عن لجنة التوثيق والإعلام
نظم المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة بني ملال -خنيفرة بتنسيق مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة بمقر هذه الأخيرة يوم الجمعة 03 ماي 2019 ندوة وطنية في موضوع : « المنازعات الإدارية على ضوء القضاء الإداري ومستجدات نظام التربية والتكوين » وقد ترأس هذا الملتقى مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة وحضره عدد من الفعاليات الوطنية والجهوية والاقليمية ضمنهم والسيد رئيس قسم الشؤون التربوية بالأكاديمية الذي ناب عن السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بنفس الجهة والسيد المدير الإقليمي لبني ملال والمسؤول الجهوي لمؤسسة وسيط المملكة والمسؤول الوطني لجمعية التضامن الجامعي وبعض ممثلي النقابات التعليمية وممثلو الصحافة وممثل عن جمعية مديري المؤسسات التعليمية وبعض المفتشين التربويين ومديري المؤسسات التعليمية والأساتذة المكونون بالمركز الجهوي والأطر الإدارية المتدربين بالمركز وممثلون عن الأساتذة المتدربين بالمركز ( سلك هيئة التدريس).
شارك في هذه الندوة العلمية ثلة من الأساتذة الباحثين والممارسين المنتمين إلى مؤسسات وطنية وجامعية: (مؤسسة وسيط المملكة و منظمة التضامن الجامعي المغربي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش والكلية المتعددة التخصصات ببني ملال )، إضافة إلى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة بني ملال خنيفرة والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لنفس الجهة ، كما شارك فيها أيضا أطر وباحثون منتمون إلى إدارات متعددة ترابية ومنتخبة، ومن تخصصات مختلفة ( القانون، الاقتصاد، علم الاجتماع…). و تخللت المواضيع قراءات متقاطعة، ومقاربات متنوعة، عكست تنوع قضايا المنازعات الإدارية، محاولة إيجاد الأجوبة للإشكاليات العميقة التي تطرحها علاقة الإدارات مع قضايا المنازعات الإدارية، ودور المؤسسات الوطنية الوسيطة في حل الخلافات التي تنشب بين الإدارة والموظف.
وقد تفاعل الحضور مع مختلف المداخلات في جو ساده النقاش والحوار الهادئ و البناء. هكذا انتظمت فعاليات هذا الملتقى العلمي الثقافي، في أربع جلسات تضمنتها: خصصت الاولى للافتتاح والأخيرة للاختتام.
الجلسة الافتتاحية:
بعد استقبال وتسجيل المشاركين ترأس السيد أحمد لدماوي الكاتب العام للمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة الجلسة الافتتاحية التي افتتحت بالنشيد الوطني فآيات من الذكر الحكيم ثم أخد الكلمة السيد أحمد دكار مدير المركز الجهوي للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة مرحبا بالضيوف والحضور كل باسمه وصفته قبل أن يذكر بسياق الندوة التي ترتبط بمستجدات الحياة المهنية للموظف كما لم يفته شكر المتدخلين والمساهمين والشركاء في تنظيم النشاط وعلى رأسهم الأكاديمية الجهوية ومؤسسة وسيط المملكة المغربية ومنظمة التضامن الجامعي المغربية. بعد ذلك أعطيت الكلمة للسيد سعيد الجندي رئيس قسم الشؤون التربوية بالأكاديمية الجهوية الذي رحب بدوره بالحضور معبرا عن استعداد الأكاديمية الجهوية للتعاون المثمر والدائم مع المركز الجهوي في كل ما يخدم البحث العلمي والتربوي، في حين انصبت كلمة اللجنة التنظيمية التي تلاها الأستاذ محمد الكوادي باسم شعبة علوم التربية والتشريع وهو أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بجهة بني ملال خنيفرة على السياق العام للندوة التي تستهدف تقييما علميا ودقيقا لمسار المنازعات الإدارية بين الموظف والادارة على ضوء القضاء الاداري ومستجدات التربية والتكوين.
وقد ركز رئيس مؤسسة التضامن الجامعي المغربي، الذي كان مرفوقا بوفد من المنظمة، في كلمته على أهمية موضوع الندوة وشكر المنظمين على استدعاء المؤسسة، كما استعرض تجربة المنظمة في موضوع المنازعات الإدارية مركزا على نماذج من القضايا التي تعرض عليها من طرف مختلف فئات رجال ونساء التعليم ونوع الدعم والمساعدة الذي تقدمها لهم بالإضافة إلى إثارة بعض سبل الوساطة التي تقدمها لكل من الإدارة والموظف.
