ماذا عسانا أن نقول أمام قرار الحكومة القاضي باعتماد المغرب التوقيت الصيفي طوال العام والزمن خريف، ولنردد المقطع الغيواني: “سبحان الله صيفنا ولا شتوا / ورجع فصل الربيع في البلدان خريف”، لو تعلق الأمر بتقديم الساعة في الصيف وتأخيرها في الشتاء لهان الأمر، وفهمنا المقصد من ذلك، أن الحكومة تسعى من قرارها توفير ضوء النهار وتوفير استخدام الطاقة الكهربائية لمدة ساعة كاملة في المنازل والأسواق وأماكن العمل وغيرها، لنقول إنها سحابة صيف.
لكن وبجرة قلم، توقيت صيفي دائم، وبدون توضيح الهدف المراد تحقيقه من ذلك بلا لبس أو غموض، أو بتحديد آثاره الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية، سلبا أو إيجابا، فمعناه أن الحكومة تقول للمواطن أني هنا ولست معك، نطقت بالحق والصواب ولم أجانبهما. أنا الضوء المشتعل والمنبعث من القنديل وأنتم حفنة ظلام، أنتم العدم. نحن من يدرك مصلحة البلد في الصيف والشتاء. فما عليكم إلا استغلال الوقت الذي نمنحكم بأقصى الجهد والطاقة، وعلموا أبناءكم من الآن التركيز في القسم طوال النهار وبطونهم طاوية، لكم قسط من الراحة في حدود ساعة إن لم يعجبكم الأمر، ففيه متسع للقيام بـ”رالي” لسباق السيارات وسيارات الأجرة لتخطفوا صغاركم من باب المدرسة لكي تنعشوا رمقهم وتعيدوهم في الحين، ومن تأخر عن الدرس لا تقبل منه شكاية. لقد أضفنا لأعماركم استباقا ساعة من الزمن.
ومن الآن نخبر مستعملي القطارات، أن هذه الأخيرة ستتأخر عن موعدها، وبالتالي عليكم اللحاق بالعاصمة الإدارية أو الاقتصادية فجرا، فالاحتجاج ممنوع، وقد أعذر من أنذر. أيتها المخلوقات الهالكة ضاعفي من السرعة على الطريق الوطنية أو الطريق السيار، فكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
أما من يعشق الفرح، فله ساعة سعيدة، فليغدقها في الأسواق وعلى شط البحر وفي الصلاة، وأن تأخذوا لكم “سيلفي” في طوابير الصفوف المتكدسة في محطات الأوتوبيس وسيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة، مستمتعين ومستغرقين النظر في الأجساد كل الأجساد، وفي سحر مشاهد أفلام الحركة عبر شاشة الحياة، فضلا عن لقطات يجسدها النشالون واللصوص الصغار في ضوء النهار.
سؤال أخير، سنحرص هذه المرة أن يكون جديا بما أنه موجه للسيد رئيس الحكومة، باعتبارك دكتور مختص في علم النفس، هل سيقلل التوقيت الصيفي الدائم من فرص تعرض المواطنين للضغوط والقلق، أم أن جوابكم سيكون إنكم ألفتم ذلك وسريعا ما ستتكيفون “من الكيف”. (ليشكلها كل واحد كما شاء).
سؤال آخر، لا يخلو هو كذلك من الجدية وهو موجه إلى السيد وزير الإدارة والوظيفة العمومية، وزميله في الشغل السيد اليتيم، هل قامت مؤسساتكم بتحليل كل النشاطات الاجتماعية والاقتصادية للتوقيت الصيفي الدائم بناء على معطيات واقعية ومقابلات مع عينات من مديري الموارد البشرية في مختلف المؤسسات والإدارات، خلصت إلى أهمية ونجاعة هذا التوقيت والقدرة على التحكم في استثماره بشكل جيد وخاصة بالنسبة للتلاميذ… وهل سيقودنا نحو الحياة أم خارج الحياة التي من حولها نتعب ؟
سنكون سعداء بساعتكم السعيدة متى اكتمل الجواب، فلا تتركوه معلقا، ويصبح في حكم الدائم، ولن تبقى الساعة لله وإنما لمراسيم تحكمها أهواء أناس يعيدون عقاربها إلى أصلها خلال شهر رمضان، شهر الزهد والتقرب إلى الله، بتوافق مع خط غرينيتش كما درسونا ولازالوا منذ الاستقلال.