الساعة تقترب من منتصف الليل. بعد ساعات ينقشع ظلام الليل ليترك مكانه لظلمة من نوع آخر. تقل حركة المشردين الذين يأوون إلى زوايا الأزقة وشارع محمد الخامس وساحة الشهداء بوادي زم ( المحطة الطرقية) متلحفين السماء ومفترشين الأرض….
في زاوية مظلمة بجوار المحطة الطرقية ، تصل إلى الآذان حركة خفيفة يصدرها شخص متكئ على جنبه الأيمن. مع الاقتراب منه يحس بارتباك واضح يترجم توجسا دائما من مخاطر حياة الليل بالشارع وبرد يهب من جميع الجوانب.يفترش بساطا مهترئا نال منه صقيع فصول الشتاء المتعاقبة، ويلتحف آخر يحاول من خلاله مداراة البرد، فيما وسادته ليس إلا كيسا يحمل ملابسه ويستعد للنوم…. “عن أي نوم تتحدث؟!.. لا يمكن أن نسميه نوما، أُغمض جفنا وأترك الآخر مفتوحا ترقبا لأي شيء، حتى القطط أو الكلاب الضالة وهذا النمط من العيش غالبا ما يغرق صاحبه في هذا اليم المضلم إلى الأبد، بسبب الإدمان وفقدان الأمل والثقة في الغير، ليبقى هذا الوضع واقعا يتعايش معه لعدم وجود أي دافع يدفعهم للتغيير، فالفقر والجهل أعدى الأعداء وهذا ما سيطر على حياتهم.
….. ماضي كئيب …. حاضر مخيف ….. ومستقبل مظلم هكذا يعيش المشرد بمدينتي الصماء …..
بمدينة الثروات الباطنية.