قصبة تادلة: محمد البصيري
عندما تزهر أشجار الزيتون كل سنة بمدينة قصبة تادلة وبني ملال و تتطاير حبوب لقاحها في الجو تزداد معاناة عدد من الأشخاص من الجنسين و من مختلف الأعمار المصابين بحساسية الجهاز التنفسي الموسمية. وفي هذا الصدد أكد مصابون و مصابات بحساسية الجهاز التنفسي في تصريحات متفرقة للجريدة أن معاناتهم هذا الموسم تفاقمت جراء الأجواء المناخية المتقلبة و هبوب الرياح، مشرين إلى تزايد أعداد المصابين و المصابات كل سنة الذين تختنق أنفاسهم، و يحسون بضيق شديد في التنفس ما يستدعي نقلهم على وجه السرعة إلى قسم المستعجلات بالمستشفى المحلي مولاي اسماعيل. و أشار عدد من الأطر التربوية و الإدارية في هذا السياق إلى تزايد الإصابة بحساسية الجهاز التنفسي ذات الصلة بأشجار الزيتون في صفوف التلاميذ و التلميذات، حيث سيلال العينين و حكة في الأنف و العطس المفاجىء و صعوبة التنفس، كما أن عدد من المؤسسات التعليمية بها أعداد كثيرة من أشجار الزيتون.
هذا وأفادت مصادر طبية أن الأسبوعين الأخيرين شهدا ارتفاعا في حالات الإصابة بالحساسية التنفسية الموسمية، مشيرة إلى توافد أزيد من 30 مصاب و مصابة خلال ليلة واحدة على قسم المستعجلات بالمستشفى المحلي بقصبة تادلة وحالات عديدة استقبلها مستشفى بني ملال، ما استدعى استنفارا في صفوف الأطر الطبية من أجل توفير الأكسجين و العلاجات اللازمة للتخفيف من أزمة الحساسية و ضيق التنفس. كما لوحظ إقبال على الصيدليات خلال ذات الفترة لإقتناء الادوية الضرورية.
و يطالب عدد من سكان المدينة بضرورة اجثتات أشجار الزيتون المنتشرة بمختلف الأحياء بغية التخفيف من معانات المتضررين و استبادلها بأشجار أخرى غير مثمرة. و في هذا الصدد أوضح رئيس الجماعة الترابية لقصبة تادلة أن الجماعة مستعدة في حال توصلها بشكايات من المواطنين و المواطنات لطرح المشكل على أنظار المجلس الجماعي و اتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن مشيرا إلى و جود دورية في الموضوع تمنع غرس الأشجار المثمرة داخل المدار الحضري، موضحا أن الجماعة قامت خلال ثلاث سنوات الأخيرة بغرس حوالي 3400 شجرة غير مثمرة بعدد من الأحياء و الشوارع و بجنبات نهر أم الربيع.
و في سياق دي صلة، أفاد مهتمون بتاريخ المدينة أن المعمرين الفرنسيين خلال تواجدهم بالمدينة قاموا بغرس أنواع عديدة من الأشجار غير المثمرة المتأقلمة مع مناخ المنطقة و ذات منافع بيئية و صحية، و لم يغرسوا قط أشجار الزيتون، التي عرفت انتشارا كبيرا و سط أحياء قصبة تادلة خلال العقود الأخيرة.
وطالب ذات المهتمين بضرورة العمل على استبدال أشجار الزيتون بأشجار غير مثمرة توفر الضل و الرونق الجميل، مستشهدين بمبادرة مدينة وجدة سنة 2014، التي تم اللجوء فيها إلى اقتلاع الكثير من أشجار الزيتون، جراء ما تتسبب فيه من أمراض الحساسية للعديد من السكان المجاورين لهذه الأشجار، وذلك بعد منح مهلة سنة للسكان قبل الشروع في هذه العملية، حيث تم غرس أنواع أخرى من الأشجار تتناسب مع مناخ المدينة ولا تسبب حساسية.
هذا و وفق الدراسات و الأبحاث في هذا المجال فإن حبوب اللقاح في الزيتون تحتوي على عدد كبير من البروتينات المسببة للحساسية والتي من أهمها بروتين تم اكتشافه وعزله ودراسته من قبل الباحثين والذي يمكن اعتباره مسببا للحساسية من غبار الطلع(Le pollen) في الزيتون، حيث يؤثر على أكثر من 70% من المرضى الذين يعانون من هذا النوع من الحساسية. عندما يتعرض الإنسان لغبار الطلع أو حبوب اللقاح فإنها حسب ذات الأبحاث تلامس العيون ويتم استنشاقها من خلال الأنف وتدخل إلى الجسم ليقوم جهاز المناعة بانتاج الأجسام المضادة التي تبدأ بالتفاعل مع هذه الأجسام الغريبة لمنعها من دخول الجسم والتأثير عليه.
وتظهر أعراض حساسية الزيتون على الشخص بناء على نتيجة التفاعل بين الأجسام المضادة وحبوب اللقاح، فمن الأشخاص من يتحملها ولا يتأثر بها ومنهم من يشعر بأعراضها بدرجة خفيفة ومتوسطة ومنهم من لا يتحملها فيصاب بها (حساسية مفرطة) فتظهر علية أعراضها.
وتكون الأعراض مشابهة لأعراض الحساسية بشكل عام وتشمل العطس، احتقان وسيلان في الأنف، السعال، الحكة في الجلد والعينين، سيلان الدموع وأحيانا وفي الحالات الحساسة جدا يصاب الإنسان بضيق في النفس ويظهر علية التعب. وللتغلب على أعراض الحساسية، على الأشخاص المعرضين لذلك أن يتجنبوا التعرض للأجواء التي تكثر فيها حبوب اللقاح وبخاصة في فصل الربيع وعندما يكون الجو مغبرا، كونها الأوقات الأسوأ للإصابة نتيجة لتوفر حبوب اللقاح بكميات كبيرة في الجو. و من الوسائل الوقائية، إغلاق نوافذ البيوت ما كان ذلك ممكن، إغلاق نوافذ السيارات عند المرور في هذه الأجواء، استعمال النظارات للتقليل من تعرض العيون لحبوب اللقاح، غسل الخضار والفواكه قبل الاستهلاك لإزالة حبوب اللقاح العالقة.