تاكسي نيوز
انتهت حلقات مسلسل “بنات العساس” الذي عرف نجاحا كبيرا ونال إعجاب شريحة واسعة من الشعب المغربي ، ورغم هذا الأداء الجيد والرائع للممثلين والمخرج إدريس الروخ ، إلا ان هذه السلسلة يشوبها بعض الخلل ، وفتحت المجال امام المشاهد لطرح احتمال تقديم الجزء الثاني للسلسلة ، أو ان نهايتها لم تكن مُوفقة بعدما لم يحدد المخرج مصير بعض شخصياتها.
وفي هذا الصدد قدم الفنان الحسين بوحسين نقدا منطقيا لهذه السلسلة باعتباره عليما بالمجال الفني والمسرحي ، ووقف على ايجابياتها وسلبياتها ، مبرزا بعض الهفوات التي سقط فيها إدريس الروخ ، كما أبرز بعض الخلل التقني وأخطاء على مستوى سلوك الشخصيات في الأماكن العامة والخاصة ، وردود فعلها الطبيعية التي لا تتناسب مع قوة المشهد احيانا .
وفيما نص تدوينة الحسين بوحسين التي نشرها على حسابها الفيسبوكي :
” ككل سنة تتكاثف الأعمال الدرامية والكوميدية المغربية خلال شهر رمضان.. وكأن رمضان هو الشهر الوحيد في السنة الذي يولي فيه المشاهدين اهتمامهم بالأعمال الدرامية المغربية وهذا إشكال يجب تجاوزه من طرف المختصين”
ويضيف بوحسين قائلا :”وكمشاهد ومتابع حاولت التركيز واختيار عمل من الأعمال المغربية ومتابعته من القلب، فتابعت مسلسل “بنات العساس” وهو العمل الذي أشاد وأعجب به المتابعون وأعجبت به أيضا من زوايا محددة، وكان سيكون أفضل بكثير لو تم الوقوف على بعض الهفوات قد تكون لدوافع إنتاجية أو تقيد بالإمكانيات المتوفرة أو تكون تقصير من طرف المشرفين على العمل”. مضيفا، “إيجابيات العمل الدرامي تتجلى في بساطة الموضوع ونبعها من حياتنا الاجتماعية- كاستينغ يجمع بين جيل مجرب وجيل جديد من الممثلين، كما أن الأداء كان متقاربا بين الممثلين، إذ اشتغل معظمهم على السهل الممتنع، إلا أنه كان سلاحا ذو حدين إذ لم يتوفق بعض الممثلين في فترات من التحول الدرامي للأحداث فلايمكن أن تكون ردود أفعال الشخصية هادئة دائما في فرحها وفي نكباتها وصدماتها وأزماتها، كل حدث له مقياس من ردود الأفعال، حتى وإن كانت الشخصية تتظاهر اجتماعيا وتتعامل بشكل محدد أمام الناس( في العالم الخارجي)، إلا أنها يجب أن تظهر على طبيعتها وفطرتها في فضاءاتها الداخلية كالمنزل مثلا..
ونفس الملاحظات بالنسبة لبعض الشخصيات والوجوه الجديدة والتي تشتغل جاهدة لتساير ايقاع الأحداث آلا أنها استاكنت دائما إلى ذلك الهدوء الذي أصبح قاعدة لدى معظم الممثلين ..
من بين الشخصيات التي أخصها بهذه الملاحظة: الدكتور عادل- الدكتورة ندى..الخادمة..
د.عادل-التحولات: فشل الخطبة- مرض الأم وتقلباتها النفسية-مرض الأخ الأصغر..- وفاة الأم…
د. ندى: بوح (السيدة غيثة/سعاد خيي) لحظة احتضارها ببراءة (العساس)والد الدكتورة..وأن دخول والدها السجن كان ظلما وعدوانا..
