كثر الحديث عن الجهوية “الواسعة” أو الموسعة ، وعن نهج سياسة اللاتمركز ، بغية النهوض بالتنمية الجهوية لأقاليم جهات المملكة ، وهو الورش الكبير الذي يعتمد عليه المغرب لتحقيق المزيد من التقدم والإزدهار.
فمثلا جهة بني ملال خنيفرة لم تعد فيها الجهوية الموسعة فقط ، بل أصبحت “واسعة” و أكثر “وسوعة” من أي جهة بالمغرب ، وذلك لعدة أسباب ترتبط بعقليات بعض المسؤولين الذين لم يستوعبوا ما معنى “الموسعة” ولا يفرقون بين ما هو موسع وواسع ، وأصبحوا يتعاملون بمنطق “الوسوعية” الشاملة في جميع معانيها المجازية والواقعية.
فحين يقول رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بأن التعاقد الجهوي خيار استراتيجي ضمن مشروع الجهوية الموسعة ، فهنا وجب علينا أن نقف وقفة تأمل وأن نحلل هذا الخطاب المبني على فراغ ، وأن نسمي الأشياء بمسمياتها .
فقد نرحب بالجهوية الموسعة وبالتعاقد إذا كان هذا الأخير يشمل جميع القطاعات الحكومية ، وليس قطاعين حساسين وأساسيين بالنسبة للمواطن المغربي ، فالتعاقد في قطاع التعليم والصحة هو ضرب لمجانيتيهما بطرق غير مباشرة ، وسيكون المتضرر الوحيد من ذلك هو المواطن.
فاذا كان رئيس الحكومة يريد التعاقد كحل استراتيجي وكبديل عن التوظيف العمومي ، بجميع جهات المملكة ، فعليه أن يكون أكثر حرصا على ضمان بقاء الأموال وملايير الدراهم داخل هاته الجهات، فكيف يعقل أن تتعامل المؤسسات العمومية بجهة بني ملال خنيفرة مثلا مع شركات عملاقة من خارج الجهة وتمرر لها صفقات عمومية ستنجز داخل الجهة ، في حين تقصي الشركات الجهوية والتي تشغل يد عاملة مهمة من شباب الجهة ، أهكذا نشجع الجهوية الموسعة أم نريدها جهوية “واسعة” و “لي جا يدخل منين بغا” ، كيف للعديد من المؤسسات والمجالس المنتخبة ان تفرض شروط تعجيزية تقصي الشركات المحلية والجهوية من الفوز بالصفقات العمومية ، وتفتح الباب امام الشركات العملاقة و”تزيد الشحمة في ظهر المعلوف”. أهكذا نسير بالجهوية الموسعة يا رئيس الحكومة هل تريدونها جهوية “واسعة” في استنزاف ثروات الجهة وجهوية “موسعة” لقهر ساكنة الجهة وشركاتها وشبابها ووو.. لماذا لا يتم التعامل بمنطق :” لي فشي جهة يبقى فيها ولي عندو شركة او مقاولة يشارك بها فالجهة لي مؤسس فيها وسالينا “.
فما ينطبق على الشركات ينطبق على الاعلام الجهوي والصحافة الجهوية ، فكيف لمؤسسات تريد ان تصل انشطتها للرأي العام الجهوي ، أن تتعامل مع اعلام خارج الجهة ، وتمرر فواتير منفوخة لبعض المؤسسات الإعلامية خارج الجهة ، أهكذا نشجع الصحافة الجهوية يا رئيس الحكومة ويا والي الجهة ويا عمال الأقاليم ويا رؤساء المؤسسات العمومية والمنتخبة…
إننا نتأسف أن نرى خيرات جهة بني ملال خنيفرة تستنزفها شركات من خارج الجهة ، ونتحسر أيضا ونحن نرى مؤسسات اعلامية ضخمة تلهف الملايين من الدراهم في فواتير واتفاقيات على حساب المؤسسات الفتية الاعلامية والصحفية الجهوية ، حيث ان الغريب ان التغطيات الصحفية لبعض المؤسسات التي تلهف الملايين لا يقرأها الرأي العام الجهوي ، وتبقى الصحافة الجهوية الجادة والتي لها قاعدة واسعة من القراء والرأي العام الجهوي الأكثر مقروئية وتتبعا لأحداث الجهة، لكن للأسف اصحاب الجهوية “الواسعة” يغردون خارج السرب وكل يوم يزيدون من وسوعيتها وتوسيعها …