البريد الالكتروني :avocat.maro.agh@gmail.com
ليس من شك أن قرار إعلان حالة الطوارئ الصحية وما تضمنه من حجر صحي في المنازل ووقف مجموعة من الأنشطة الاقتصادية، كان ضروريا لمواجهة موجة تفشي فيروس كورونا و التقليل من درجتها، ولكن في نفس الوقت ترتب عنه آثار اقتصادية واجتماعية سلبية كنتيجة مُبَاشِرة لانحسار الكسب المهني بسبب شلل العجلة الاقتصادية.
و بهدف التخفيف من هذه الآثار السلبية، قررت لجنة اليقظة الاقتصادية حُزمة من الإجراءات والتدابير، من بينها تأجيل سداد القروض البنكية لفائدة المقاولات المتوسطة والصغرى و الصغيرة جدا التي تواجه صعوبات، كما قررت لجنة اليقظة استفادة الأجراء المتوقفين عن العمل من تأجيل سداد القروض البنكية سواء المتعلقة بالسكن أو الاستهلاك.
و تبعا لهذه القرارات، أعلنت المجموعة المهنية لبنوك المغرب عن تفعيل إجراء تأجيل اقتطاعات قروض السكن والاستهلاك لشهور مارس وأبريل ويوينو 2020 ابتداء من 30 مارس، بناءً على طلب الزبون المتضرر.
لـــكــن الغموض بقي يـلـف التغييرات التي يمكن أن تطرأ على عقود القروض لا سيما فيما يخص الفوائد المترتبة عن التأجيل و التأمين باقي المصاريف المرتبطة بذلك والتي من شانها إثقال كاهل المقاولات في وضعية صعبة و زبناء القروض المتضررين أصلا من تخوقفهم عن العمل و تدهور وضعهم الاجتماعي من جراء تداعيات تفشي فيروس كورونا.
و بغض النظـر عن هذا الغموض، فإن المشرع تناول هذه الإشكالية المتعلقة بتأجيل التزامات المدين الذي أصبح في وضعية اجتماعية صعبة بشكل فُجائي، وذلك من خلال الفقرة 1 منالمادة 149 من القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهـلك التي تنص على ما يلي : ” بالرغم من أحكام الفقرة 2 من الفصل 243 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 ( 12 غشت 1913) بمثابة قانون الالتزامات و العقود، يمكن ولاسيما في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة أن يوقف تنفيذ التزامات المدين بأمر من رئيس المحكمة المختصة. ويمكن أن يقرر في الأمر على أن المبالغ المستحقة لا تترتب عليها فائدة طيلة مدة المهلة القضائية“.
و بطبيعة الحال، فإن الأجراء والمقاولات المتوقفين عن العمل يُعتبرون في وضعية اجتماعية غير متوقعة بسبب التفشي السريع لجائحة كورونا و ما خلفه ذلك من تداعيات سلبية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، لا سيما التوقف عن العمل وانحسار الدخل المهني كنتيجة مباشرة لذلك، كما هو الشأن على سبيل المثال بالنسبة لأجيـر يشتغل بشركة معينة بأجر شهري قدره 7000 درهم ويؤدي أقساط قرض بنكي للسكن قدرها 2200 درهم شهريا، بالإضافة لأقساط قرض بنكي للاستهلاك قدرها 800 درهم شهريا، علما أن الشركة التي يشتغل فيها هذا الأجيـر صرحت بالتوقف المؤقت عن العمل بسبب تفشي جائحة كورونا و بالتالي فإن الأجـيـر المذكور سيستفيد فقط من تعويض جزافي قدره 2000 درهم يتحمله الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالنسبة لشهور أبريل و ماي ويونيو 2020 تفعيلا للإجراءات المتخذة من طرف لجنة اليقظة الاقتصادية، بمعنى أنه والحالة هذه فإن الأجير المذكور أصبح “في حالة اجتماعية غير متوقعة” و لن يستطيع معها تـحمل أداء الأقساط الشهرية المُلزم بِها.
و هنا، منح المشرع لهذه الفئة إمكانية اللجوء إلى القضاء الاستعجالي من أجل طلب إيقاف الالتزامات المدينة بها ومن بينها أداء أقساط القروض، بل الأكثر من هذا فإن المشرع أعطى للقاضي الاستعجالي إمكانية الأمر بعدم ترتيب أية فوائد أو مصاريف إضافية عن تأجيل أداء أقساط هذه القروض.
وبذلك فإن الأبناك مدعوة للاقتداء بروح القانون وعدم ترتيب فوائد ومصاريف إضافية عن تأجيل أداء أقساط القروض بالنسبة لفئة الأجراء و المقاولات التي تعيش وضعية اجتماعية صعبة بسبب انحسار الدخل المهني وتوقف النشاط الاقتصادي، انسجاما مع التوجه التشريعي الذي سلكه المشرع بهذا الخصوص، وبغض النظر عن قرار لجنة اليقظة المتخذ بتاريخ 08/05/2020 والقاضي بتحميل الدولة والأبناك هذه المصاريف والفوائد المترتبة عن تأجيل قروض السكن والاستهلاك في حدود معينة.