الجلسة العلمية الأولى:
ترأس الجلسة العلمية الأولى الدكتور علي الكاسمي وكان موضوعها « المنازعات الإدارية في مجال التربية والتكوين: رؤى ومقاربات» تضمنت ثلاث مداخلات تمحورت الأولى حول « مؤسسة وسيط المملكة وأدوارها في فض النزاعات بين الإدارة التربوية والموظف» وكانت للدكتور كمال خزالي المسؤول الجهوي للمؤسسة الذي اعتبر هذا اللقاء العلمي مناسبة لمؤسسة وسيط المملكة لتأصيل التواصل الفكري وتبادل وجهات النطر في موضوع مرتبط بانشغالات أطر الإدارة التربوية وعموم الشغيلة التعليمية كما اعتبرها محطة تفكير وعمل من أجل دعم الشفافية في التدبير وإرساء الحكامة الجيدة التي تقتضي التقليل من المنازعات وتفادي الأخطاء المرفقية باعتبار المؤسسة مؤسسة دستورية أوكل لها المشرع القيام بهذه المهمة خدمة لإشاعة مبادئ الحق والإنصاف، وجاءت المداخلة في محاور ثلاث أولها تعريف بمؤسسة وسيط المملكة من خلال أساسها الدستوري واختصاصاتها وأدوارها، وأما الثاني فقد انكب على مناهج اشتغال المؤسسة وكيفية الوصول لأهدافها كما تناول الصور التي تتخذها القضايا، فيما خصص المحور الثالث من المداخلة لنماذج تطبيقية عملية للوساطة المؤسساتية في قضايا من قبيل تسوية الوضعية الإدارية والمعاش والحركة الانتقالية و التعويض عن نزع الملكية و التعويض عن فترات التكوين إضافة إلى تنفيذ الأحكام القضائية للموظفين الذين ينازعون في قرارات الإدارة.
هذا وانصبت المداخلة الثانية وهي مداخلة مشتركة بين الدكتور البشير المتقي والدكتور عبدالرحمان فضلاوي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش حول موضوع « المساطر التأديبية بين المقتضيات الإدارية والرقابة القضائية» قام بتقديمها هذا الأخير، افتتحها بالتذكير ببعض المرجعيات التي يعتمد عليها القضاء الإداري في إصدار الأحكام، معرجا على الشكليات التي يجب أن يحترمها القرار الإداري، ثم الضمانات التأديبية للموظف وضرورة تعليل القرار واختتم المداخلة بحالات اجتهادات قضائية من القانون الإداري الفرنسي تهم الإخلال بالمهام، والإضراب.
في حين تطرق ذ.عماد سرير رئيس مصلحة الشؤون القانونية والشراكة بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بني ملال في المداخلة الثالثة لموضوع « السلطة التقديرية للإدارة في تحديد أخطاء المدبرين التربويين نماذج من أحكام قضائية» وأشار إلى المصالح المحدثة في إطار الهيكلة الجديدة التي تؤسس للموضوع، مؤكدا على مشروعية السلطة التقديرية كحرية منحت للإدارة ـ في سياق مبدأ سيادة القانون ـ باعتبارها تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة، مفصلا في الشروط التي ينبغي أن تلتزم بها الإدارة في تحديد أخطاء المدبرين وأهمها استفسار المعني بالأمر وتشكيل لجنة للتقصي، ليخلص إلى نماذج من قرارات المحاكم تركت فيها مسألة السلطة التقديرية للإدارة التربوية مالم يثبت انحراف في استعمالها للسلطة.
الجلسة العلمية الثانية
انطلقت الجلسة العلمية الثانية برئاسة الدكتور محجوب بوسيف وهو أستاذ التشريع بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بني ملال التي خصصت ل« قراءة في مستجدات النصوص التشريعية و الإدارية في مجال التربية و التكوين» بمداخلة الدكتور رضوان خولافة، أستاذ القانون العام بجامعة مولاي سليمان ببني ملال، و لقد عالج فيها « خطأ القانون و ضرورة تحصين القانون الإداري من الأخطاء”. و في خضم حديثه عن ضرورة ضمان قانون إداري بدون أخطاء، عرف مفهوم الخطأ الإداري، و قدم بعض نتائج ارتكاب الإدارة لأخطاء قانونية و أغنى تدخله هذا بمجموعة من الأمثلة التي عززت ضرورة الأمن القضائي القانوني في القضايا الإدارية.
بعد ذلك كان الحديث عن موضوع « دور القاضي الإداري في التأسيس لمبدأ مشروعية المخالفات التأديبية» حيث ركز الأستاذ عبد الواحد الشيكر، أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية و التكوين بني ملال خنيفرة، في مداخلة مشتركة بينه وبين الدكتور علي الكاسمي أستاذ بنفس المركز، على السلطة التقديرية الإدارية و دور القضاء الإداري في تقنينها، كما أكد على ضرورة تحديد دقيق لمفهوم المخالفة الإدارية كما هو الشأن بالنسبة للمخالفة الجنائية. و ختم مداخلته بالحديث عن بعض مميزات النظام التأديبي المغربي.
وفي نفس الإطار، تناولت المداخلة الثالثة تحت عنوان ” التظلم في القرارات الإدارية الصادرة عن الإدارات التربوية” التي قدمتها بالتناوب الأستاذتان المتدربتان بسلك الإدارة التربوية بالمركز الجهوي لهن التربية و التكوين بني ملال خنيفرة لبنى حاجبي و سميرة جعوان، موضوع التظلم من حيث دلالته، أهميته، أنواعه، شروطه و القرار الإداري كأساس للتظلم الإداري الذي يقوم على الموازنة بين احترام مبدأ الشرعية و احترام مبدأ استقرار الحقوق و المراكز القانونية.
