بني ملال: م. البصيري
نظم فرع الحزب الاشتراكي الموحد ببني ملال مساء امس السبت عرضا سياسيا جماهيريا حول موضوع ” الوضع السياسي الراهن و آفاق البناء الديمقراطي” أطرته الامينة العامة للحزب الدكتورة نبيلة منيب، بحضور فعاليات سياسية و نقابية و جمعوية و اعلامية.
و قالت منيب في مستهل عرضها ان مناقشة الوضع السياسي الراهن يأتي في سياق عام تطبعه الاحتجاجات الشعبية بعدد من مناطق المغرب، ما يعني ان بلادنا تعاني من ازمة مركبة اقتصادية، اجتماعية، بيئية و قيمية. و تسائلت الامينة العامة ” كيف يعقل اننا بعد 60 سنة من استقلال البلاد، لازلنا نتحدث عن الانتقال الديمقراطي الذي لم يتحقق بعد”، مشيرة الى الوضعية العالمية المرتبطة بالنظام النيوليبرالي المتوحش الذى ادى الى استفحال الفوارق و ظهور حركات الغاضبين حتى في اوربا، و الى وجود سلط ما فوق و طنية تمارسها المؤسسات الدولية(البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، البنك المركزي الاوروبي)، و تمارسها لوبيات اخرى اخرى(صناعة الاسلحة، صناعة الادوية….) التي ترعى مصالحها الجيوستراتيجية. و في ضل هذا الوضع شددت المتدخلة على ضرورة ابداع آليات للتوزيع العادل للثروة و الحفاظ على الثروات بما فيها الطبيعية، مبرزة اهم مراحل البناء الديمقراطي الذي يعتبر الانفتاح الاقتصادي و احترام التنافس و وضع آليات التوزيع العادل للثروة و الانفتاح على حقوق الانسان مدخلها الاول، تليه المحطة الثانية المتعلقة ببناء الديمقراطية الحقيقية، اي دمقرطة الدولة و دمقرطة المجتمع.
و تطرقت نبيلة منيب بتفصيل الى مجموعة من الفرص التاريخية التي و صفتها بالفرص الضائعة، انطلاقا من فرصة التفاوض من اجل الاستقلال، مرورا بحكومة عبد الله ابراهيم التي اعتبرتها الاشراقة الوحيدة و التي لم تكمل سنة رغم برنامجها التنموي و الاصلاحي الهام، تم فرصة المسيرة الخضراء التي خلقت اجماعا و طنيا حول الدفاع عن الوحدة الترابية، لكن موازاة مع ذلك لم تواكبها اصلاحات، حيث اتسم عقد الثمانينيات باختيارات لا اجتماعية و بمسلسل الخوصصة و سياسة التقويم الهيكلي تنفيدا لتوصيات صندوق النقد الدولي و البنك الدولي، حيت تراجع دور الدولة في تقديم الخدمات العمومية، و رفع اليد على الخدمات الاجتماعية و الرهان خلال عقد التسعينات على جلب الاستثمارات الخارجية التي لم تجد الارضية الصالحة، ما خلف انذاك احتجاجات و قمع شرس تقول منيب.
و دائما و في اطار الحديث عن الفرص الضائعة، تطرقت منيب الى حدث تشكل الكثلة الديمقراطية و حكومة التناوب حيث كان الامل كبيرا في التغيير، لكن الانتقال الديمقراطي لم يتحقق لان المشاركة كانت دون ضمانات، كما عرجت على سنة 2004 وما شهدته من نقاشات حول قانون الاسرة و تأسيس هيئة الانصاف و المصالحة التي بقيت توصياتها حبرا على ورق، تم سنة 2006 حيث تعثر هيكلة الحقل الديني، إذ عوض ثورة ثقافية و تنويرية، تقوت التيارات التكفيرية، تم سنة 2007 و مقترح الحكم الذاتي في اطار السيادة الوطنية. و اشارت زعيمة الحزب الاشتراكي الموحد الى محطة 2011، و خروج الشعب الى الشارع، و الى وصول حكومة استغلت شعارات حركة 20 فبراير، حكومة ضربت كل المكتسبات (تخريب التقاعد، صندوق المقاصة…).
و بخصوص حملة المقاطعة، اوضحت منيب انها عبرت عن وجود و عي، و انها صرخة شعب مغربي يقول كفى من الجمع بين السلطة السياسية و سلطة المال، مشيرة الى ان الطبقة البرجوازية التي راكمت الثروات و استفادت من الريع، هي اليوم مستهدفة من قبل سلطة مضادة ممارسة عبر شبكات التواصل و التي تضيف منيب يجب دعمها و مساندتها، لكن ليس بشكل أعمى، إذ بجب إبراز الاهداف التي يجب ان تتجه نحو الاصلاحات الدستورية و السياسية و الاصلاحات الضريبية.
و اعتبرت نبيلة منيب معركة المدرسة العمومية من المداخل الاساسية، باعتبارها أساس التلاحم المجتمعي، معبرة عن أسفها تجاه الاجهاز و ضرب الاختلاط المجتمعي “la mixité sociale” داخل المدرسة اي الاختلاط بين ابناء الفقراء و الاغنياء و الموظفين الذي يعتبر مصدر غنى و ترسيخ قيم التواضع، التسامح، التعايش، و تعلم العيش المشترك، كما دعت الى نشر الوعي و محاربة الخوف و تقوية الثقة بالنفس.
و ختمت منيب عرضها بضرورة الانخراط في معارك من اجل المدرسة العمومية و الصحة العمومية و السكن اللائق و من اجل الحفاظ على البيئة، مؤكدة على استعجالية البناء الديمقراطي و الانخراط في الثورة الثقافية و في التنديد بالفساد و المفسدين و التسلح بالمعرفة و العلم، و وقف نزيف الريع و الافلات من العقاب و بناء نظام اقتصادي ليس فقط على اسس التوازنات الماكرو اقتصادية بل ايضا التوازنات الاجتماعية و حماية البيئة و اعتماد نموذج في خدمة التنمية الاجتماعية لصيانة الكرامة لتحقيق العدالة الاجتماعية الضامنة للسلم و التماسك تختم نبيلة منيب.
و في الاخير فتح باب النقاش من خلال عدة مداخلات و تساؤلات، ردت عليها بشكل تفاعلي الامينة العامة للاشتراكي الموحد.