تاكسي نيوز //الفقيه بن صالح
احتضن المركب الثقافي لمدينة الفقيه بن صالح يوم الخميس 14 فبراير 2019 فعاليات يوم دراسي نظمته المديرية الإقليمية لقطاع التربية الوطنية بالفقيه بن صالح حول موضوع ” المدرسة وترسيخ القيم النبيلة والسلوك المدني “.
وتميز اللقاء المنظم تحت شعار : ” جميعا من أجل التربية على القيم والسلوك المدني في الوسط المدرسي ” بحضور عامل إقليم الفقيه بن صالح محمد قرناشي وعدد من ممثلي السلطات المحلية والإقليمية، ورئيس المجلس البلدي محمد مبديع ، ونائب رئيس المجلس الإقليمي عبد العزيز الريحاني ، وعدد من رؤساء المصالح الخارجية والمئات من الأطر الإدارية والتربوية والتلاميذ وفعاليات المجتمع المدني وممثلي وسائل الإعلام .
وفي كلمة له بالمناسبة قال المدير الإقليمي لقطاع التربية الوطنية بالفقيه بن صالح حمادي أطويف أن اللقاء يندرج في إطار تنزيل وتفعيل دعامات و مضامين الرؤية الاستراتيجية 2015/2030 للارتقاء بمنظومة التربية والتكوين ، خاصة منها الرافعة 18 المتعلقة بترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية والمساواة.
واستعرض المراحل الثلاث التي قطعها تنزيل مبادي التربية على قيم المواطنة بالوسط المدرسي حيث همت المرحلة الأولى 2000/2007 إدماجها في الكتاب المدرسي بعد مراجعته وكذا إحداث اللجنة المركزية لحقوق الإنسان والمواطنة، قبل توحيد الرؤى وتعزيز قدرات المتدخلين خلال المرحلة الثانية التي امتدت من 2007 إلى 2014 ، من خلال وضع استراتيجية لمحاربة العنف في الوسط المدرسي وإرساء المراكز الإقليمية والجهوية لمناهضة ذلك ، وإصدار كتب ودلائل ومصوغات توجت بتنظيم الندوة الوطنية حول المدرسة والسلوك المدني ، وصولا إلى المرحلة الثالثة 2014/2018 التي ركزت على بلورة الآليات المساهمة في إرساء مدرسة المواطنة و توقيع اتفاقية شراكة مع منتدى المواطنة، وإصدار المجلس الأعلى للتربية والتكوين تقريره حول منظومة القيم ، إضافة على توقيع عدد من اتفاقيات الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني. وأضاف بأن الرؤية الاستراتيجية جعلت من مسألة ترسيخ قيم الديمقراطية والمواطنة ونبذ مظاهر العنف والتمييز، خيارا استراتيجيا وشأنا عاما يهم كل مكونات المجتمع. وشدد على أهمية انخراط ومشاركة جميع المكونات وشركاء المدرسة في إنجاح هذا الورش التربوي والمجتمعي الكبير الذي يروم بالأساس تمكين المدرسة المغربية من تحقيق التنشئة الاجتماعية وتربية الناشئة على القيم الإيجابية في بعدها الوطني والكوني، وبناء مواطن متشبع بفضائل السلوك المدني وبمبادي العدل والتسامح واحترام الحق في الاختلاف، مدركا لمسؤولياته اتجاه نفسه واتجاه المجتمع والوطن.
من جانبه أكد رئيس المجلس العلمي المحلي بالفقيه بن صالح محمد ند عبد الله ، في هذا اللقاء الذي أداره بحنكة واقتدار رئيس مصلحة الشؤون التربوية السيد عبد الرحمان الغزلاني ، أن جميع الديانات السماوية جاءت لترسيخ “ا لمواطنة” وأن تعاليم وشريعة الدين الإسلامي تتضمن مفهوما شاملا للكلمة بما تعنيه من مساكنة ومعاشرة ومسالمة ومنافعة بين الناس وإشاعة السلام التام بينهم. وأشار إلى حرص الإسلام على نشر الشعور والإحساس بالأمان والطمأنينة بين الأفراد والجماعات مهما كانت أجناسهم وألوانهم ودياناتهم ومذاهبهم العقدية ، حتى يسهموا جميعا في إنتاج وتحقيق المنفعة للوطن والمجتمع ، لافتا إلى أن القيم المدرسية متضمنة في تعاليم ومبادئ الإسلام . وأوضح أن مطلب العلم وكلمة المواطنة يوحدان الجميع مهما اختلفت أفكارهم وميولاتهم مادامت المشاركة والتعاون لتحقيق المنفعة العامة هو القاسم المشترك بين الناس.
وقاربت الأستاذة زبيدة محسن ، القاضية بالمحكمة الابتدائية بمدينة سوق السبت ، الموضوع من خلال تناول مفهوم المواطنة في بعدها القانوني ، حيث أبرزت الحضور القوي لكلمتي المواطن والمواطنة في الدستور المغربي لسنة 2011 ، باعتباره أسمى قانون للدولة ، من خلال تنصيصه على مبدأ المساواة بين جميع المواطنين دون تمييز ، وعلى احترام حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين ، مشيرة إلى تكرار كلمتي المواطنين والمواطنات فيه 16 مرة .وسجلت أن الهدف من النصوص القانونية ليس تطبيق الزجر والعقوبة ، بل العمل على إعادة تقويم السلوكيات المنحرفة ، خاصة على مستوى قضاء الأحداث ، مشددة على أن ورش القيم والمواطنة يبقى مفتوحا ومرتبطا في جانبه الأهم بالتنزيل والتطبيق على قاطرة التضامن والتعاون والحوار والتعايش بين مختلف الجماعات والهيئات في وحدة وطنية تسودها قيم مشتركة وأهداف جماعية.
