” النيرية “… شاعرة بني ملال التي تفوقت بشجاعتها على الرجال

هيئة التحرير14 يناير 2021
” النيرية “… شاعرة بني ملال التي تفوقت بشجاعتها على الرجال

عبد الغني جزولي – تاكسي نيوز(الصورة تعبيرية من الارشيف)

 

لا يمكن الحديث عن فن العيطة بالمغرب دون استحضار ذكرى الشاعرة والمقاومة الملالية ، ” امباركة بنت حمو البهيشية ” ، التي عرفت باسم ” النيرية ” ، صاحبة قصيدة ” الشجعان “” ، كانت صوتا للمقاومة في منطقة بني ملال إبان فترة الاستعمار الفرنسي في بداية القرن الماضي ، فارسة وشاعرة ومقاومة لايشق لها غبار ، تركت بصمتها في تاريخ منطقة تادلة والأطلس المتوسط ، و تفوقت بشجاعتها ورباطة جأشها على الرجال ، فحق فيها قول الكاتب و الروائي الفلسطيني غسان كنفاني : ” للفن و الأدب قوة توازي السلاح في محاربة العدو ” ، فما هي قصة امباركة بنت حمو الهبيشية ؟

أشار بعض المؤرخين في كتاباتهم حول قصة ” النيرية ” ، أنها مقاومة شجاعة تنحدر من قبيلة بني معدان ، ناضلت من أجل تحرير وطنها ، واتصفت بصفات قلما نجدها حتى عند الرجال ، عرف عنها خروجها مع المقاومين ، وحرصها الشديد على شحد هممهم ، وحتهم على خوض المعارك وعدم الفرار منها ، فكانت تحمل معها الحناء لتلطخ بها وجه من يحاول الفرار من أرض المعركة ، ليعلم جميع من في القبيلة بجبنه وتخادله عن خوض القتال ، كانت النيرية تحظى بمكانة تليق بالمرأة المغربية الثائرة والمناهضة لتكالب المستعمر على البلاد والعباد ، لعبت قصائدها دورا كبيرا في التأريخ لأحداث حركة الجهاد والمقاومة ضد الفرنسيين على امتداد منطقة زعير حتى سهل تادلة ، لم يذكر المؤرخون تاريخ ولادتها، ولا تاريخ وفاتها ، أو ظروف عيشها .

تبقى قصيدة ” الشجعان ” من أشهر ما نظمت ” النيرية ” ، وجل كلماتها تحكي عن أحداث شهدتها مناطق الرحامنة وبني ملال والسراغنة وتادلة ، كانت أبياتها تنتشر بين القبائل ويرددها الكبير والصغير ، ما أعطى للمقاومين دفعة معنوية كبيرة حرضتهم على القتال والثبات على أرض المعارك ، فتارة تستنهض هممهم كقولها مثلا :

تحزموا وكونوا رجالة
ياودي كونوا عوالين
مشات برا لفم الجمعة
لا خزانة لا عود بقا
وفين عزك آلقصيبة

وتارة تعاتب من يصفها بأنها مجرد امرأة ، ليس لديها ما تخسره ، عكس الرجال ، فتجيبهم بأنها فتاة عذراء في أوج شبابها ، وهذا لم يثنيها عن الخروج للقتال جنبا لجنب مع المقاومين ، فكان جمالها وعذريتها حجة ضد من يتقاعس عن المشاركة في المعارك ضد العدو ، لا حجة ضدها هي ، لو أن كلامها صدر عن عجوز طاعنة في السن ، لا قيل بأنها زهدت في الدنيا ، وتساوى عندها الموت بالحياة ، وهكذا لن يكون لنضالها أي معنى :

كالتها ذيك النيرية
ياك عزبة ودريرية
محزمة بالسيف والتحتية
واش علام الخيل يفوت؟
واش عشاق الزين يموت ؟
وإلا اخيابت دابا تزيان
ودابا مول الحق يبان
اللي بغى اللامة يتعامى
يصبر للومة وكلام الناس
كلام الناس خيط بلا ساس

لقد جعلت” قصيدة الشجعان ” من امباركة بنت حمو الهبيشية ، رمزا للنضال والمقاومة ، فاستحقت بذلك لقب الشاعرة والفارسة ، حظيت باحترام كبير بين قبائل تادلة و بني ملال ، لما عرفت به عندهم ، من شجاعة وإقدام في الدفاع عن أرضها وشرفها ، وقد لعبت دورا هاما في حفظ جزء مهم من ذاكرة المقاومة في المنطقة ، من خلال أشعارها التي تغنى بها كبار شيوخ العيطة في المغرب .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة