افتتح، مساء الخميس برواق “Mine D’art” بالدار البيضاء، معرض جديد للفنان الفوتوغرافي جمال الشرقاوي المرسلي تحت عنوان “دعوة”، يستلهم فيه سحر مسقط رأسه، مدينة أبي الجعد.
والمعرض، الذي سيتواصل إلى غاية 25 فبراير الجاري، هو بمثابة دعوة للحلم والتأمل واكتشاف هذه المدينة بعبقها الأصيل، وبكل ما تزخر به من مؤهلات بشرية وتاريخية وتراثية.
وفي تصريح أدلى به لوكالة المغرب العربي للأنباء، أبرز المرسلي أنه ينشد من خلال معرضه الجديد التعريف بالمدينة التي راى فيها النور على الصعيدين الوطني والدولي، قائلا إنها “مسقط رأسي، ومن واجبي أن أرفع راية مدينتي عاليا، المدينة الغنية بتاريخها”.
وسيكون زوار المعرض على موعد مع مدينة أبي الجعد، بكل السحر الكامن في دروبها وزواياها وأناسها، في لوحة تختزل الإرث الذي راكمته هذه المدينة عبر قرون من وجودها.
فهذا الفنان لا يتوانى أبدا عن التعبير عن اعتزازه بالمدينة التي ولد فيها، مدينة “بوعبيد الشرقي”، واعدا كل من يأتي لزيارتها بمعانقة المتعة، وعيش تجربة فريدة، وهو يستكشف فضاءاتها.
ويرى الفنان التشكيلي عبد الرحمن اوردان أن “جمال الشرقاوي المرسلي يجسد حقيقة الاسم الذي يحمله، فهو ما يفتأ يبوح بعشقه الكبير لبلدته الأصل، المكمن الأسطوري للشرفاء الشرقاويين”.
“حريصا على أن لا يثير انتباه أحد، يسرع فناننا من نقراته، دون توقف، ليلتقط أكبر عدد من الصور لبلدته الأصلية، صور تكشف عن مدينة لم تكتشفها السياحة بعد” يضيف اوردان، مشيرا إلى أن “الصورة واللعب بالأضواء هي الأدوات المفضلة لدى المرسلي لكتابة تاريخ الشرقاويين، كما أنه يغذي كتابته بمخيال جذاب، ينهل من جذوره العميقة”.
باب مثقلة بالتاريخ، أياد مجعدة بفعل العمل الشاق، دراجة متخلى عنها، أو قفطان معلق على جدار، مواضيع التقطتها بنباهة عدسة هذا المصور الفنان، الذي لا يتوقف عن التقاط صور تكون خير شاهد عن معيش غني ومفعم بالحياة.
بالنسبة لاوردان” فالمعرض يقحمنا في أسرار أهله من ساكنة المدينة، الذين صنعوا أبي الجعد ومنحوا وجودها معنى وروحا. فآلة التصوير الخاصة به تسائل باستمرار غليان الشباب، واندهاش الشيوخ، وبراءة الأطفال، وآلاف الأسرار التي تنسج حكايا واساطير المنطقة”.
ومن جهته، اعتبر الأنثروبولوجي نور الدين الهاشَـمي الودغيري أنه “مع أعمال هذا الفنان الفوتوغرافي، نحقق كشفين اثنين. فنحن نكتشف أولا سحر أبي الجعد، مدينة الصالحين، التي تدعو إلى العودة إلى النبع الصافي بأضرحتها وزواياها وطرقاتها التي تبدو وكأنما تقود الزوار نحو الأماكن التي يعثرون فيها على ذواتهم التي كانوا يبحثون عنها، ونكتشف ثانيا صورا مريحة للقلب والروح لكونها تمتع من البساطة”.
فيما أشار الأستاذ بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال عبد الكبير الحسني، في قراءة له لأعمال جمال الشرقاوي المرسلي، إلى أنه بالوقوف على هذه الأعمال “فإننا نقف عند تخوم مظلمة من زوايا أبي الجعد ، وهي الزوايا التي التقطت بعناية فائقة، وبلمسة مبدع اختزن في طياتها وقائع تاريخية لماض يستحق أن ينبعث من رماده كالعنقاء، لنجدد الصلة به ونجعله بيننا يحيا”.
واعتبر أن تجربة المرسلي هي “تجربة نلامس من خلالها عناية بالمشهد، ودقة في التصوير، ورغبة كبيرة في دفع المتلقي لشد الرحال، مستكشفا عوالمها التي تتوارى خلف العتمة التي لا يمكن أن تنقشع إلا إذا اكتملت معالم الصورة في كليتها”.
ليخلص إلى أن جمال الشرقاوي المرسلي “مبدع يتنفس أبي الجعد عشقا لدروبها وأمكنتها، متناغما مع تقاليدها وعاداتها، وهو النفس الممتد فينا لدرجة، ونحن نتأمل في الصور، نجدها تدعونا إليها تأثيرا وإقناعا، وتحفزنا على الإيمان بفكرة أن خلف العوالم المظلمة لأبي الجعد ما يستحق أن تشد إليه الرحال”.
و م ع