مخطط المغرب الأخضر: نعمة أم نقمة على الساكنة الجبلية واقليم أزيلال مثلا..

هيئة التحرير7 يونيو 2018
مخطط المغرب الأخضر: نعمة أم نقمة على الساكنة الجبلية واقليم أزيلال مثلا..

جواد الشامي

 

كما هو معرف فمخطط المغرب الأخضر قد شمل مجموعة من المجالات الترابية للمغرب  فمنها من استفادت كالسهول المنبسطة ومنها من تأزمت بسببه، ويرجع سبب الاستفادة أو التأزم إلى مجموعة من الأمور لعل أهمها طبيعة المشاريع المبرمجة في هذا المخطط وكيفية توزيعها على التراب الوطني، ضف إلى ذلك نوع المنتوجات؛ حيث غالبا ما نجد أن أجود المشاريع والمنتوجات كانت من نصيب مناطق “المغرب النافع” السهول وخاصة الضيعات الكبيرة وهذا ما يكرس استمرار سياسة المغرب “النافع وغير النافع” التي ورثنها عن المستعمر، بينما المشاريع الهزيلة سواء من حيث البنية ولا من حيث المردودية فهي من نصب مناطق المغرب غير النافع التي أضحى يطلق عليها اسم المناطق الهامشية.
في هذا الصدد سنحاول تسليط الضوء على مشاريع هذا المخطط في المناطق الجبلية الهامشية المهمشة وتحديداً تراب منخفض أيت اعتاب الذي يقع في الأطلس الكبير الأوسط ضمن جهة بني ملال خنيفرة وتحديد بإقليم أزيلال، وهو منخفض يضم ثلاثة جماعات ترابية كل من تاونزة، وتيسقي، ومولاي عيسى بن إدريس.
وكما هو معروف فإن النشاط الاقتصادي الأكثر انتشارا في منخفض أيت اعتاب والمناطق الجبلية عامة هو النشاط الفلاحي أي بعبارة أدق الزراعة المعيشية والتربية الماشية (الرعي) وهذا الأخير هو الأكثر انتشارا ويظهر ذلك من خلال عدد رؤوس المواشي الذي يتسم بالارتفاع خاصة صنف الماعز وخاصة في جماعة تاونزة بكل من دورا أيت معالة وأيت اعزم خاصة وأنها تتوفر على مجالات مهمة للرعي. لكن مع الشروع في تنزيل مشاريع مخطط المغرب الأخضر والتي تكمن في غرس أشجار الزيتون في مختلف المناطق المنبسطة والشبه المنبسطة أي على طول الأراضي المنبسطة إغرغر، ترسين، أيت وزكان وأيت وبيت، مرورا إلى أيت سري…الخ أي في معظم المناطق الصالحة للزراعة والتي كانت تستغل في زراعة الحبوب وخاصة القمح، وعموما فبعد عملية الغرس تم منع أصحاب المواشي من الرعي بهذه المناطق خوفا على شجر الزيتون وهذا طبيعي. ومباشرة تم توجيه الراعي إلى المناطق الجبلية ليرعى مواشيه دون أن يفكر بعد ذلك فيما يسمى ب “لوطى” أي إغرغر التي ما فتئ يستغلها بعد جمع المحصول السنوي.

وبعد النجاح الفاشل (التناقض في الكلام) لغرس أشجار الزيتون تم التفكير في منتوجات أخرى من شأنها أن تخلق مدخولا جديدا على الفلاح العتابي (تيفكرو فيه بزاف) ونظرا للظروف المناخية تم التفكير في شجر الخروب. ونحن على علم أن هذا النوع من المنتوجات لا ينتشر إلا في المناطق ذات التضاريس الجبلية (أي ما تبقى من مجالات للرعي في المنطقة)، ونظرا لقصور الفكر لدى الساكنة المحلية تم اقتراح هذا المشروع على البعض منهم وخاصة الذين لا يملكون المواشي وأيدوا فكرتهم.

ومن هنا تطرح عدة تساؤلات مفادها: أين نصيب المقاربة التشاركية من هذا المشروع؟ وهل تم التفكير ولو بشكل محتشم في الفلاح العتابي؟ أين سيرعى مواشيه؟
صحيح؛ إن الفلاح العتابي يستغيث بعد أن حصرت مواشيه في المنزل ولا ملجأ لها غير المنزل لأن شجر الخروب مزروع في أمام منزله وأشجار الزيتون مزروعة على أراضيه بعد أن تم إقناعه بأهميتها. عموما فالفلاح يعاني من أمرين تراجع المحصول الزراعي بفعل تراجع الأراضي المزروعة وسجن مواشيه في “الزريبة” بفعل الخروب، ضف إلى ذلك غلاء أسعار العلف. وتوجيه الفلاح إلى الأعلاف كان من أهداف هذه المشاريع لكن كيف يعقل لفاقد الشيء أن يعطيه أي فاقد المال لا يشتري الشمندر.

فبالإضافة إلى هذا المنكر هناك غرامة مالية تقدر بالملايين على كل من تسيبت مواشيه في المناطق التي يتواجد بها شجر الخروب.
إذا كنا فعلا نفكر في الفلاح ويهمنا أمره كما يتفوه بذلك مسؤولي هذا البلد وخاصة المجلس الحكومي. فهل بهذه المخططات نتعاون مع الفلاح الجبلي؟ وهل وضع مثل هذه المشاريع في أيادي بعض المفسدين سيمكننا من ربح رهان التنمية بالمناطق الجبلية؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة