بني ملال: محمد البصيري
في إطار تفعيل و تنزيل برنامجها السنوي، و بشراكة مع مجلس الجهة، و بمناسبة اليوم الوطني للإعلام و الاتصال، نظمت أكاديمية الصحافة و الإعلام لجهة بني ملال خنيفرة يوم السبت 17 نونبر 2018، ندوة حول موضوع ” دور المراسل و المتعاون الصحفي في التنمية الجهوية و المحلية على ضوء مستجدات مدونة الصحافة و النشر”.
وخلال هذه الندوة التي حضرها ممثلون لوسائل الإعلام السمعية و الورقية و الإليكترونية من أقاليم الجهة، قدم عبد الكبير اخشيشن عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية مداخلة قيمة حول موضوع ” قراءة في تطورات المشهد الإعلامي الوطني على ضوء مدونة الصحافة و النشر الجديدة و موقف النقابة منها”.
في مستهل مداخلته، اعتز عبد الكبير اخشيشن بتواجده بمدينة بني ملال مع فاعلين اختاروا أن يحملوا هم قطاع أصبح الآن في العالم بأسره عنصرا حاسما فيما يتعلق بتطورات الحياة السياسية و الاقتصادية و الإجتماعية، مشيرا إلى أنه في لحظات معينة كان النقاش حول دور الإعلام في التنمية المحلية و في التنمية الديمقراطية يتم بنوع من النخبوية، لكن الإعلام اليوم أصبح في قلب الهم المجتمعي، من خلال الانفجار الذي وقع في وسائط الاتصال التي تحولت إلى منصات لإنتاج الخبر، و هو ما يهمنا الآن كمهنيين يؤكد اخشيشن، الذي أشار بخصوص إنتاج الخبر الآن إلى وجود نوع من الانفجار في ما يمكن تسميته بالصحافي المواطن. و عرج المتحدث على كيفية إنتاج المعلومة، حيث لأول مرة تتم مقاربة هذا الموضوع بالتوازي مع كل دول العالم، موضحا ما خلفه الآن الانفجار المتعلق بوسائط الاتصال من نقاشات ومن هزات و خداع لدى الرأي العام بعدد من دول العالم (الولايات المتحدة و قضية ترامب ، قضية البريكسيت ببريطانيا، روسيا و تهمة التدخل في الانتخابات الاوربية و الأمريكية).
و بخصوص تطورات المشهد الاعلامي بالمغرب، تحدث المتدخل عن النقاشات التي صاحبت تهييىء القوانين الثلاث (القانون الأساسي للصحافي المهني، قانون الصحافة و النشر و قانون المجلس الوطني للصحافة)، بين الفرقاء ( فدرالية الناشرين، النقابة و الحكومة) و المفاوضات التي تمت من أجل تجويد النص التشريعي. هذه القوانين يقول اخشيشن ” حققنا فيها بعض المكتسبات لكن ليست بما كنا نأمله، لهذا كل الانتقادات مقبولة و مشروعة، وهذا ما استطعنا أن نصل إليه، قدمنا تعديلات كثيرة و قبل منها الشيء الكثير”.
وقال عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن القوانين أجابت جزئيا عن التطورات الحاصلة في المجتمع مع ما رافقها من انفجار فيما يتعلق بإنتاج المعلومة و إنتاج الخبر. ففي البداية كان النقاش منكبا على الدفاع عن القانون الأساسي للصحافي المهني. و خلال مناقشة النقابة لعقد البرنامج و إعداد الاتفاقية الجماعية بعد تشخيص و ضعية الصحافي المهني، تم اكتشاف الكارثة (أجور هزيلة للبعض، 2000 درهم و 3000 درهم، ومنهم من كان يتوصل بها داخل ظرف). فأي صحافي مهني هذا يتسائل اخشيشن، موضحا ” لذلك قبلنا الاتفاقية الجماعية لوضع الأجر الأدنى 5800 درهم، و انقدنا جسما كبيرا داخل الممارسة الإعلامية، و دعونا إخواننا في فيدرالية الناشرين إلى اعتماد المقاربة التشاركية، خصوصا بعدما وجدنا أن المقاولة الصحافية تعاني بدورها، وأن عليها أن تضمن شروط كرامة الصحافيين لكونهم يقدمون خدمة عمومية و هم جزء من التنمية الاجتماعية و التنمية الديمقراطية. فمع التطورات التي حصلت في الواقع الاجتماعي و في الواقع الإعلامي، فوجود وسائل الإعلام تمارس المهنة الحقيقية و تقوم بأدوارها له كلفة يواصل اخشيشن الذي شدد على أهمية وجود مؤسسات تؤمن و تقوم بأدوارها، حيث ظهرت الوسائط الآن على أنها صمام الأمان و تشبه “الفيزيبلات” الكهربائية، حيث الكل يعرف ماذا خلفت إزالتها في عدد من الدول.
