عن رئاسة النيابة العامة
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
– السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
-السيد وزير العدل؛
-السيد وسيط المملكة؛
-السيد الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
-السيد الكاتب العام لوزارة العدل؛
-السيدات والسادة رؤساء الأقطاب والأطر بكل من المجلس الأعلى، القضائية ورئاسة النيابة العامة؛
-السادة الرؤساء الأولون لمحاكم الاستئناف؛
-السيدات والسادة الوكلاء العامون للملك لدى محاكم الاستئناف؛
-حضرات السيدات والسادة كل باسمه وصفته.
بكثير من الفخر والاعتزاز أتشرف اليوم بافتتاح أشغال هذا اللقاء التواصلي مع السادة المسؤولين القضائيين بمختلف محاكم المملكة، وأود بهذه المناسبة أن أشكر السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على مبادرته واستعداده الدائم لعقد مثل هذه اللقاءات والتفاعل معها والتي تهدف إلى تحقيق التواصل بين مكونات السلطة القضائية. فضلا عن تقديم الداعم الكامل لرئاسة النيابة العامة في كل الخطوات التي تؤطر لقيامها بمهامها على الوجه المطلوب، ليتأتى لها تحقيق الاستراتيجية التي وضعتها لتعزيز وتطوير وتجويد الأداء القضائي على مستوى النيابة العامة لدى مختلف المحاكم.
وهي مناسبة سنسعى بمعية ودعم السيد الرئيس المنتدب أن تصبح اجتماعا دوريا يتم عقده بانتظام كلما سمحت الظروف بذلك رغم كثرة الأعباء وتسلسل الأشغال.
والشكر موصول أيضا للسيد وزير العدل المحترم محمد بنعبد القادر الذي ما فتئ يدعم ويواكب عمل مكونات السلطة القضائية ويسهر على حسن التنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ومصالحه لتحقيق عدالة في مستوى انتظارات جلالة الملك نصره الله وأعزه وكافة مرتفقي العدالة.
حضرات السيدات والسادة
لا يخفى عليكم أهمية الدور المنوط بالمسؤول القضائي في تنزيل برامج إصلاح منظومة العدالة، فالمسؤول القضائي اليوم مطالب بأن يستشرف المشاكل والإشكالات، ويستبقها بحلول ناجعة تحقق انسجام وتكامل أداء مكونات المحكمة مع تحديث آليات ومساطر التصريف اليومي لحاجيات المواطنين من العدالة، وهي مسؤولية جسيمة لا يمكن تحملها بنجاح إلا من خلال التمسك بروح القانون والعدل وامتلاك مهارات الاستماع وسعة الصدر، مطوقين في ذلك بتوجيهات جلالة الملك كما وردت في ظهير تعييني في منصب الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض وبهذه الصفة رئيساً للنيابة العامة، وذلك بالدفاع عن الحق العام والذوذ عنه، وحماية النظام العام والعمل على صيانته، متمسكين بضوابط سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف لاستكمال بناء دولة الحق والقانون القائمة على صيانة حقوق وحريات المواطنين والمواطنات أفراداً وجماعات، في إطار التلازم بين الحقوق والواجبات.
إن المسؤول القضائي، لم يعد هو ذلك المسؤول الذي يقبع في مكتبه ويقفل عليه الأبواب، بل إن المسؤول القضائي أصبح مطالبا بالانفتاح على محيطه الداخلي والخارجي، والانصات وحل المشاكل، والاجتهاد في إيجاد الحلول المبتكرة وإنتاج الأفكار الخلاقة، وهو ما نتطلع إلى تحقيقه جميعا في إطار الشعار الذي رفعناه ” نيابة عامة مواطنة”.
إن المسؤول القضائي مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى للانخراط بكل فعالية وجدية من أجل الرفع من جودة العدالة إلى جانب باقي المتدخلين بغية تحقيق النجاعة القضائية، التي يتطلب تحقيقها من المسؤول القضائي وضع لوحة قيادة تمكنه من رصد مكامن الخلل وتحديد مكامن الضعف والقوة، وضبط الموارد التي يتوفر عليها سواء كانت مادية أو بشرية أو على تدبير أفضل للملفات القضائية، حيث يمكن للمسؤول القضائي من خلال هذه الآلية وضع آجال تقريبية للبت في القضايا بشكل يراعي خصوصية المنطقة الجغرافية وحجم الإمكانات المتوفرة، وهذا ما سيسمح له كلما رن جهاز الإنذار في تلك اللوحة عن وجود مشكل للتدخل وإرساء الحلول المناسبة.