الخادمة: وإن كانت موفقة في معظم لحظاتها باعتمادها السهل الممتنع إلا أنها في لحظة من لحظات تطور أحداث المسلسل لم تحافظ على سير الشخصية وكان انقلابها ليس في محله، على الأقل ليس في تلك اللحظة التي ” كانت الأمور تمشي على مايرام فانقلبت في تعاملها مع السيدة غيثة داخل المطبخ، تتابع هاتفها ولاتبالي لكلامها وتخبرها أن تحضر قهوتها أو عصيرها بيدها” هذا الانقلاب في تصرافتها لم يكن مبررا دراميا، ولم يكن أي تصرف مشين من طرف السيدة غيثة.. يبرر ذلك.. حتى قصة حبها وارتباطها بالابن لم تظهر بعد.. حتى نقول أن الخادمة تمكنت من قلب الابن وبالتالي تفعل ماتشاء… كما ظهرت شخصيتها في مرحلة من المراحل ترتبط بخيط المؤامرة مع خطيبها و (منى ) وانقطع هذا الخيط بشكل مفاجئ.. وهنا يمكن أن نطرح سؤالا.. ما المانع الذي دفعها أن لا تعترف لزوجها المهدي بخطط خطيبها السابق ومنى.. إن كانت الخادمة فعلا تحب المهدي وتراجعت عن مخططاتها.. ؟؟ ليس كافيا مبرر شراء صمتها بالتهديد من طرف خطيبها السابق.. كما أن هاته الشخصية لم يحدد المسار الدرامي لشخصيتها .. بقيت معلقة بين الخير والشر دون اختيار مسار محدد، ولم يتم القطع مع الماضي بايجاد حلول على مستوى السيناريو..
على مستوى علاقة الشخصيات بالفضاءات: معظم الشخصيات حتى في فضاءاتها الحميمية لم يظهر ذلك الائتلاف باستثناء ابنة عيشة. ومايزيد من هذا النقص اختيار الملابس مثال ادريس الصايري..لم نراه خلال الحلقات الثلاثون يرتدي لباسا منزليا بمنزله دائما بملابس أنيقة/بدلة وربطة عنق أو بدونها.. إلا في لحظة من اللحظات بمنزل منى ارتدى لباسا منزليا.. وكذلك بالنسبة للدكتور عادل ولو بحدة قليلة..)
علاقة الشخصيات بوظيفتها: بغض النظر عن كون ادريس الصايري رجل أعمال إلا أنه سبق ذكر منصب آخر له على لسان بواب فيلته لحظة طرده لشخصية العساس من الباب قائلا ” واش ماعرفتيش دار من هادي..راك فدار المخزن..هادي رآه دار الصايري رئيس الجماعة..” وطيلة المسلسل لا يظهر في أي مكتب إداري اللهم في بعض اللحظات المعدودة في مكتبه بمقر سكناه..
كذلك مهنة الطبخ لشخصية (الطيب) لحظة اشتغاله كطباخ بمنزل الصايري لم يتم إظهار وجبة واحدة تنم عن حرفيته كطباخ مختص.. أكثر ماتم التركيز على تطور علاقته بالخادمة /زوجته المستقبلية (عائشة) وحديثهم عن تميزها في تحضير البطبوط..
على مستوى الفئات العمرية للشخصيات: بغض النظر عن الخلل الذي وقع في أداء الممثلات لشخصياتهن في مرحلة عمرية لا تناسب سنهن الحقيقي.. وتفادي إظهار شخصية عادل لحظة طفولته في لقطات مباشرة واختيار لقطات بعيدة في لقاءاته مع ابنة العساس /حنان.. واعتماد السرد فقط على علاقتهما البريئة رغم أهميتها في سير الأحداث حتى أن د.عادل لم ينسى هاته اللحظات من طفولته وتم ذكرها عند كبره أمام حبيبته الجديدة د. ندى
على مستوى السيناريو: هناك اختزال للأحداث والاعتماد فقط على الحكي والإخبار على لسان الشخصيات وتوجيه الأحداث حسب رغبة وامكانيات السيناريست أكثر من ضرورة تطور الشخصيات في حد ذاتها.. وكان من الممكن أن يكون السيناريو في مستوى أفضل لو جانب المتوقع لدى المشاهدين، وتم تمويه المتلقي بمعطيات موازية تضع المشاهد في احتمالات عدة لتأتي النتيجة مخالفة تماما للمتوقع.. فالكل كان يتوقع مسبقا أن “الحراك” هو أب ابنة حنان/ والكل يتوقع أن منى ابنة صديق العساس
