يتساءل البعض لماذا تفقدالكثير من الفئات الاجتماعيةالسيطرة على انفعالاتهم ، ويكبر غضبهم ، وتكثر احتجاجاتهم ؟ لكنهم ينسون أو يتناسون مدى منسوب القهر والغبن والتهميش الذي يعيشونه مع عطالة الشباب ، وتعليمه السيئ ، ومنسوب ما يكابدونه مع ويلات انخفاض مستوى الخدمات المقدمة في الشغل والسكن ، وقلة وفرة الماء الصالح للشرب، وندرة الطعام المناسب والكافي ، وانعدام الصرف الصحي ، وغيرها منالمآسي التي ليست قدرا مقدرا ، بقدر ما هي نتاج حتمي لعدم ربط المسؤوليةبالمحاسبة وإفلات المتورطين من العقاب علىالفساد ، بكل نماذجه المادية والمعنوية المعشعشة في أذهان اللاوطنيين، والذيبات الكل يتحدث عنه ويدعو لمحاربته في استعراضية تراجي/كوميدية ، أثبتت طبيعة وسيرورة الأحداث ، بأنها مجرد بالونات تجريبية ، يبغي المفسدون من تمريرها ، إيهام الناس بأنهم أصبحوا ، بين عشية وضحاها ، حاضنين للإصلاح عبر التصريحات والتدوينات ، ومنخرطين في مشاريعه ، متزعمين لحملات شجبه والتنديد برؤوسه -حتى في داخل الحكومة والبرلمان والأحزاب والنقابات الذين هم جزء منهم – من خلال اللايفات والمؤتمرات والندوات ، وذلك ليس بدافع صحوة مفاجئة أصابت ضمائر المفسدين ، ولا بتأثيرمراجعات جذرية وشمولية وجدية خضع لها السياسيون ، وإنما لغاية استغباء المواطن ، والتلاعب بذكائه ، والتشويش على وعيه ،وخلط أوراق مداركه ، حتى تشتد حيرته حول مكونات الفساد وتمظهراته ، وتتشابه لديه قضاياه وأحداثه ،ويغرق في ضياع الأسئلة الأكثر إشكالية وتعقيداً من تساؤل الذين تشابه عليهم البقر، فطلبوا من موسى أن يدعوا ربه ليُبَيِّنْ لَهم مَا هِيَ ، والتي لم يعد عقل المغربي يتقبل أو يصدق أي خطاب تبريري أو تمويهي لها ولجرائم الفساد التي مرّت دون حساب، من أي جهة كانت حزبية أو حكومية مصرة على عدم ربط المسؤولية بالمحاسب للبقاء على كرسي السلطة.