محمد بنوي : باحت في مجال التربية و المجتمع
مدخل :
يحتفل المجتمع الدولي في خامس أكتوبر من كل سنة باليوم العالمي للمدرس, ففي مثل هذا اليوم من سنة 1994 قررت الأمم المتحدة ان تجعل من ذلك اليوم من كل عام مناسبة للاحتفاء بالمدرس وما يقوم به من أدوار في تربية وتعليم الأجيال الصاعدة وتوجيه المجتمع نحو التقدم ويعتبر هذا اليوم أيضا فرصة للمدرسين أنفسهم للتأمل في واقعهم وتقييم أعمالهم وإعادة النظر في رسالتهم من اجل تصحيح ما يمكن تصحيحه وتطوير ما يمكن تطويره من اجل الاستمرار في أداء المهام المنوطة بهم بشكل أفضل فما هي أدوار المدرس(ة) التربوية والتعليمية والاجتماعية ؟ هذا السؤال العريض والمركب هو ما سنحاول الإجابة عنه من خلال محاور هذا المقال المتواضع .
لكن قبل ذلك لاباس من التذكير ان مهنة التدريس_ كما اعتبرها _هي” أم المهن” فهي التي تصنع جميع المهن والوظائف الاخرى أو كما يقول الكاتب العربي الكبير نجيب محفوظ ( 1911_ 2006) ” يمتلك المعلم أعظم مهنة ،اذ تتخرج على يديه جميع المهن الاخرى ” وهذا ما يجعل الدول التي تعطي مكانة كبيرة للتعليم تهتم بتكوين مدرسين أكفاء وتمنحهم وسائل وامكانيات مهمة وتوفر لهم الشروط الملائمةللقيام بمهامهم في احسن الظروف.
1- المدرس(ة)،المعلم(ة)،الاستاذ(ة): مكلف بالتدريس والتعليم
لاشك أن الاعتقاد السائد هو ان الدور الرئيسي للمدرس عبر التاريخ هو تدريس وتعليم و تدريب الناشئة،قواعد القراءة والكتابة والحساب منذ التحاقهم بالمدرسة والتدرج في تعلم مختلف اللغات و شتى المعارف والعلوم عبر مراحل دراسية تمتد لسنوات حتى الانتقال من عالم الدراسة إلى معترك الحياة العملية والاجتماعية. ان دور المدرس الأساس كما هو متعارف عليه ،هو تزويد المتعلمين والطلبة بالمعارف و العلوم والمهارات الأساسية والكفايات الضرورية للدخول في عالم الشغل وفي الحياة العامة الاقتصادية والاجتماعية .ان مهمة المدرس اذن هي” صناعة” الأطر للدولة وللمجتمع.
2- المدرس(ة): المربي، الناشر للقيم الوطنية والانسانية
بعيدا عن ما يمكن اعتباره الدور التقليدي للمدرس كملقن وناشر للمعرفة،يرى المتخصصون في علوم التربية ان للمدرس(ة) ايضا وظائف تربوية واعتباره مدرسا ومعلما واستاذا لا يعفيه ذالك من ان يكون مربيا للاجيال على حب الوطن وعلى قيم المواطنة التي تجعل الأجيال المتعاقبة تنهل من المدرسة والثانوية والجامعة مبادئ وقواعد المواطنة الحقة للدفاع عن وطنها وخدمة بلدها وأيضا على القيم الإنسانية النبيلة التي تجعل من الفرد انسانا كونيا يشترك مع بني جنسه في قيم التعايش والتعاون والتضامن والتسامح .
3- المدرس(ة): القائد والمصلح الاجتماعي
يقول امير الشعراء احمد شوقي ( 1870 -1932) “قم للمعلم وفه التبجيلا…كاد المعلم ان يكون رسولا
أعلمت اأشرف او أجل من الذي يبني وينشئ انفسا وعقولا”.ان المدرس (ة) لايحمل رسالة تربوية وتعليمية ومعرفية فقط تجاه متعلميه وطلبته فقط بل له وعليه ايضا رسالة اجتماعية فهو المصلح والمصحح والموجه لسلوكات الأفراد في المجتمع ينشر القيم الايجابية ويحارب السلبية منها من شر وظلم وعنف واعتداء.يقوم بتوعيتهم بما عليهم من واجبات ومالهم من حقوق وعلى احترامهم لقوانين بلدهم والاحتكام اليها لحل مشاكلهم وفض نزاعاتهم وتربيتهم على السلوك المدني المتحضر
خلاصة :
رغم ما نعيشه في عالم اليوم من تحديات واكراهات في شتى المجالات فان رسالة المدرس وادواره مستمرة، فعليه تقع مسؤولية قيادة البشرية في مواجهة مختلف الازمات والمشكلات بما يتوفر عليه من مؤهلات وامكانيات فكرية ومعرفية وعلمية. لكن التساؤلات التي يمكن أن تطرحها او تطرح نفسها بقوة في نهاية هذا المقال البسيط هي : هل مدرساتنا ومدرسينا مؤهلين معرفيا وبيداغوجيا وديداكتيكيا كل حسب تخصصه للقيام والنجاح في هذه المهمة الوطنية والاجتماعية ؟ هل مراكز تكوين المدرسات والمدرسين تزودهم بما يكفي من التقنيات والمهارات والكفايات للعمل بها والاشتغال عليها مع متعلماتهم ومتعلميهم قصد تكوينهم وتاهيلهم؟ هل تعمل مؤسساتنا التعليمية على توفير شروط العمل الضرورية للمدرسات والمدرسين من اجل اداء مهامهم وادوارهم داخل الفصول الدراسية وفي الحياة المدرسية والاجتماعية ؟ هذه الأسئلة وغيرها نتركها للمدرسين أنفسهم للجواب عنها وهم ادرى بها اكثر من غيرهم لانهم الممارسين الفعليين للمهنة وهم أيضا أصحاب قضية.