تاكسي نيوز
للأسف الشديد يتعرض مجموعة من الشباب العاشق للفن لحملات استهداف ممنهجة من جميع الجهات ، هؤلاء الشباب لم يطالبوا الدولة بتوظيفهم ، بل أبدعوا عبر قنوات اليوتوب أو الفيسبوك بعيدا عن “التفاهة” ، وتمكنوا من تقديم فن ساخر أو درامي بحُلة شبابية مُمتعة جذبت إليها العديد من المتتبعين والمُعجبين ، جعلت الكثير من المغاربة يفضل متابعة بعض السلسلات الفُكاهية على الانترنيت ، بدل بعض البرامج الرديئة التي تُقدمها قنوات الاعلام العمومي ، دون ان نبخس بعض الأعمال الفنية التي نالت إعجاب المشاهدين.
وتعرضت قنوات اليوتوب لبعض هؤلاء الشباب لحملة تبليغات ، بل هناك من هُدّدوا برفع دعاوى قضائية ضدهم ، لكونهم جسدوا مهن رأى ممارسوها أن تجسيدها خط أحمر .
فرغم “حموضة” بعض الأعمال الدرامية أو الفكاهية بالاعلام العمومي ، إلا انها لم تسلم هي الأخرى من الشكايات والتظلمات المنتقدة لأداء أدوار بعض المهن…
فأنا شخصيا تابعت مؤخرا سلسلة مغربية بعنوان “الصفحة الأولى” تطرقت إلى عمل الصحافي بالمكتب وبالميدان ، وعلاقته بمديره وبزملائه وبالمواطنين ، فرغم أنني لاحظت بعض التجاوزات وصلت إلى حد التطاول على مهنة الصحافة وتبخيسها وتجسيد مهنييها ومنتسبيها بصور بعيدة عن الحقيقة والواقع ، إلا أنني استمتعت كثيرا بمتابعتها وأعجبتني لحد أنني حرصت على مشاهدة جميع حلقاتها… نعم تابعتها ليس لأنني ليست لي غيرة على مهنة الصحافة ، ولكن لأنني أؤمن بحرية التعبير ، وحرية الفن ، وحرية الفنان التي هي أساس الإبداع ، مادام ان هذه الحرية لم تضرب في الدين ولم تنشر ما من شأنه التحريض على العنف ضد الأطفال والنساء ، وغيرها من الأمور التي تفتح الباب أمام “الهاكا” للتدخل وتوقيف العمل الفني…
وكما رأيت سلسلة الصحافي ، رأيت سلسلة لفركوس يجسد دور العسكري والمخزني والفاكتور ، موظف المحافظة ، وسائق سيارة الاسعاف… وكذا مسلسل المفتش حمادي ،والفنان عاجل في دور القاضي ، ومسلسلات على مول الحانوت ، ونادل المقهى ، والتاجر ووالطبيب والممرض وووو… فإذا كل مهنة قام أصحابها بتقديم شكايات فهذا سيكون بمثابة حكم على الفن بالمغرب بالإعدام وإغلاق التلفزات ، ولن نحلم ابدا ان نصل ولو الى ربع ما وصلت اليه هوليود عبر ابداعها وحريتها المطلقة التي ليس لها حدود في تجسيد جميع الشخصيات بمختلف مراتبها ومكانتها بأمريكا….