والكل كان يتوقع الصدمات والأزمات المتوقعة داخل المسلسل كفشل الخطبة د.عادل ود. ندى… كتورط ادريس الصايري ودخوله السجن…
لكن دخول ادريس الصايري للسجن كان من المنتظر أن يكون بصعوبة، فلا يعقل رجل أعمال وشارب في الدهاء والذكاء والتحايل أن يلتقط طعم الإطاحة به بسهولة… وهو اختيار السيناريست إما تفاديا لجهد البحث في الكتابة أو راجع لعائق عدد الحلقات المطلوبة والإمكانيات المادية.. إذ كان من الممكن على سبيل المثال في لحظة زلة لسان شخصية منى ونطقها أمام ادريس الصايري بالاسم الحقيقي للعساس مما ينم عن معرفتها بأحداث القتل والجريمة.. فاستدركت الأمر مبررتا أنه نطق للتو بالاسم دون أن يدري.. كان من الممكن أن تتجه الأحداث في انكشاف أمرها ويتظاهر بكونه صدق تبريرها وتتجه الأحداث في محاولة خروجه من مكيدتها دون أن تعلم.. لا يعقل أن تنطلي المكائد على عائلة الصايري بكاملها مثلا تهديد (عايدة الصايري) بالصور والفيديوها الإباحية مع العلم أنها شخصية عاشت بالخارج ومتفتحة، أول ماستفكر به هو اللجوء للشرطة الإلكترونية..
كما أن شخصية الصايري ادريس تم تغييبها في الحلقات الأخيرة دون أي مبرر تفاديا للدخول في مشاهد الشرطة والمحاكمة.. الذي يتطلب بحث ومجهود إضافي على مستوى الكتابة.. مع العلم أن الجانب القانوني هو الجانب المطلوب التعمق فيه لإفادة المشاهدين في قضايا النصب والعقار…
على مستوى نهاية الأحداث :تظاهر شريك منى في النصب بخروجه من منزلها وانتظاره خروجها ليعود للمنزل للبحث في اغراضها وهو ما قد تم القيام به، وعليه لا يعقل أن لا يكتشف الحقيبة المالية تحت السرير وهي سهلة للكشف عنها، وهو الذي يتناقض مع انتظار هذا الأخير لمنى لعودتها وتهديدها للكشف عن حقيبتها في اللحظة التي كان قد هاتف (عايدة الصايري) وأرغمها تحت التهديد والابتزاز للحظور إلى إقامة منى على الساعة السادسة مساء وهي لحظة سرقته للحقيبة المالية لمنى.. وبالتالي المكالمة الهاتفية مع عايدة كانت مجانية ليس لديها أي إضافة في الأحداث، اللهم لقائها بمنى وتعرفها على والدها (صديق العساس).. كما أن إرغام منى على منحه الحقيبة من الممكن العمل على خزينة برقم سري وارغامها على فتح الخزينة على الأقل ..
على مستوى الكومبارس: يظهر دائما نقص خاصة بالمستشفى(كلينيك) ليس هناك زوار ولا عابرين للأروقة والممرات، إلا ناذرا ويكون العابر طبيب أو ممرض وليس زائرا أو مريضا..
وأخيرا لا يمكننا إلا أن نشيد بأداء الممثلين جميعهم ونشيد كذلك ببعض الوجوه الجديدة خاصة الشباب منها كالشابتين ابنة عائشة وابنة حنان هاته الأخيرة التي تتمتع بتلقائية جميلة تساعدها على الأداء بشكل سليم بالإضافة إلى شخصية مساعد حنان/ جواد الذي أضفى الجانب الكوميدي طيلة حلقات المسلسل بغض النظر على تقييد شخصيته فقط داخل الفضاء الواحد دون الانفتاح والغوص في شخصيته وظروفه وحياته..
هذه معظم الملاحظات وبغض النظر عنها يبقى المسلسل جيدا بدل فيه مجهودا كبيرا على جميع المستويات سواء على مستوى التمثيل أو على المستوى التقني.. فتحية لهم جميعا وبالتوفيق فيما هو قادم..