إن نجاح المسؤول القضائي في مهامه أصبح رهينا كذلك بتملكه لمفاتيح الإدارة القضائية وحسن إدارته للموارد البشرية واللوجستيكية التي يتوفر عليها وذلك في إطار نوع من التعاقد المبني على تحقيق الأهداف والرفع من نجاعة الأداء.
ووعيا بأهمية دور المسؤول القضائي في التأطير، فإنه ينبغي تفعيل هذا الدور من أجل تأطير العاملين تحت إشرافكم وتحسيسهم بالدور المنوط بهم، مع العمل على الاطلاع بواجبكم في تخليق المرفق الذي تشرفون عليه، وهي مهمة تزداد أهميتها مع الدور الذي أناطته بكم مدونة الأخلاقيات القضائية بصفتكم مستشاري الأخلاقيات.
حضرات السيدات والسادة
إن مهامكم تقتضي منكم إجادة تدبير الأزمات وتلافي مسبباتها، وتقوية الثقة في نظام العدالة في زمن تطغى فيه ثقافة التشكيك في أحكام وقرارات المحاكم، وفقدان الثقة، وهو ما يستوجب منكم استيعاب دقة المرحلة التي يجري فيها تنزيل مقتضيات الدستور المتعلقة باستقلال السلطة القضائية والإيمان بأهمية دوركم فيها، وإنني لموقن أنكم سترفعون هذه التحديات بعزيمة صلبة وإيمان راسخ للوفاء برسالة القضاء النبيلة ورفع تحديات المسؤولية القضائية في هذه الظرفية الدقيقة التي يعرف فيها المشهد القضائي تحولات دستورية وقانونية، قد تترتب عنها إشكالات جديدة في التدبير والتسيير الإداري للمحاكم، سيتعين عليكم التغلب على مشاكلها وتذليل إكراهاتها بالحكمة والرزانة والضمير المسؤول.
وفي هذا الإطار ينبغي استحضار دقة المرحلة التي تمر بها بلادنا والتي تتميز بتحديات كبرى وأوراش إصلاحية مهمة، في مقدمتها تنزيل النموذج التنموي الجديد.
ولا شك بأنكم قد اطلعتم على مضامين التقرير العام المتعلق بالنموذج التنموي الجديد الذي قدم بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم 25 ماي 2021، وما تضمنه من تشخيص للواقع وتوصيات ذات صلة بمجال عمل السلطة القضائية في علاقتها بتنزيل النموذج التنموي.
وهو ما يتطلب منا جميعا الانخراط التام والفعلي في تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي يصبو إليه جلالة الملك لبلادنا، وأن نتعبأ جميعا من أجل المساهمة في إنجاح الأوراش الكبرى التي نحن مقبلون عليها، وهي كلها رهانات أنتم قادرون على تحقيقها بفضل ما تتوفرون عليه من مؤهلات وما راكمتموه من تجربة مهنية وما تتحلون به من أخلاق وما أنتم متشبعون به من قيم وحس وطني عال.
في ختام هذا اللقاء لا يسعني إلا أن أجدد سعادتي باللقاء بكم في ختام هذا الاجتماع الذي بلا شك ستليه مناسبات أخرى نلتقي فيها معكم، معربا لكم جميعا وعبركم لكافة السادة مسؤولي المحاكم وجميع قضاة وموظفي وأطر كتابة الضبط عن تقديري الخاص لكم على ما بذلتموه وما تبذلونه من جهد مضن، راجيا الله تعالي أن يجازيكم على عطائكم الذي لا ينضب خير الجزاء.
حفظ الله مولانا أمير المؤمنين رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية جلالة الملك محمد السادس بما حفظ به الذكر الحكيم وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن والأميرة الجليلة للا خديجة وشد أزره بصنوه الرشيد الأمير مولاي رشيد وكافة أسرته الشريفة،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الدكتور مولاي الحسن الداكي
الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة