تاكسي نيوز
أبدى مصدر أمني استغرابه الشديد لما وصفه “إصرار بعض الجهات والنشطاء على استهداف الأمن واتهام الأمنيين في قضية لها منطلقات ومداخل تشريعية ومُخرجات قانونية، ولا تتقاطع مع جهاز الأمن إلا في الشق المتعلق بمهمة إنفاذ القوانين التي أصدرها المشرع المغربي ونشرت في الجريدة الرسمية”.
“وتأسيسا على ذلك، فإننا نرفض جميع الاتهامات المجحفة وعبارات الازدراء التي يمعن البعض في إلصاقها أو محاولة نسبتها لأكثر من سبعين ألف شرطي وشرطية، إذ هناك من لا يتورع عن وصفهم ب(أصحاب المخالب)، ومن يتجاسر ويسميهم ب (قوات قمعية)، ومن لا يجد حرجا في التعليق على قياسات أرجلهم وأحذيتهم بدعوى أنها تستعمل في دوس المواطنين في التجمهرات”، يستطرد المصدر الأمني.
وأردف المتحدث قائلا “إن موظفات وموظفي الشرطة يعكفون على تطبيق القوانين التي أقرها المشرع المغربي، ويسهرون على إنفاذ الإجراءات والتدابير المسطرية بما فيها تلك المقيدة أو السالبة للحرية، وذلك تحت إشراف السلطات القضائية المختصة، وفي احترام تام للضمانات والشكليات المكفولة للمشتبه فيه والتي تنهض كحائل ضد الشطط والتعسف. وهذا التطبيق السليم للقانون لا يجعل من الشرطيين أعداءً لأحد، وإن كان في خلاف مع القانون، ولا يسوغ لهذا الأخير أن يعادي الأمنيين ويشرع في المساس بالاعتبار الشخصي لهم ولعائلاتهم”.
وشدد المصدر ذاته” أن مصالح الأمن قامت في السنوات الأخيرة بتوطيد الشكليات والضمانات التي تقنن عمل مصالح الأمن، سواء في فترة البحث ما قبل المحاكمة، أو في التدخلات في الشارع العام، إذ تم اللجوء للكاميرات المحمولة لتوثيق التدخلات، والركون لآليات فض التجمهرات عن بعد لتفادي الاحتكاك المباشر مع المتجمهرين، ورفع الاستثمار في الشرطة العلمية والتقنية ومضاعفة الاعتمادات المالية المخصصة لها بأكثر من 290 بالمائة في محاولة لتطوير البحث الجنائي وجعله يستعيض عن (الاعتراف) بالدليل المادي والعلمي، علاوة على تشديد إجراءات الرقابة والافتحاص وإرساء آليات متينة للتخليق. فمصالح الأمن حرصت على تطوير وسائل عملها لتكون في مستوى تطلعات المواطن، كما أنها قطعت في المقابل مع الانزلاقات الشخصية لموظفيها الماسة بواجباتهم المهنية أو بالحقوق المكفولة للمواطنين”.
واستطرد المصدر الأمني حديثه بأن “تحوير النقاش العمومي اليوم حول حرية التعبير من مسألة قانون وتشريع إلى مسألة واقع تستهدف الشرطيين هي قضية غير مقبولة ومشوبة بالتجاوز”، متسائلا هل ثبت أن الأشخاص الذين أحالتهم الشرطة القضائية على النيابات العامة مؤخرا تم البحث معهم من أجل أفعال غير مجرمة قانونا، في خرق لمبدأ الشرعية القائل بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص؟ الجواب بالنفي، فالقانون المغربي يجرم في مجموعة القانون الجنائي كل العناصر المادية والمعنوية المكونة لجرائم القذف والإهانة والمساس بالمؤسسات الدستورية وإهانة العلم الوطني .. ويفرد لها عقوبات سالبة للحرية وأخرى إدانات نقدية، والأمن لم يقم سوى بتطبيق القانون الساري المفعول. وبمفهوم المخالفة، فإن إنكار تطبيق هذا القانون سيجعل الأمنيين محط مساءلة ومتابعة قانونية بأفعال مقررة في التشريعات ذات الصلة.
“فموظف (ة) الأمن يمكن مساءلته في حالة ثبوت خرق آجال الحراسة النظرية عند البحث مع الأشخاص المحالين على العدالة، أو إذا ثبت انتزاع أقوال تحت الضغط والإكراه، أو في حالة حجز أشخاص خارج الأماكن المقررة قانونا… وهي الأمور التي لم يدفع بها أي واحد ممن أحيلوا على العدالة في هذا النوع من القضايا الإجرامية، وهو ما يؤكد سلامة المساطرة المنجزة”، يؤكد المصدر الأمني، قبل أن يستطرد حديثه ” أما تحميل الأمن والأمنيين مسألة تغيير أو ملاءمة القوانين مع الصكوك والشرائع الدولية أو التوسع في تقييدات حرية التعبير فهي مسألة غير مقبولة، لأن مناط وجود الأمن هو خدمة المواطن وتطبيق القانون وليس التشريع وإصدار القوانين”.
وتعليقا على أقدام الشرطيين التي أوردها الأمين العام لجماعة العدل والإحسان محمد عبادي في إحدى تدويناته عندما قال “يُداس بالأقدام”، فقد أجاب المصدر الأمني” نحن غير معنيين إذا لم يقم البعض بتحيين تصوراته الانطباعية حول الأمن. فمفردة (الأقدام التي يتحدث عنه البعض هي تعبير مجازي ينصرف إلى الحذاء القديم أو (البروتكان) الذي كانت تستعمله قوات الأمن في تدخلاتها لفض التمجهرات بالشارع العام. وهذه الأحذية جاري القطع النهائي معها،لأن الشرطيين اليوم يرتدون أحذية يناهز ثمنها 900 درهم للحذاء الواحد بفضل نظام الحكامة الجيدة والشفافية في التدبير التي باشرتها المديرية العامة للأمن الوطني. أكثر من ذلك، فالتدخلات اليوم تعتمد على شاحنات ضخ المياه التي تغني الشرطي عن اللجوء لاستخدام القوة المشروعة، والتي يتم التحكم في صبيبها لتحقيق هدف مزدوج، وهو فض التجمهر من جهة دون إصابة المتجمهرين من جهة ثانية”.
وختم المصدر الأمني، “قدر نساء ورجال الشرطة هو تطبيق القوانين القائمة بتدابيرها الإلزامية، بما يقتضيه ذلك طبعا من أنسنة في التطبيق وحرص على سلامة المساطر. لكن محاولة تحميلهم تبعات نقاشات تشريعية ووسمهم بكلام جارح، فهي مسألة مرفوضة وغير مقبولة، مثلما لا يقبل أي مواطن مغربي آخر أو أي ناشط حقوقي أو فاعل سياسي أن تنتهك كرامته أو تمس سمعة عائلته أو يداس اعتباره الشخصي بالأفواه”.