تنطلق اليوم السبت أولى ورشات برنامج “حكايات شهرزاد” في نسخته الثانية، التي سيتم تنظيمها في كل من مراكش وتحناوت وبني ملال وأفورار، بإشراف من منتدى شهرزاد وأكاديمية التغيير، والذي سيمتد على مدى 3 أشهر تنتهي في فبراير المقبل.
وتأتي هذه النسخة التي تستهدف الفتيات على الخصوص، بعد النجاح الهام الذي حققته النسخة الأولى بين سنتي 2019 و 2020 في شمال المغرب، والتي أدت إلى تخريج العديد من الحكواتيات اللواتي هن من سيعملن على تأطير التلاميذ المستفيدين من ورشات النسخة الجديدة من برنامج حكايات شهرزاد الخاص بالمدارس بجهة طنجة تطوان.
ويقول هشام حذيفة، مدير برنامج حكايات شهرزاد “إن هذا البرنامج يستعمل الحكاية، باعتبارها موروثا ثقافيا مغربيا مثل الحلقة، من أجل تمرير العديد من القيم للشبات والفتيات المستفيدات من ورشات البرنامج، والتي تنقسم على 6 ورشات أو 6 حلقات”.
ويضيف حذيفة ” في كل ورشة من الورشات الست، يتم التركيز على موضوع من المواضيع ليكون هو صلب الحكاية لتمرير عدد من القيم، مثل أهمية المساواة بين الجنسين، وتميكن المرأة من حقوقها، وإزالة الصور النمطية عن المرأة المغربية في مناطق معينة، ودعم الحس النقدي لدى المستفيدات”.
كما أشار حذيفة في ذات التصريح، بأن أهداف البرنامج لا تقف عند هذا الحد، بل يضم أيضا الشق التكويني الذي يكون المبتغى منه هو تخريج فتيات قادرات على الاحتراف في فن رواية الحكاية، وبالتالي يمُكن أن يصبحن حكواتيات قادرات على الإبداع بأنفسهن وشق طريقهن في هذا المجال ليكون بمثابة مهنة يشتغلن بها مستقبلا في إطار التنشيط الثقافي والتأطير التربوي.
وأضاف حذيفة في هذ الصدد، بأن هذا الهدف ظهرت نتائجه مع تجربة البرنامج في الشمال، حيث استطاع أن يخرج عدد من الحكواتيات اللواتي يحترفن الآن فن رواية الحكاية، ومنهن من سيعملن بأنفسهن على تأطير وتكوين المستفيدات من البرامج الجديدة.
هذا وتجدر الإشارة، إلى أن برنامج حكايات شهرزاد نسخة الشمال، تم تنظيم ورشاتها بين 2018 و2020 بكل من المضيق والفنيدق وتطوان وبليونش وطنجة ومرتيل، بشراكة مع عدد من الجمعيات المحلية، وتمكن البرنامج من تكوين العشرات من الفتيات اللواتي احترفن فن الحكاية.
وبخصوص منطقة الجنوب، فإن عدد من الجمعيات المحلية تشارك في تنظيم ورشات هذه النسخة، وهي جمعية الأمان للمرأة والطفل بمراكش، وجمعية إفولكي بتحناوت، وجمعية عكاظ ببني ملال، وجمعية الانطلاقة للتنمية والبيئة والثقافة بأفورار.
ويستخدم البرنامج الحكاياتَ لإلهام وبناء الثقة لدى المستفيدات، في ورشات لتقديم مهارات مهمة من شأنها تمكين وبناء المرونة لدى الفتيات والشابات المشارِكات وخلق مساحة “آمنة” للمناقشات المفتوحة وتدريس موضوعات مثل حقوق المرأة والتفكير النقدي وفن الخطابة والإلقاء. كما يعتبر البرنامج مجالا لتعليم المشاركات كيفية سرد القصص الخاصة بهن ونشرها لإلهام جمهور أوسع.
كما سيتم استخدام الورشات المنظمة لإنشاء محتوى سيتم نشره عبر الإنترنت على حسابات البرنامج على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد أثمر المشروع نتائج واعدة على صعيد المجتمعات المحلية للمستفيدات، إذ بدأ التغيير يتلمس طريقه بروية في حياتهن، وشرعت بعض فصول “حكايات شهرزاد” تتمثل على شكل ممارسات وقيم تطبع شخصية الفتيات اللواتي كن يرزحن تحت ثقل المجتمع وهيمنة الذكور على المشهد العام.
وتكشف وردة الناجي، مستفيدة تنتمي لجمعية المستقبل للتنمية المحلية والثقافة والعمل الاجتماعي ببليونش، عن التغيير الذي صارت تعيشه يوميا منذ أن انضمت إلى مشروع “حكايات شهرزاد”.
بكثير من الوضوح والجرأة في الحديث، تقول هذه الفتاة القادمة من بليونش، بلدة معزولة جغرافيا لوجودها بين جبل موسى ومضيق جبل طارق، أن المشروع ساهم في “تثقيفنا وتعليمنا، أكسبنا الثقة في النفس والجرأة أثناء تبادل الآراء والدفاع عن المواقف”، مبرزة أن هذا التغيير يمكن تلخصيه في المساهمة في “بناء الشخصية”.
غير أن الهدف الأسمى لا يكمن فقط في تحقيق هذا التغيير الذاتي، بل أن تصبح الفتاة فاعلة في محيطها، وهو ما استوعبته وردة الناجي التي تقول بكثير من العزم أن البرنامج “مكننا من تعلم تقنيات الحكي وحبكة الحكاية وإفهامها للناس، لكن من خلالها يمكننا تمرير قيم المواطنة”.