في نفس السياق استعرض الأستاذ رشيد العماري ، نائب رئيس المحكمة الابتدائية بالفقيه بن صالح ، في معرض مداخلة له حول موضوع ” دور القضاء في ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني بالنسبة للأحداث ” مجموعة من النصوص والآليات القانونية التي تضمن حقوق الحدث الجانح وحمايته كشخص يحتاج إلى الرعاية والتهذيب ، مذكرا بالمقتضيات المتعلقة بزجر الأفعال والسلوكيات المنافية للأخلاق والقيم التي يمكن ارتكابها من طرف الأحداث أو يكونوا ضحية لها داخل الوسط المدرسي. كما بسط عددا من النصوص والآليات والتدابير القانونية التي توفر الحماية للأحداث في وضعية صعبة وكذا ضحايا الجنايات والجنح، مقترحا التفكير في إدراج ” الثقافة القانونية ” كمادة دراسية في البرامج التعليمية ، وتخليق الحياة المدرسية وإشراك المتعلمين في تعلم الأشياء عن طريق العمل ، وإعادة الاعتبار لمؤسسات التنشئة الاجتماعية ،وجعل المدرسة عبارة عن ورشات لتعلم مبادئ المواطنة والقيم السمحة.
وتناولت مداخلة عميد الشرطة الممتاز ، رئيس الدائرة الثالثة للأمن بالفقيه بن صالح ، عادل سكوم مفهوم الشرطة المواطنة ودور القيم في استتباب الأمن ونشر الطمأنينة بين المواطنين ، مستعرضا مقومات ومرتكزات العمل المعتمدة تجسيدا للمفهوم الجديد للشرطة المندمجة والشرطة المجتمعية وشرطة القرب. وأكد حرص المرفق الأمني على التعامل الجدي والجاد مع قضايا وحاجيات المواطنين في احترام تام لمقتضيات دستور المملكة ، مشيرا إلى حرص الميثاق الأخلاقي على تأطير عمل رجال ونساء الشرطة والأمن في توافق مع توجهات المغرب والتزاماته على الصعيدين الوطني والدولي من أجل النهوض بحقوق الإنسان وترسيخ دولة الحق والقانون ، مبرزا التحول الذي طرأ على مستوى المفاهيم من شرطة الأمن إلى الشرطة المواطنة .
وقاربت مداخلة الأستاذ عمر بيشو موضوع ” قيم المواطنة والسلوك المدني ..قراءة في نسقية القيم ” من زوايا ومحاور مختلفة شملت بالأساس قراءات في مضامين الكتب المدرسية ، خاصة كتب مادة التربية الإسلامية ، حيث أبرز المتدخل حرص الميثاق الوطني للتربية والتكوين وكذا الوثائق والمذكرات ذات الصلة على ترسيخ الأسس المرجعية والعملية لتأسيس مدرسة القيم ومحاربة جميع السلوكيات المشينة في الوسط المدرسي.
وقد أوصى المشاركون في هذا اليوم الدراسي” بضرورة تكثيف وتنسيق الجهود من أجل جعل المدرسة المغربية فضاء لنشر قيم التسامح والتعاون ونبذ مختلف مظاهر الكراهية والعنف والتمييز والسلوكيات المشينة . وأكدت التدخلات خلال اللقاء المنظم من طرف المديرية الإقليمية لقطاع التربية الوطنية بالفقيه بن صالح تحت شعار : ” جميعا من أجل التربية على القيم والسلوك المدني في الوسط المدرسي ” على أهمية تسطير برامج وخطوات مشتركة بين مختلف مكونات الدولة والمجتمع من أجل اتخاذ كل ما من شأنه تعزيز آليات الوقاية والتتبع في مجال مناهضة ومحاربة المظاهر السلبية في الوسط المدرسي، وترسيخ السلوك المدني والقيم الفاضلة ، وكذا تنويع وتكثيف الأنشطة التي تحقق التقائية البرامج والأهداف حول إرساء وتعزيز مدرسة مواطنة قادرة على إعداد وخلق أجيال متشبثة بقيمنا الروحية والدينية والثقافية، و معتزة بانتمائها الوطني تاريخا وحضارة وجغرافيا .كما تمت الدعوة خلال اللقاء إلى دعم حضور القيم في المقررات الدراسية وتقوية انفتاح المدرسة على محيطها السوسيوثقافي ، ورد الاعتبار للمدرس كحامل لمشروع تربوي ومجتمعي إيجابي ، وكذا تعزيز وتنويع وسائط التواصل مع التلاميذ والأمهات والآباء والأولياء ، ومراجعة معايير تنقيط مواظبة وسلوك التلاميذ وإعادة تفعيل المكتبات المدرسية وتشجيع أنشطة الإبداع الفني والأدبي.