كَثُرَ الحديث في السنوات الأخيرة عن المدرسة المغربية وعن مستوياتها، حيث أصبح كل من هب ودب يهاجم هذه المؤسسة البنيوية والمهيكلة للمجتمع المغربي؛ وأضحى الكثير ينعتها بالمؤسسة الفاشلة والفاسدة والضعيفة …
صحيح أن هناك بعض السلوكات التي تجسد نظرة المجتمع والمسؤولين معا لهذه المؤسسة ولعل أبرزها العنف المدرسي وخاصة ما وقع في أحد مؤسسة ثانوية الإعدادية بمديرية خريبكة، ولا ننكر أن تصرف الأستاذ خاطئ ولا يجب أن يفعل ما فعل مهما بلغ انفعاله لأنه يبقى صاحب العقل والمربي الأول والأخير في هذا المجتمع الذي تتفشى فيه الأمية و يفتقد فيه البعض للتربية. لكن ما أغفلت عنه أنظار المسؤولين وفاعلي المجتمع المدني أن سلوك التلاميذ في هذه المستويات التي توافق سن المراهقة فهو يغلب عليه الطابع النقدي وفرض للذاتي، وبالتالي فمثل هذه الصراعات بين المدرس والمتعلمين ما هو إلا شيء طبيعي لسببين رئيسيين :
أولهما أننا في وسط مجتمع تغيب فيه التربية الأسرية كما أشرنا سابقا، ثانيا أننا أمام مجتمع مصغر أي القسم حامل لتمثلات الشارع كما أن كل فرد في هذا المجتمع الصغير يطمح لفرض سيطرته….
إن تفاعل هيئات المجتمع المدني مع أستاذ خريبكة كشف عن الكثير من الأقنعة التي يمكن أن نصنفها من صنفين إلى ثلاثة؛ حيث الصنف الأول هو القناع المعلوم والذي يخدم مصالح معروفة وهو أصلا منتج لهؤلاء الفاعلين الذين يطمحون في هدم المدرسة المغربية. والصنف الثاني وهو المبرمج عقليا يرى الحقائق من النظرة الأولى لأي ظاهرة، وهو شيء طبيعي في مجتمع مستهلك كنحن. أما الصنف الأخير فهم من المنسيين والمنكوبين كلما كانت هناك ظاهرة في المجتمع إلا ويريدون الركوب عليها قصد نيل رضى الجماهير وقصد الترقي للصنف الأول.
وعلى هذا الأساس أناشد كافة المسؤولين وهيئات المجتمع المدني على إجابتي أين كنتم حين تعرض أستاذ ورزازات للعنف من طرف تلميذه والأستاذة في الدار البيضاء، والأستاذ الذي توفي مؤخرا نتيجة الانهيار العصبي الذي تسبب فيه المتعلم أين كنتم أين كنتم؟