايجابية؟
هناك دعم، لكنه في الحقيقة غير كاف لتحقيق طموحات النادي موزاة مع النتائج المحصل عليها. تلقينا الموسم الماضي دعم من المجلس الجهوي قدره 50 ألف درهم، و دعم المجلس الإقليمي بقيمة 40 ألف درهم، و هي مبالغ غير كافية مقارنة بطموح الفريق و المصاريف اللازمة لبلوغ أبعد الحدود. فخزينتنا تعتبر الأضعف مقارنة بالأندية التي نتنافس معها، و التي تتراوح ميزانياتها السنوية ما بين 30 و 40 مليون سنتيم. لكن بالرغم من ذلك، نحرص على ترشيد و تقنين و تنظيم مواردنا المادية، من خلال تضحيات أعضاء المكتب خاصة الرئيس الحاج عبد الكريم الصواف الذي يعتبر الداعم الكبير للفريق، فهو ابن النادي و من مؤسسيه، و مخططه الاستراتيجي.
5- كيف تتم منافسات البطولة جهويا و وطنيا؟
انطلقنا بإقصائيات خاصة بالقسم الوطني الأول على مستوى الجهات لتخفيف العبء على الفرق. هناك فرق رجاء بني ملال، أمل بني ملال، النهضة السطاتية، الوداد، الكوكب المراكشي، سانتا كروز أكادير. لعبنا البطولة الخاصة بشطر الجنوب، وأحرزنا المرتبة الأولى متبوعين في المركز الثاني بنادي الصداقة الفرنسية (كاف)، تم أمل بني ملال في الصف الثالث. بعد ذلك شاركنا في بطولة جمعت كل من رجاء بني ملال، نادي الصداقة الفرنسية، الوداد، المغرب الفاسي، نادي عين عودة الذي كان الموسم الماضي منافسا لنا على البطولة. لعبنا ثلاث مقابلات بالدار البيضاء، ثم المباراتين الفاصلتين بمدينة القنيطرة لنتمكن من نيل لقب بطولة المغرب.
6- تغيب ممارسة كرة الطاولة بالمؤسسات التعليمية التي تضم القاعدة الأساسية للتلاميذ و التلميذات، هل من مبادرات لاكتشاف و استقطاب المواهب المدرسية؟
وعيا منا بأهمية المؤسسات التعليمية التي تضم قاعدة عريضة من الأطفال و مختلف الفئات العمرية، بادرنا في هذا الإطار كخطوة أولى بتوقيع شراكة مع مدرسة واد المخازن بمدينة بني ملال، على أساس مد المؤسسة بطاولتين و كرات و لوازم، مع العمل على تخصيص حصص لتأطير التلاميذ و التلميذات خلال الحصص الفارغة. كما قررنا في نفس السياق تنظيم دوري الموسم المقبل على صعيد المدينة لفائدة تلاميذ المؤسسات العمومية و الخاصة، سنعمل على تطويره و تعميمه إن شاء الله على الصعيدين الاقليمي و الجهوي. نحن ننقب عن الطاقات الكامنة و الخامة لتأهيلها و تطويرها، خاصة في صفوف التلاميذ و التلميذات الموهوبين و المتوفرين على أسس حركية تناسب هذه الرياضة. كانت لنا تجارب سابقة في هذا الإطار مع أطفال مدارس، من ضمنهم لاعب بعثناه في سن 10 سنوات إلى فرنسا، حيث درس و تدرب، و أصبح مدربا و شارك مع الفريق الوطني و حاز على ألقاب على الصعيد الإفريقي.
وأشير أن التداريب بالنادي تتم و فق استعمال الزمن المدرسي، مع الحرص الشديد و الصارم على مراقبة النتائج الدراسية، و تمكين المتفوقين دراسيا من مواصلة التداريب، و استدعاء أباء اللاعبين المتعثرين دراسيا لايجاد حلول لتجاوز التأخر الدراسي. نسعى جاهدين أن يكون اللاعبون و اللاعبات متميزين في لعبة كرة الطاولة و في نفس الوقت متألقين في مسارهم الدراسي.
في الختام أشكر تاكسي نيوز على اهتماها برياضة تنس الطاولة و تفاعل طاقمها المستمر مع النتائج المتميزة للنادي ونقل تفاصيلها إلى قرائها الأوفياء.