إعداد: محمد البصيري
يرى خبراء اقتصاد روس أن بطولة كأس العالم التي تنطلق في روسيا بعد ثلاثة أشهر ستعود بالنفع الكبير على الاقتصاد الروسي الذي سيجني منافع اقتصادية كبيرة، وقدروا العائد الاقتصادي للبطولة بـ 1.6 تريليون روبل، وهو أكثر بنحو 2.5 مرة من الأموال المستثمرة في هذه البطولة، مؤكدين أن كأس العالم التي ستقام في روسيا الأغلى في التاريخ حيث أنفقت على تحضيرات كأس العالم 2018 ثلاثة أضعاف ما أنفقته جنوب إفريقيا.
وتوقعت دراسة أجرتها لجنة الفيفا المنظمة لبطولة كأس العالم 2018 أن تعزز البطولة نمو الاقتصاد الروسي بنحو 3 مليارات دولار سنويا على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وقالت اللجنة أن كأس العالم ليست مجرد حدث رياضي بل هي أيضا مشروع اقتصادي واسع النطاق، مضيفة أن هذا الحدث سيساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بـ 150 مليار روبل إلى 210 مليار روبل (2.43 مليار دولار – 3.4 مليار دولار) سنويا على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وأظهرت الدراسة أن البطولة أضافت للناتج المحلي الإجمالي الروسي في الفترة ما بين 2013 و2018 ما يقارب 867 مليار روبل (حوالي 14 مليار دولار)، وفقا لما نشرته وكالة “رويترز”. وفي إطار التحضيرات لكأس العالم قامت روسيا وفق ذات المصدر ببناء وتجديد 12 ملعبا في 11 مدينة روسية. كذلك تم تحديث البنية التحتية للنقل، بما في ذلك المطارات والطرق والسكك الحديدية، وتم بناء 27 فندقا جديدا في المدن الروسية، التي ستستضيف البطولة. وبلغت تكاليف البطولة، بحسب ما نقلته وكالة “نوفوستي” الشهر الماضي، ما يقارب 680 مليار روبل (حوالي 13.2 مليار دولار)، لتصبح بطولة كأس العالم في روسيا الأغلى في التاريخ.
وجاء في تقرير نشرته أخيرا جريدة الشرق الأوسط، أن الحكومة الروسية أعدت دراسة بعنوان «التوقعات لتأثير بطولة كأس العالم لكرة القدم على المجالين الاقتصادي والاجتماعي»، توقعت فيها نتائج إيجابية للاقتصاد الروسي، تُقدر بنحو 867 مليار روبل روسي، أي ما يزيد عن 14 مليار دولار أميركي. وكان أركادي دفوركوفيتش، نائب رئيس الحكومة الروسية، رئيس اللجنة التنظيمية لمونديال “روسيا – 2018″، عقد مؤتمرا صحافيا قدم فيه تلك الدراسة، وقال إن هذا الحدث سيمنح الاقتصاد الروسي واحدا في المائة من الناتج الإجمالي المحلي سنويا.
وأضاف: “أجل إنه رقم ضخم. يمكنني القول إنه لو لم تكن هناك بطولة كأس العالم، ما كان الاقتصاد ليسجل النمو الذي نلاحظه الآن”، وأوضح أن نمو الناتج المحلي الإجمالي المتصل بالتحضيرات للمونديال، كان خلال السنوات الخمس الأخيرة يتحرك صعودا، أي أن النمو يتزايد، وبلغ خلال العام الحالي الحد الأقصى بنسبة 0.4 في المائة. وقال أليكسي سوروكين، رئيس لجنة «روسيا – 2018»، إن هذا الدخل تم تقديره باعتماد المنهج الدولي الذي تم بموجبه تقدير الأرباح الاقتصادية لمونديال عام 2006 في ألمانيا، وكذلك الأولمبياد في لندن عام 2012. وشاركت في وضع التوقعات الاقتصادية لمونديال «روسيا – 2018» مؤسسة «مس كينسي» الدولية للدراسات. وكل النتائج التي خلصت إليها الدراسة عبارة عن توقعات أولية، سيتم تعديلها بعد انتهاء البطولة.
و وفق تقرير ذات الجريدة، بلغ إجمالي ما أنفقته روسيا حتى الآن على التحضيرات لاستضافة المونديال نحو 683 مليار روبل روسي، أو ما يقارب 12 مليار دولار (تم حسابها على أساس متوسط سعر الروبل منذ عام 2013 وحتى ربيع 2018 الجاري)، وهو أكبر مبلغ يتم إنفاقه على التحضيرات للمونديال حتى الآن. قبل ذلك أنفقت ألمانيا 7.7 مليار دولار على مونديال 2006. وأنفقت جنوب أفريقيا 6 مليارات على مونديال 2010. ومن ثم أنفقت البرازيل 11 مليار على مونديال 2014. ونظرا للوضع المعقد الذي يعيشه الاقتصاد الروسي، كان دفوركوفيتش حريصا على التأكيد بأن هذا ليس هدرا للأموال، ودعا إلى النظر لتلك المبالغ بأنها «ليست نفقات وإنما هي استثمارات في واقع الأمر»، ووصفها «نفقات مثمرة، تقدم مساهمة مباشرة في حياة الناس.
وفي الحديث عن مصادر الدخل خلال المونديال، التي ستحقق الأرباح للاقتصاد الروسي، تشير توقعات إلى المشجعين بالدرجة الأولى، الذين سيصلون روسيا لمتابعة المباريات، ويتوقع أن يزيد عدهم عن 570 ألف مشجع من مختلف دول العالم، يحملون معهم للناتج المحلي الإجمالي أكثر من 120 مليار روبل، هي عبارة عن المبالغ التي سينفقونها على الإقامة والطعام والهدايا وغيره. من جانب آخر تشير دراسة «التوقعات لتأثير بطولة كأس العالم لكرة القدم على المجالين الاقتصادي والاجتماعي» إلى أن أعمال بناء الملاعب والبنى التحتية ساهمت في توفير آلاف فرص العمل وزيادة الإنتاج، وفي المحصلة ساهمت في نمو دخل المواطنين. وزاد إثر ذلك عدد فرص العمل الجديدة التي توفرت خلال سنوات 2013 – 2018.
إلى جانب تلك الأرقام التي تشير إلى النتائج الاقتصادية المباشرة للمونديال، هناك نتائج غير مباشرة، أي أنها ستظهر في السنوات القادمة بعد المونديال. وفي هذا السياق أشار نائب رئيس الحكومة الروسية أركادي دفوركوفيتش إلى السياحة، لافتا إلى أن وصول مئات آلاف المشجعين يشكل بحد ذاته دعاية سياحية لروسيا، وعبر عن قناعته بأن “السياحة ستنمو بوتيرة عالية، ربما حتى 12 وربما 20 في المائة سنويا”. من جانب آخر فإن المنشآت الحديثة، مثل الملاعب الرياضية والفنادق والمطاعم، وغيرها من منشآن تم تشييدها لاستضافة المونديال، يمكن أن تشكل في السنوات اللاحقة مصدر دخل جيد بحال تم استخدامها بالشكل الصحيح، يختم تقرير الجريدة نفسها.