محمد طه زريد
– بداية أود أن أعبر عن تضامني و مساندتي لطلبة الطب و الصيدلة و طب الأسنان في بلدي الغالي المغرب، و أناشد كل المسؤولين في ذلك الوطن بما فيهم مسؤولي الوزارتين المعنيتين بملف طلبة الطب و الصيدلة و طب الأسنان: أرجوكم كفانا استهتارا و خذوا أمور وطننا الحبيب بجد و نكران ذات! المسؤولية أمام الله و التاريخ وأمور الشعب ليست بالشئ الهين! و استحظروا الرقابة الإلهية و رقابة الضمير قبل أي رقابة أخرى.
– أود أن أشير إلى بعض الأشياء التي أجدها أساسية في ما يخص الإنتقاء و مباريات كليات الطب، لقد كنت و لازلت أقول إن بيانات النقاط العالية في البكالوريا و المباراة في المواد العلمية لا تكفي في وجهة نظري الشخصية لانتقاء طلبة الطب، بل البعد الإنساني في طالب الطب من بين الركائز التي يجب أخدها بعين الإعتبار، و ذلك بتبني طريقة لاختبارات سيكولوجية خلال مقابلة شفهية، ليتسنى للجان انتقاء العناصر الأكثر إنسانية و غيرها من الخصال المحمودة و المرغوب فيها لتكوين دفعات من الأطباء الأكفاء الإنسانيين المتميزين بالأخلاق و المبادئ العالية نظرا لأهمية الطبيب في المجتمع للنهوض بهذا الوطن الذي يستحق كل خير و ازدهار.
– و من بين الأشياء التي حزت في نفسي بعدما أُتيحت لي فرصة تدريس مادة الميكروبيولوجيا الغذائية لطلبة الطب في إحدى الجامعات بسويسرا و بعدما اطلعت على برامج دراسية لكليات طب مختلفة فرنكوفونية و أنغلوساكسونية في كندا مثلا و فرنسا و المغرب، و جدت أن عموم الكليات الفرنكوفونية خصوصا فرنسا و المغرب مع كامل الأسف تقتصر على برمجة الطلبة لصنع روبوتات لوصف و بيع الأدوية، و هذه البرمجة تتم بمقررات في المغرب جُلها لم يتم تحديثه منذ أن تم نسخه (copy-post) و ما يزيد الوضع مرارة هو تبعية المغرب لفرنسا و عيشه على فتاتها حتى في المجلات العلمية، القليل القليل من الطلبة من يتوفق في الخروج من الدوامة النمطية المعروفة على الطبيب في بلدنا. و هو الشئ الذي أظنه مقصودا بطريقة أو بأخرى من جهات معينة! حيث يمكن لأي أحد أن يطلع على إحصائيات المعاملات و الرساميل المتوفرة على الأنترنت لشركات الصناعات الدوائية و التي تفوق تجارة المخدرات و السلاح !
– بغض النظر عن التسير و إستراتيجيات و سياسات التسيير في الجامعات و الكليات و المعاهد و المدارس العليا المغربية، أود أن أشير إلى أنه في حديثي إلى بعض الأصدقاء الممارسين و الباحثين في مجالات الطب و الصيدلة من جنسيات مختلفة، أجدني أخوض في مقارنات (تفرض نفسها) بين أناس يحرصون بشكل غير عادي على مواكبة الأبحاث و تحديث المعلومات و التكوين المستمر، و آخرون ينتظرون مندوبي شركات الأدوية ليشرح لهم كيفية استعمال منتجاتهم الجديدة!
– كرسالة أوجهها إلى طلبة الطب و الصيدلة و طب الأسنان و عموم الطلبة في وطني المغرب، إن أزمة كل بلدان العالم حاليا و أكيد بشكل متفاقم في بلدان العالم الثالث هي أزمة كفائات، أرجوكم احرصوا كل الحرص على الرفع من مستوياتكم و شمولية ثقافتكم، و أن لا تنحصر أهدافكم على حصد الديبلومات و الشواهد لينتج عن ذلك ”ثقافة للعناوين” فقط، بل اطلعوا من فضلكم إلى ما تشمله فلسفة الديبلوم/الشهادة. وفقكم الله و سدد خطاكم.