فلا مجال للخوف يشرح اخشيشن عندما تكون أحزاب و نقابات و جمعيات تقوم بالدور المتوافق عليه دستوريا و تشريعيا، مؤكدا حق و سائل الإعلام في الاستفادة من المال العام، مستشهدا بالدعم المقدم لجريدة لوموند الفرنسية لتبقى مستمرة باعتبارها تراثا إعلاميا، مبرزا ان الحفاظ على إعلام مستقل و مهني من ركائز وطن آمن بدون قلاقل، وأن الاهتمام بالإعلام سواء بالمركز أو المحيط مطلوب بالضرورة بل حق و جزء من صرف المال العام، لأنه عندما تصبح في مواجهة مجتمع بدون تأطير و بدون رأي عام وفي غياب من يوجهه نحو النقاش الحقيقي، فعند وقوع انفلاتات يبقى الجميع مشدوها، وهنا أهمية إعلام حقيقي بمواصفات مهنية و أهمية أخلاقية المهنة يضيف المتدخل.
وختم عبد الكبير اخشيشن مداخلته بخلاصات مستمدة من تطورات المشهد الإعلامي أولها تشديده على مسؤولية الجميع من أجل بيئة مهنية صحية وعلى أن الصحافي ليس بمنأى عن ذلك لأن صفته تفرض عليه ضوابط و أخلاقيات تجعله مرجعا بالنسبة للجميع لكن من حق الآخرين احترامه بدء بالمقاولة الإعلامية التي يشتغل بها.
الخلاصة الثانية تهم الإعلام الجهوي في إطار الجهوية المتقدمة، حيث لازالت الجهات لا تتوفر على مواصفات إعلام جهوي لاعتبارات عديدة، رغم أن كل جهة تحاول أن تنتج إعلامها. وهذا الموضوع يستلزم نقاشا عميقا لانتاج بيئة إعلامية نظيفة، يحضر فيها الجميع الصحافي المهني و المراسل الصحفي و المتعاون.
و الخلاصة الثالثة يختم اخشيشن تهم الإيمان بالمقاربة التشاركية، موضحا ” هناك وعي متنام أننا في مجال الإعلام، نجد أنفسنا نتقاطع مع مجموعة من الجهات، مع المنظمات الحقوقية فيما يتعلق بحرية التعبير، نتقاطع مع النقابات في يتعلق بمطالب الصحافيين، ونتقاطع مع المؤسسات الدستورية في ما يخص بتوفير بيئة إعلامية تنقل إلى المواطن الخبر الصحيح و تحمل هم تطوير المجتمع”.
وفي رده على مداخلات و أسئلة الزملاء الحاضرين الذين عبروا عن تذمرهم من الوضع الملتبس و الهش للمراسل الصحفي، حاول اخشيشن إزالة الكثير من اللبس، معتبرا المراسلين قيمة في المجال، ولهم العضوية الكاملة داخل النقابة باستثناء الترشح و تحمل المسؤولية و فق ما ينص عليه القانون، داعيا إلى المثابرة و النضال و ملحا على الأهمية البالغة للتكوينات و تنمية الثقافة الإعلامية. كما عبر عن استيائه لعدم تمكن الزملاء ببني ملال من تأسيس فرع للنقابة، ملتمسا رص الصفوف و تحديد الأهداف و تجاوز الخلافات.