تاكسي نيوز – بقلم – عبد اللطيف الباز- ميلانو
محضر التحقيق الذي نشرته اليوم وزارة العدل الأمريكية بخصوص قضية السفير المغربي الجعيدي وزوجته التي اعتقلت أمس بتهمة تهريب البشر والتزوير وأفعال أخرى، أنجزه القاضي الفدريالس “بول ديفيسون”، على مدى سنوات من التحقيق، ووقع من طرف ضابط الامن الدبلوماسي “اندرو سينانوغولو”، بعد 26 صفحة تستحق القراءة بإمعان مرات ومرات..
من خلال قراءة أولية أرتأيت أن أتقاسم معكم هذه المعطيات:
السفير عبد السلام الجعيدي، الذي يشار إليه في المحضر بالترميز CC1، والصفة كمكلف بمهمة “دائمة للملكة المغربية في الأمم المتحدة برتبة سفير بين 1980 و2016″، هو المسؤول الأول عن العملية التي يتم تنفيذها من طرف زوجته وصهره، وفقا المحضر.
يجري السفير، أو زوجته، مقابلات في الفيلبين بهدف توظيف عاملات وعمال، بشكل شخصي، في ضيعته الخاصة في نيويورك أو في بيته في برونكسفيل، التي تعتبر في الواقع إقامة ملكية، مقابل 500 دولار شهريا، وهو أجر أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور في أمريكا..
ترسل زوجته عبر الإيميل عقود العمل إلى شقيقها رامون المقيم في الفلبين، موقعة من طرف “قنصلية المغرب في نيويورك”، لصالح العامل الفلبيني أو العاملة الفلبينية، على أساس أنه، أو أنها، ستعمل كخادمة، أو كتقني، أو مساعدة إدارية في مكتب السفير في مانهاتن، مقابل أجر يتراوح بين 2200 و3200 دولارا شهريا.
يوقع السفير الجعيدي العقود، ويوفر جميع الوثائق اللازمة، المزورة وفق المحضر القضائي، ضدا في القانون الامريكي، بما فيها التأمين والتغطية الصحية، ومعها رسالة إلى السفارة الأمريكية في الفليبين، وأحيانا يتدخل حتى، من أجل تسهيل التأشيرة.
عند وصولهم إلى أمريكا، الذين يوظفون منهم مع الزوج الدبلوماسي لا يرون القنصلية أبدا، ولا التغطية الصحية، ولا الأجور الزهيدة، ولا حتى أدنى مقومات الحياة الكريمة، ويعملون في ضيعته وفي بيته في برونكسفيل كخدم وسائقين ومنهم من أرسله الى إقامته في المغرب.
ولا واحدة من الخادمات اشتغلت في القنصلية. ولما سألهن المحقق قلن انهن استقدمن للعمل ككاتبات في السفارة، ومساعدات في الإدارة وتقنيات في القنصلية المغربية.
الاجور تدفع نقداً، كاش، بشكل شهري، وهي 500 دولار شهريا، وفي سنة 2014 بدأ يدفع لبعضهم 800 دولارا شهريا !
أحيانا يدفع لهم السفير اجورا بشيكات يوقعها من حسابه الشخصي، بمبلغ 1800 دولارا، لكي يترك بصمة على الحساب البنكي للمستخدم، ويسترجع منه الفارق أي 1200 دولارا.
وفضلا عن الأجر الزهيد جدا فإن ظروف العمل وعدد الساعات يفوق بكثير 40 ساعة اسبوعيا، ضدا في القانون، وبدون تأمين صحي وغيره كل الامايازات التي تضمنها العقود الموقعة.
يقوم السيد الجعيدي وزوجته بمصادرة جواز السفر فور وصول المستخدم إلى أمريكا، وعندما يحين أجل تجديد التأشيرة يوقع عقدا جديدا، مزورا، وباسم القنصلية، بارك به المعني بالأمر، بلغة المحضر إذ يرسله الى المصالح الفدرالية الامريكية بوثاىق مزورة..
الزوجان الجعيدي قررا الطلاق سنة 2016، وفي بنود الطلاق تم التركيز على أن السفير هو الذي يدفع أجور العمال والعاملات الفلبينيات في الضيعة التي “وهبها” للزوجة بموجب عقد الطلاق..
واعتقلت الأربعاء الماضي الزوجة أو المطلقة بسبب الأفعال اعلاه، فيما لا يزال البحث حاليا عن شقيقها، ووجهت لها تهم تخريب البشر والتزوير والتشغيل خارج القانون الخ..
فهل تحمي الحصانة الدبلوماسية السفير الجعيدي؟ أم أن هذه القنبلة الأخلاقية التي انفجرت اليوم في الاعلام وستظل ثناياها تتطاير طيلة فترة المحاكمة، ولسنوات عديدة، تكفي؟