في حين سلط الدكتور محمد أبحير في مداخلة مشتركة مع الدكتور جمال الدين ناسك، وهما أستاذان بالمركز الجهوي لمهن التربية و التكوين بجهة بني ملال خنيفرة، في المداخلة الرابعة، الضوء على« أثر المستجدات التشريعية في الشأن البيداغوجي» ، وذلك من خلال قراءة في النظام الأساسي الخاص باطر الأكاديمية، مركزا على النصوص التشريعية المنظمة للسنة التكوينية لدى هيئة التدريس على وجه الخصوص مع الإشارة إلى بعض الثغرات رغم التعديلات التي تم إدخالها على هذا النظام، وهي ثغرات تكون أحيانا منطلق العديد من النزاعات الإدارية.
التوصيات:
وقد خلص المشاركون في الندوة إلى مجموعة من التوصيات أهمها:
• الإشادة بالتنسيق الجيد بين المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة لتوفير فضاءات للمناقشة العلمية لمجموعة من المواضيع التربوية والبيداغوجية ومنها هذه الندوة.
• التنويه بدور الشعب بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين في المبادرة إلى تنظيم الملتقيات العلمية في إطار التنسيق مع إدارة المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين.
• الإشادة بأدوار مختلف المتدخلين من مؤسسات الوساطة القانونية والتشريعية(مؤسسة وسيط المملكة، منظمة التضامن الجامعي المغربي) لحل مختلف النزاعات الحاصلة بين الموظف والإدارة بمناسبة مزاولة مهامه.
• الحرص على استحضار البعد التربوي والإنساني في معالجة الملفات التأديبية مع ضرورة حضور أطراف محايدة المجالس التأديبية خاصة إذا كانت الإدارة تشكل مع الموظف طرفي النزاع.
• الإشارة إلى أهمية عقد مؤسسات الوساطة (مؤسسة وسيط المملكة، منظمة التضامن الجامعي) ندوات ولقاءات بشراكة مع المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، تعرف بمنشوراتها وأدوارها وتوسع دائرة التوعية القانونية في صفوف الموظفين بصفة عامة والمتدربين بصفة خاصة.
• ضرورة احترام الإدارة للمساطر الإدارية الجاري بها العمل في تنفيذ القرارات التأديبية ضمانا لحماية الموظف من أي شطط محتمل.
• الدعوة إلى مراجعة وتجويد العدة القانونية لتشمل مختلف القضايا الممكنة والمحتملة تفاديا لاجتهادات من شأنها الإضرار بمصالح الموظف المادية والمعنوية.
• الدعوة إلى تقنين وضبط السلطة التقديرية للإدارة بنصوص قانونية تشريعية.
• العمل بمبدأ المرونة من طرف المؤسسات التعليمية واستحضار مبادئ التدبير الحديث ( مداخل نفسية واجتماعية) في معالجة القضايا قبل سلوك مسطرة العرض أمام المجالس التأديبية.
• أهمية التكوين الأساس لأطر الإدارة التربوية نظرا لما لشخص المدبر التربوي من دور في تجنب علاقات التوتر بين الإدارة والموظف.
• الاستفادة من الاخطاء الادارية والقضايا الطارئة والاجتهادات القضائية في سن تشريعات جديدة.
• دعوة الوزارة الوصية إلى إعادة النظر في عدة وزمن التكوين الأساس للأطر التربوية بشكل يسمح باستفادة المتدربين من الوقت الكافي للتكوين النظري والعملي.
• الحرص على تصويب الوثائق التربوية الرسمية من بعض النصوص المتناقضة من أجل توجيه سليم للمتدربين وتجنب اضطراب التكوين.
• اقتراح مجزوءة ترتبط بالتدبير الإداري لمسلك هيئة التدريس والتي ستمكن هذه الفئة من الوعي بإكراهات الإدارة.
• الدعوة إلى خلق جو من العمل من طرف الإدارة التربوية، يساعد على إشاعة روح الحوار لتجاوز الخلافات مع الموظفين.
• ضرورة الحد من سلطة الإدارة في إعمال الفصل 73 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والمتعلق بالتوقيف المؤقت للموظف مع توقيف راتبه بسبب الأخطاء المهنية.
• الدعوة إلى استثمار أعمال الندوة الوطنية ليتم نشرها بتنسيق مع منظمة التضامن الجامعي المغربي.
في الأخير لا يسعنا إلا أن ننوه بالجهود الجبارة التي بذلها جميع الشركاء لإنجاح هذه الندوة العلمية المتميزة التي تخدم مصالح الإدارة والموظف وتساهم في التقعيد لتدبير أمثل لقضايا الخلافات التي تنشب بينهما، و تحيين النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة لنظام التربية والتكوين، وتعزز الترسانة القانونية التي من شأنها تحفيز موظفي الإدارة التربوية للاشتغال في ظروف مناسبة تنعكس إيجابيا على الرقي بمنظومة التربية والتكوين. كما ساهمت في التكوين المستمر لعدد من أطر الإدارة التربوية بجهة بني ملال خنيفرة الذين حضروا أشغالها.