عبد الكريم جلال
شهدت قاعة المحاضرات برحاب كلية الاداب والعلوم الإنسانية، جامعة السلطان مولاي سليمان يوم السبت 6 فبراير 2021 مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الجهوي للباحث عثمان زوهري، في موضوع :
“المجال والحياة اليومية بقبيلة أيت حمامة (أيت سخمان الشرق) ما بين 1922 و1956”.
وقد تشكلت اللجنة العلمية من الأساتذة الفضلاء:
– الدكتورة سعاد بلحسين: رئيسة
– الدكتور محمد العاملي: مشرفا ومقررا
– الدكتور سمير بوزويتة: عضوا
– الدكتور محمد حواش: عضوا
وتدخل هذه الأطروحة التي أتت كثمرة من ثمار مركز الدراسات في الدكتوراه تكوين التاريخ والتراث الجهوي، الذي دأب الساهرين عليه منذ سنة 2005 و2006م على الإهتمام بالتاريخ والموروث الثقافي الجهوي، ونفض الغبار عليه واستنطاقه والتعريف به ونشره، خاصة وأن هذه الجهة، تعتبر قلب المغرب النابض، نظرا لأهميتها المتميزة بالنسبة للدول المتعاقبة على حكم المغرب، فحسب المؤرخين من سيطر على تادلا سيطر على المغرب بأكمله، نظرا إلى أهمية موقعها الاستراتيجي وكذا غنى مجالها، وتوفرها على مؤهلات طبيعية وبشرية قل نظيرها في باقي مناطق البلاد، و يذهب البعض إلى القول بأنه يمكن قراءة تاريخ المغرب من خلال تاريخ جهة تادلا.
وفي هذا السياق جاءت أطروحة الباحث عثمان زوهري والتي تتمحور حول منطقة من مناطق هذه الجهة، وهي قبيلة أيت حمامة، إحدى قبائل اتحادية أيت سخمان، خلال فترة تاريخية، لم تتحدث عنها المصادر الكولونيالية والتي كانت ترغب في طمس الهوية المحلية وخلخلة البنيات الاقتصادية والثقافية، وهي فترة ما بين 1912 و1956 أي فترة الإحتلال الفرنسي للمغرب عامة، فجاء هذه المولود الجديد للتعريف بالأدوار التي لعبتها منطقة أيت سخمان عامة، وأيت حمامة خاصة، في هذه الفترة بغية نفض الغبار عن تاريخها المسكوت عنه من جانبين أثنين: احتلال سياسي وإقتصادي وغزو ثقافي وفكري … من خلال تطرق الباحث في تقريره الذي ألقاه أمام لجنة المناقشة، والذي تضمن مختلف المستجدات والتحولات والتأثيرات التي أحدثها المستعمر على المنطقة، ومدى استجابة ساكنتها لنمط الحياة العصرية، ومدى رفضها ومقاومتها لهذا العنصر الدخيل، الذي حاول تقطيع أوصاله وزحزحة مقوماته والنيل من بنياته التقليدية، محاولا بكل جرأة البوح عن ما تركه المستعمر من آثار على المجال وساكنته، سواء كانت إيجابية أو سلبية، كتلك التي أحدثت خلخلة وتصدع في الهياكل والمؤسسات التقليدية، وفي أنماط العيش، والروابط، والصراع، والقوة في بعدها المادي والرمزي، والمواقف والإتجاهات، والعلاقات الإجتماعية داخل الأسرة وخارجها، خاصة تلك التي أثرت على البنية النفسية والسلوك الثقافي والأعراف والتنظيمات وأنماط العيش، ومختلف التفاعلات وغيرها، وأضاف الباحث “فلا المجال كان معزولا أو متعاليا عن تاريخ المغرب، والأحداث الوطنية، ولا الزمن كان مجرد حيز من الزمان الفزيائي المتدفق”، بل كان سجلا لمنعطف وازن في تاريخ قبيلة أيت حمامة، وعبرها تاريخ الجبل بأكمله، بحيث لا يمكن إعادة بناء بعض تفاصيل حياة القبيلة، وأحداثها وخصوصياتها، وتوافقاتها وصراعاتها، وقراءة التحولات وقياس بعض آثارها، دون معرفة الحياة اليومية للناس.
وعلى هذا الأساس تم الخروج بمجموعة من الاستنتاجات والمقترحات التي من شأنها إغناء البحث الجهوي وتشجيع الباحثين على خوض غمار البحث في مثل هاته المواضيع.
وتجدُر الإشارة إلى أن لجنة المناقشة أشادت بالأطروحة وبموضوعها الذي اعتبرته موضوعا ذو أهمية ، لان صاحبه اقتحم مثل هاته المواضيع وفضل ركوب الصعب. وهو بحث سوف يغني الخزانة الجهوية ويفيد الباحثين والمهتمين بالتاريخ والانتربولوجيا والفلسفة والاتنوغرافية … بعد أن أبدوا مجموعة من الملاحظات والإضافات والتقويمات التي ينبغي على الطالب أخذها بعين الاعتبار. بعد ذلك اختلى أعضاء اللجنة للمداولة، وقررت اللجنة منح الطالب الباحث عثمان زهري شهادة الدكتوراه في التاريخ بميزة مشرف جدا مع التوصية بالطبع.